إليكم الطاهر ساتي [email protected] الظافر .. و رحلة العدس والزبادي ..!! ** ممتاز..وعليه، إن كانت هناك جهة عالمية أوإقليمية تهب الجوائز للصحافة الإستقصائية، فأقترح تحفيز زميلنا عبد الباقي الظافر - الكاتب الصحفي بالتيار- بكل جوائز العام الفائت، نظير جهده الإستقصائي الخارق الذي أثمر لقراء زاويته - بتيار الجمعة الفائتة - موضوعا شيقا، وكان تحت عنوان : مع الزبير في قصره.. لم يعجبني أسلوب الكاتب فقط، ولامعلومات زاويته فحسب، بل عزيتمه التي تحدت المستحيل في سبيل إستقصاء الحقائق هي الأجدر بالإحتفاء.. نعم، أنها لعزيمة فريدة من نوعها يا العبيد أحمد مروح، ويستحق عليها الظافر تمثالا من ذهب نهر النيل ..فلنحلل ذاك الثالوث ونتعلم من الظافر : الأسلوب، العزيمة، المعلومة ..!! ** تكبد الظافر مشاق السفر إلي حاضرة ولاية الجزيرة وعاصمتها التي كانت تستقبل زائرها في العهود السابقة بعبارتها الرشيقة : إبتسم ، أنت في ود مدني .. الآن ربما تستقبلهم ب : أفسد ، أنت تحت حماة الفساد .. المهم، زميلنا الظافر ذهب إلي هناك، ونزل ضيفا عزيزا في قصر الوالي ، حيث أستضافه أمير المجاهدين البروف الزبير وبعض أركان حرب حكومته، وتناول معهم عشاء الزاهدين : عدس وزبادي ..ثم نام معهم في القصر، وعند الإستحمام فجرا لم يكن الماء كافيا، كما يقول الظافر - بعضمة قلمه - لتأكيد زهد الوالي حتى في الماء أو ربما لتأكيد ترشيده للماء ، الله أعلم ..ولذلك أشرت إلي عزيمة الرجل في سبيل تقصي الحقيقة..عدس و زبادي في قصر الوالي ، وكمان الموية قاطعة ، وهل هناك عزيمة أعظم من هذه ..؟ ** على كل، بعد الإستحمام نثر الظافر على منضة الوالي إتهامي له بحماية بالتستر على قضية فساد في جامعة الخرطوم، عندما كان سيادته مديرها ، وهي القضية التي وثقتها قبل كذا سنة، ثم أعدتها إلى ذاكرة الناس بها قبل أسبوع ونيف..سأله الظافر عن هذه القضية، فشرح له الوالي الأمر قائلا بالنص : ( كانت عبارة عن تجاوزات إدارية لأحد المقربيين مني، وقد دفع الرجل ثمن أخطائه كاملا غير منقوص ، ثم أستقال وترك الجامعة) ..هكذا رد الوالي على ضيفه الكريم، الصحفي الإستقصائي الذي تكبد كل هذا المشاق ليستقصي حقيقة هذا الإتهام .. سجل الضيف رده ثم عاد به فرحا إلي صحيفته، ونشره للناس يوم الجمعة بمظان أنه ( إستقصى الحقيقة )..!! ** لم يسأله عن حجم المبلغ المختلس، ولم يسأله كيف إنتهت القضية ، ولم يسأله عن البلاغ الذي تم حفظه - بتوجيهه - بنيابة المال العام ، ولم يسأله عن الثمن الذي دفعه مجاهده المختلس والذي يصفه حاليا ب( أحد المقربيين مني ) ..ولم يسأله إن كان تسديد المبلغ تم بالتقسيط المريح كما وصى أمير المجاهدين،أم عبر المحكمة بعد السجن والغرامة كما ينص القانون؟.. ولم يسأله : هل إستقال المجاهد المختلس أم أصطحبه أميره معه إلى وزارة العلوم والتقانة ليدير إحدى إداراتها؟..ولم يسأله : لماذا يمنح أمير المجاهدين، مجاهده المختلس شرف الإستقالة ؟..كل هذه الأسئلة وغيرها - إجاباتها موثقة في زاويتي تلك - وهي الزاوية التي تأبطها الظافر حين تكبد مشاقر الرحلة إلي قصر الوالي..