مناوي: ما تحقّق اليوم في مدينة بارا هو نصرٌ لكل السودان    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    فرح السودانيين الصافي بعودة بارا إلي حضن الوطن له مايبرره    "كومبا" يضع رسالة على منضدة البرهان    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    إعفاء عبدالمهيمن: خطوة ذكية أم فقدان للخبرة الثمينة؟    الجيش السوداني والقوات المشتركة فرضا السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان    شاهد.. مقطع فيديو يوثق اللحظات الأخيرة لغرق "قارب" يحمل عدد من المواطنين بينهم "عروس" في النيل بوادي حلفا    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    والد مبابي: كيليان أبكاني مرتين ونجح في تحقيق ما عجزتُ عنه    رئيس الوزراء يطلع على مجمل القضايا بولاية شرق دارفور    شاهد بالفيديو.. أفراد بالدعم السريع يطلقون أغنية جديدة يهاجمون فيها قائدهم الميداني "أبو الجود" بعد هروبه من المعارك والقبض عليه: (أبو الجود ماشي لرخصان خلى كردفان وخذل ود حمدان)    شاهد بالصورة والفيديو.. "بحبها جد ونفسي اتكلم معاها لكن بخجل".. الفنان شريف الفحيل يعلن حبه و"إنبراشه" في ناشطة مثيرة للجدل    شاهد بالفيديو.. أفراد بالدعم السريع يطلقون أغنية جديدة يهاجمون فيها قائدهم الميداني "أبو الجود" بعد هروبه من المعارك والقبض عليه: (أبو الجود ماشي لرخصان خلى كردفان وخذل ود حمدان)    "الحاسوب الخارق" يتوقع فوز صلاح ب"ذات الأذنين"    إكتمال عملية الإستلام والتسلم داخل مكاتب اتحاد الناشئين بالقضارف    تعيين مدير جديد للشرطة في السودان    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    الفار يقضي بفوز فرنسا    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    شاهد بالصورة والفيديو.. رغم جلوسهم على فصل دراسي متواضع.. طلاب وطالبات سودانيون يفاجئون معلمتهم بإحتفال مدهش والجمهور يسأل عن مكان المدرسة لتعميرها    الهلال السودانى يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا وأهلي مدني يخسر    بالصورة.. المريخ يجدد عقد نجمه الدولي المثير للجدل حتى 2028    الهلال يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا    ترامب: الهجوم على قطر قرار نتنياهو ولن يتكرر مجددا    في الجزيرة نزرع أسفنا    جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الغارات الإسرائيلية على الدوحة    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عليّ إن لاقيتها ضرابها
نشر في الراكوبة يوم 26 - 09 - 2010


رأي
عليّ إن لاقيتها ضرابها
خليفة السمري - المحامي
ورد في صحيفة الشرق الأوسط أن البيت الأبيض وضع جدولا لرفع العقوبات عن السودان خطوة بعد خطوة، اعتمادا على تنفيذ حكومة الرئيس عمر البشير خطوات معينة، مع الاستمرار في التهديد بالتوقف إذا رفض البشير تنفيذ هذه الخطوات،وبحسب هذه المصادر، سيبدأ التطبيع بمبادرة من الرئيس أوباما برفع الحظر «في الحال» عن تصدير معدات زراعية إلى السودان، وكانت حكومة السودان قالت إن الحاجة لها ملحة للمساعدة في خطة تنمية زراعية واسعة. وسيعتبر أوباما هذه المبادرة «هدية، من دون أي شرط أو قيد». ثم ينتظر أوباما حتى يتم الاستفتاء، ويعترف البشير بنتائجه. بعد ذلك، سيصدر البيت الأبيض بيانا برفع الحظر على بقية الصادرات الأميركية إلى السودان. لكن، لن يشمل ذلك النفط، انتظارا لخطوات أخرى من البشير،وفي حال اختار الجنوب الاستقلال، واعترف به البشير، سينتظر أوباما ليتأكد من أن البشير سيوقع على حدود معترف بها بين الدولتين، وسيوقع على اتفاقية حول تقسيم ثروة النفط، وسيتعهد بعدم التدخل في شؤون الجنوب. في ذلك الوقت، سيعلن البيت الأبيض إرسال سفير إلى الخرطوم. ثم يبقى حل مشكلة دارفور «بما يرضي الأطراف المعنية». إذا تحقق ذلك، سيعلن البيت الأبيض تطبيع العلاقات تطبيعا كاملا، ويلغي كل قوانين المقاطعة.
