ساخر سبيل جبنة وزيتون الفاتح يوسف جبرا يحلو لنا دائماً كآباء كلما سنحت لنا الفرصة (ومرات بدون ما تسنح) أن نحكى لأبنائنا من الجيل الحالى عن الأيام الجميلة التى عشناها والتى لم يعيشوا (واحد على عشرة) منها حيث نخاطبهم فى كثير من الأحايين بقولنا: - هو زمنكم ده زمن؟ - هو إنتو شفتو حاجة؟ - والله إنتو مساكين ساااكت! مع إنو كل الأدلة بتقول إنو (نحنا) المساكين ونحنا الما شفنا حاجة! وإنو الفرق بين (الحياة) التى يعيشها (الجيل الحالى) والحياة التى (عاشها جيلنا) كالفرق بين السموات والأرض! (لصالحهم طبعن)! طيب أيه مناسبة الكلام ده؟ مناسبتو أن ابنى (ناجى) ذى الثمانية أعوام قد طلب منى هذا الصباح أن أشترى له (لابتوب) بحجة أننى أستحوذ على جهاز الكمبيوتر الوحيد بالمنزل وأننى أجلس فيه ساعات طوال متحججا بأنه لا يجد الوقت الكافى لمراجعة دروس (الوندوز) التى هى مقررة عليهم فى مادة الحاسوب! هنا أخبرته بأننى عندما كنت فى مثل عمره تماما كانت غاية أمالى أن أقوم بصنع عربة من (الجوالين الفارغة) أقص لها (أربعة لساتك) من (أحذية السفنجات القديمة البالية) واصنع لها (دريكسون) من الأسلاك القوية منطلقاً بها فى أزقة الحى! نعم إننا لم نعش أياماً جميلة ولا حاجة هذه هى الحقيقة بدون رتوش فقد عشنا مقارنة بأيامكم هذه يا ولدى أياما (زى الطين) فهذه (الشوكلاته) التى تطلبها من الحين والحين لم نكن نسمع بها (من أساسو) والأكل الذي تأكله يا عزيزى مافيش زول من أهلك شافو - وسندوتش (الجبنة بالزيتون) القاعدين (نحنسك حنيس) هسه علشان تشيلو معاك المدرسة - ما كان بيعملوهو لينا لأنو ببساطة ما كنا بنعرف إنو فى حاجة إسمها زيتون ( هو أنحنا كنا فاضيين من الكسرة بالملاح البايت)؟ بعدين يابنى حقو تعرف إنو مصاريف المدرسة السنوية القاعد أدفعها لحضرتك دى أبوى ما دفعا ليا مما إتولدت ولحدت ما إتزوجت أمك وأنجبت سيادتك - أما - بالنسبة للملابس يا أستاذ فأنا ما عاوز أوريك الصور بتاعتى لمن كنت فى المرحلة الإبتدائية زيك كده ، لأنك إذا دققت شوية فى الصورة ح تلاقى إنو قماش الجلابية (الدمورية) قد صنعت منه (الطاقية) وكذلك (شنطة الكتب) التى تتدلى من كتفى ولم يكن ذلك بالطبع على سبيل الموضة و(التطقيم) لكنه كان على سبيل (الإنتفاع) بقماش الجلابية إلى أقصى حد ممكن (ولو ما شافوها كتيره) كان عملو لينا منو (جزمة) بدل جزمة (الباتا) الكنا بنلبسا! أما (مسألة اللعب) فلك يابنى أن تعلم بأننى لم يحدث أن اشتريت لعبة في أي يوم من الأيام - إذ أننا فى ذلك الزمان الغابر كنا (نلعب مما نصنع) وكان الطفل الذى يقتنى لعبة (مستوردة) طفل مشبوه يتهمونه الأطفال (بالعمالة) وبتلقى دعم من جهات أجنبية! أما (التلفزيون) القاعد قدامو اليوم كلو تتابع بيهو القنوات .. شئ (إسبيس تون) وشئ أم بى ثرى وشئ ما عارف شنو وتتابع بيهو أفلام (الكارتون) و(المحقق كونن) و(توم أند جيرى) - فعاوز أقول ليك إنو (الحلة بتاعتنا دى كوووولها) كان فيها تلفزيون (أبيض وأسود) واحد و(توم أند جيرى) ديل كنا بنشوفهم فى مجلات الأطفال التى لم نكن نستطيع شراءها وكنت شخصياً (أستعيرها) من بعض أصحابى (المرطبين) لأقرأها فى الأوقات التى لم أكن ألعب فيها (بكرة الشراب) أو (علب الصلصة الفارغة) مع أطفال الحى! أما بالنسبة لحكاية أني دائما كنت دايمن (بطلع الأول) فهذه يا إبنى حقيقة - وده مش لأنى كنت (نابغة زمانى) لكن لأن الذى كان (يسقط) على أيامنا ليس أمامه أي فرصة أخري - سوى ارساله (للمنطقة الصناعية) عشان يتعلم ليهو أى شغلانة يدوية (فى الحر والسخانة ديك) وقد كنت أكره ولازلت الحر والسخانة (يعنى نبوغ بالإكراه)! ما أن إنتهيت من حديثى حتى خاطبنى (ناجى) الذى كان يستمع لى فى (ملل): - هسه ح تجيب ليا (اللاب توب) ولا ما ح تجيبو؟ - خلاص ح أجيبو ليك بس لمن أسدد لى ناس البقالات ديل حسابهم.. - لكن كده معناتو ما ح تجيبو ليا عشان سامعك بتقول لى أصحاب البقالات الحساب بقى كتير.. - طبعن كتير ... هو نحنا فاضيين من (الجبنة والزيتون) ! الرأي العام