ومع ذلك لم يسأله تلك الأسئلة ذات الإجابات الموثقة ، بل عاد سعيدا - بعدما أكل العدس والزبادى واستحمى كويس - لينشر ذاك الرد الهزيل بمظان : لقد تقصيت الحقيقة ..!! ** عفوا، لم يكتف الظافر بنشر رد الوالي ، ولو فعل ذلك لما كتبت هذه الزاوية، بل نشر الرد ثم كال لي من الهمز والغمز ما إستطاع إليهما سبيلا ، بأسلوب لم يعد متوفرا حتى فى ( قعدة نسوان القهوة ) .. ولذلك أشرت بأن هذا الأسلوب النادر يستحق الإحتفاء، لكي لايندثر.. ولم ينس الظافر بأن ينصحنا في نهاية مرافعته عن الوالي بالآتي نصا : على الجميع توجيه النيران للقضايا وعدم إصابة الأفراد.. يا سلام على نصيحة كهذه ، حين يكون الناصح صحفيا قادما من أمريكا، حيث الصحافة الحرة والصحفيين الأحرار.. ينصحنا بأن نتحدث عن قضايا الفساد، ولكن دون الإشارة إلي المفسدين وحماتهم ..كيف لكن؟.. الله أعلم، ثم هي عبقرية يعرفها الظافر فقط ، هكذا - مثلا - يجب أن نتناول قضايا الفساد : هناك فساد بجامعة الخرطوم، وكان يجب أن تأخذ فيه العدالة مجراها، ولكن (همهمهمهم)..!! ** أي ، ذاك ما ينصحنا به عبد الباقي الظافر.. ينصحنا بأن (نهمهم ) في تناول قضايا الفساد وغيرها، كما الأنعام ، دون ذكر أسماء المفسدين وحماتهم ، وبذلك يشبع الظافر - وامثاله - عدسا وزباديا في قصور الولاة، ويشبع شعبنا المنكوب فقرا ونزوحا في وطن يضيق بهم وبآمالهم عاما تلو الآخر من أفعال المفسدين وحماتهم ، لعنهم الله ولابارك لهم في أرزاقهم وأعمارهم ..ثم يهددنا عبد الباقي الظافر ذاته - بلسان الوالي - في ذات الصحيفة ، ولكن في مساحة أخرى ، كاتبا بالنص : شرعت حكومة الولاية في رفع شكوى ضد السوداني التي أتهمته بحماية الفساد، وجهود الوسطاء لم تفلح في لجم غضب الوالي.. هكذا كتب الظافر بعد أن شبع عدسا وزباديا في قصر الوالي ، وعليه أفيدك يا صديقي : الصحيفة لم و لن تفوض أي وسيط ليحول بين الوالي ورفع الشكوى، وكذلك لم ولن ألجأ في يوم من أيام حياتي إلي وسيط يصلح ذات البين بيني وبين المفسدين وحماتهم، وكما لا أطيق أفعالهم لا أطيق أن أكون متصالحا معهم أيضا، فمن هم الوسطاء الذين يبذلون الجهود من ورائنا أو كما كتب عبد الباقي الظافر ؟ ** على كل حال ، فليذهب الوالي - متابطا ضيفه الظافر هذا - إلى أقرب محكمة اليوم قبل ضحى الغد، سيجدني إن شاء الله ثابتا في موقفي وراسخا في قولي : نعم، لقد أفسد أحد العاملين مع البروف الزبير بجامعة الخرطوم، تزويرا وإختلاسا، وكان يجب ان يحاكم على فساده ذاك في نيابة المال العام ، ولكن البروف الزبير وفر كامل الحماية لهذا الفاسد ، ولذلك لم تأخذ العدالة مجراها..هذا ما وثقته قبل كذا سنة وعدت توثيقه قبل أسبوع ثم اليوم أيضا ، لم ولن ينقص حرفا من توثيقي هذا ، وكل من يتظلم من توثيقي هذا فتلك محاكمنا،والوسطاء - الذين يتوسطون دون علمنا وبعلم الظافر- يمتنعون..ولا أدري ، هل أنت الوسيط الخفي يا الظافر؟..بعد هذا السؤال، لايسعني إلا أن أخاطب عبد الباقي الظافر بنص فحواه : إذا لم تستح فأفعل ما تشاء حتى ولو كان توسطا بيني وبين الوالي، علما بأن رحلة التوسط لن تكون أقبح فعلا وأفضح قولا من رحلة العدس والزبادي والإستحمام و جلب الإعلانات.. ثم ،عليك أن تصلح نظرتك - ثم وضع نظارتك - لتتمكن من استقصاء الحقائق بشكل أفضل، هذا ما لم تكن رسالتك في الحياة هي : الدفاع عن أولياء نعمتك ، أي ( الفاسدين وحماتهم )...!! ............... نقلا عن السوداني