وليس لنا أمام شروط الإذعان هذه سوى أن نقول: من يهن يسهل الهوان عليه «والتور إن وقع كترت سكاكينو» كما يقول مثلنا الشعبي،فالتطبيع الأمريكي الرسمي سيبدأ في الحال برفع الحظر عن تصدير معدات زراعية للسودان،والأغرب في الأمر ما نسبته الصحيفة إلى الحكومة من القول بأنها صرحت بأن الحاجة ملحة للمساعدة في خطة تنمية زراعية واسعة، وكأني بمعدات الزراعة أصبحت أيضاً سلاحاً نووياً لا تجوز حيازته إلا بموافقة أمريكا،وكأن روسيا والصين والهند وجميع دول العالم لا تزرع زرعها ولا تحصد ثمرها إلا بالمعدات الأمريكية، فهذه المعدات الموعودة هي حلاوة التطبيع «هدية» ثم بعد ذلك تقترب أمريكا من الحكومة بمنهجية خطوة ثم خطوة وفقاً لاستجابة الحكومة لشروط الإذعان المهينة التي على رأسها قبول تفتيت البلاد، فإذا تجرعنا كأس المهانة حتى حبحب الخمر فإن أمريكا ستكمل نشوة التطبيع هذه بإرسال سفيرها إلى الخرطوم،وعلىَّ إن لاقيتها ضرابها.
هذه هي أمريكا عهدنا بها دوماً أنها تملي على بلاد السودان شروطها في ظل النظم الشمولية،فعلت ذلك على أيام عبود وقصة المعونة معلومة للجميع ، وفعلت ذلك على أيام نميري وقصة الفلاشا على الناس ليس بخافية ،وها هي تراود الإنقاذ عن نفسها فلم تكتفِ بالتعاون الأمني لمكافحة ما يسمى بالإرهاب وإنما تريد منها المزيد ،لكنها أبداً ما استطاعت أن تعبث بكرامة الأمة السودانية في ظل النظم التعددية البرلمانية التي سادت البلاد لفترات قليلة،ذلك أن النظم البرلمانية تحصنها شفافيتها من مقارفة الدنيئة ،وتحميها من التورط في المحظور موازنات القوة والمعارضة الفاعلة،وهذا يدعونا للقول أنه لا مخرج لا للبلاد ولا للإنقاذ إلا في بسط مزيدٍ من الحرية والديمقراطية وإلا أنها ستكون عرضة للابتزاز بقدر ابتعادها عن التعددية والشفافية، وأظن أن قيادتها أدركت أنها تورطت في الخطل يوم أن ذهبت إلى نيفاشا بمعزل عن التنظيمات السياسية الأخرى وكان الحصاد حصرم السلام الواهن الذي عرض وحدة البلاد للخطر والتفتت والتشرذم.
إن مؤشرات الرأي وكل القياسات التي أجريت بشأن الاستفتاء ترجح حتى الآن انفصال الجنوب،وإذا كانت الغالبية حتى داخل المؤتمر الوطني نفسه أيقنت بأن خاتمة مطاف السودان ذاهبة نحو التقسيم بسرعات جنونية،إذا كان كل ذلك كذلك فما هي مغريات التطبيع الذي تطرحه أمريكا الآن،وهل من مبرر لرهن إرادة البلاد للأجنبي لقاء أمر تبشرنا أمريكا بأنه من باب تحصيل الحاصل «الانفصال»، أمريكا التي وقفت سداً منيعاً أمام أي تطور ديمقراطي في السودان تريد اليوم أن تبشرنا بأن سلام السودان ونمو السودان ونهضة السودان شمالاً وجنوباً منوطة بقبولنا لشروطها،وللأسف لقد صدق النائبان السيدان علي وكير هذه الفرية فطارا إلى ما وراء البحار ملتفتين عن الدعوى بالحسنى التي بشرت بها بعض القيادات السودانية لمناقشة كافة أزمات السودان بدءً بالانفصال المتوقع وانتهاءً بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، فلم يجدوا أذناً صاغيةً، لكنها سياسة العصا والجزرة الأمريكية، والترهيب والإغراء على نحوٍ يفقد العقول رزانتها ،وينسى اللبيب أن له ذهناً كان ينبغي أن يتفتق ليبدع حلولاً لمعالجة المشكلات، فيوم غد الأربعاء سيجتمع السيدان كير وعلي على مأدبة الأمريكيين التي تدس السم في الدسم، لا لتسم أشخاصاً وأفراداً ولكنها لتمزق أوطاناً وبلادناً،يساعدها في ذلك ضعفنا وهواننا على أنفسنا وعلى الناس جميعاً، فاليوم أمرُ وغداً علم، فأمريكا كما قال العارفون تريد في ظاهر أمرها سلاماً وأمناً وأماناً وانفصالاً سلساً بلا توتر ولا حروب، لكنها في الحقيقة دولة برغماتية في كل أمرها وشأنها، تدور مع مصالحها أينما دارت بها، ودليل ذلك أنها تدعم نظماً دكتاتورية في أفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط بل في العالم قاطبة ولا يمنعها من ذلك ما ينعم به شعبها من ديمقراطية داخلية لا ينكرها إلا مكابرُ صلف أو ظنينٌ مجافٍ للحقيقة، فالكل يعلم أن أمريكا كادت لديمقراطية السودان أيما كيد،وطاءها في كيدها هذا أهل جوارٍ لنا لا يريدون لبلدٍ مثل السودان أن يكون كلمةً شاذة في الإقليم العربي تجلب عليهم عدوى مرض اسمه الديمقراطية، وهذا ما يجعلنا لا نؤمل خيراً في رعاية أمريكا للمحادثات الجارية الآن بين الحكومة والحركة الشعبية بشأن مسائل الاستفتاء والديون والحدود وغيرها من المشكلات العالقة، بل تذهب بنا الظنون إلى القول بأن رعايتها لهذه المفاوضات قد تجلب على البلاد ضرراً بالغاً خاصةً إذا ما انطوى الأمر على صفقات سرية على النحو الذي درجت عليه أمريكا وأجهزة مخابراتها في تعاملاتها مع دول العالم الثالث التي تنقصها الشفافية والديمقراطية،لذا نقول أجدر بالسيدين علي وكير أن يتلمسا حل إشكالات البلاد وكافة المسائل العالقة بتوسيع ماعون المشاركة الفاعلة،بحيث تسع جميع أهل السودان ولا تستثني منهم أحداً، فإن كان من بين أهل الشمال من يختلف مع المؤتمر الوطني في رؤاه ،فإن من بين أهل الجنوب أيضاً من يختلف مع الحركة الشعبية في رؤاها وتصوراتها لمستقبل البلاد،فيجب ألا نحقر من المعروف شيئاً وكما يقولون النار من مستصغر الشرر،وفي الختام لن أكون مغالياً إذا ما قلت إن أمريكا لا تريد خيراً للسودان ولا لدول العالم الثالث قاطبةً، فجديرٌ بالنابهين الذين يريدون خيراً لبلدهم وأهلهم أن يقفلوا راجعين منها لا ليعروا سوءات بعضهم ويتنابذوا بالألقاب بل ليوسعوا الماعون ويناقشوا كافة قضايا البلاد صغيرها وكبيرها في مؤتمر جامع يتجاوز الأشخاص ومصالح الأشخاص ويكون حاديه مصلحة البلاد والعباد تهديه إلى سبل التوفيق والسداد،وبغير ذلك فليس لدي ما أقوله سوى ما قالت زرقاء اليمامة : إني أرى شجراً يسير ،والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.