محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] المشادة القلمية الناشبة منذ مدة بين الزميل الصحفي الجريء الطاهر ساتي بالزميلة ( السوداني ) ووالي الجزيرة البروفيسور الزبير بشير طه.. والتي يبدو ان لها ما قبلها من الخلفيات القديمة .و.تجددت علي خلفية اثارة قضايا الفساد في مفاصل السلطة التنفيذية وتوابعها من السلطات الادارية . في الولاية أخيرا..لم تقف تلك المشادة عند الطرفين ..بل جرت الي معتركها صديقنا الصحفي عبد الباقي الظافر الذي ذهب الي مدني مبعوثا من الزميلة ( التيار ) وحل ضيفا علي الوالي شخصيا في داره وتناول معه عشاءا ذكر انه متقشف . وبسيط.. اذ تكون من العدس والزبادي .. وحيث انني لا أو د اقحام قلمي في لب القضية التي اري ان الطاهر هو الأولي بالوصول الي مداها.. ونهاية ميسها..وان الوالي هو المنوط به مواجهة الموقف بنفسه طالما انه خرج الي الراي العام عبر مرآة الصحافة الشفافة..ولست ايضا بصدد وضع نفسي مقيما لما جاء به الظافر من افادات ايا كانت وايا كان هدفه منها.. فكل الأطراف امامها الفرصة لمواصلة اجتهادها في الاتهام وحقها في الدفوع.. .وتحكيم الضمير في تجلية الحق من الباطل .. ونامل ان تصب النتجة في النهاية وتكون خاتمة المحصلة في مصلحة الوطن العامة.. بيد انني وباعتباري من ابناء ولاية الجزيرة.. تلك التي حملت رجلين علي كتفها هما النيلين الأبيض والأزرق حسب مقولة الآمام المهدي .. ولكن حينما احتاجت لهما في ايام مسغبتها وجحود المركز وتعمد كل الولاة المتعاقبين اهمالها .. لشيء في نفس يعقوب. لم تجدهما لحملها في وكستها. فقد لفت نظري في مقال الأخ الظافر محاولته رسم. صورة الوالي الزاهد في ترف الطعام. والمياه شحيحة في منزله كسائر بيوت المواطنين العاديين.. وهو أمر بالطبع لانريد التقليل منه باي حال من الأحوال ..الا اذا كان مشهدا مرسوما في حضور الصحافة التي جاءت للاستقصاء حول امر يتعلق بذمة الوالي شخصيا.. والذي هو من بيئة الجزيرة التي عرف اهلها بطبيعة الثقافة الغذائية البسيطة .. فقد كان الوالد عليه الرحمة يطلب من الوالدة يوميا في العشاء عمل ( ملاح الويكاب و ملاح الروب و العصيدة.. ) رغم وجود اصناف من الطعام كالفول .. والشعيرية..والعدس ..فيما كنا نحسبه ترفا ورفاهية يتميز بها بيت رجل كان زعيما في اتحاد المزارعين. لم يكن يملك الا خمسة فدان من كل مساحة المشروع الراحل.. فالمسألة هي ثقافة واشتهاء النفس لنوعية من الطعام ليس الا.. اذ لا أظن ان ثلاجة الوالي قد تأثرت بارتفاع أسعار اللحوم والسلع الأساسية أو حتي سعر الخراف التي كان من الممكن ان يكرم مثوي الظافر بنحر ولو حمل.. يخفف عنه وعثاء و جوع المشوار و يحفزه للعودة الي صديقنا عثمان ميرغني بغنيمة من السبق الصحفي أو الثقل الاعلا ني علي أقل تقدير..كما جاء في تعقيب الطاهر ساتي.. وحيث ان الشيء باشيء يذكر والحديث ذو شجون.. تحضرني هنا حكاية الراحل / نصر الدين السيد ا لعضو الأتحادي البارز والوزير انذاك في احدي حكومات السيد اسماعيل الأزهري..والتي حكاها لي أحد المخضرمين من عمالقة صحافينا..اذ قال اثناء خروجنا من القصر الجمهوري بعد مؤتمر صحافي مشترك بين وفد حكومي زائر مع نظيره السوداني وحيث كان مقررا ان يتغدي الجميع في الفندق الكبير .. جذبني الوزير نصر الدين وقال لي ياخي دعك من غداء الرسميات وانجعاصة كراسي الفنادق وتعالي تغدي معي بالبيت.. قال استاذي الصحفي تلمظت مثل أشعب وقلت دعوة مغرية غداء وزير لن يقل عن اصناف الفندق ان لم يضاهيها كما وكيفا.. وذهبت معه.. وبعد ان صلينا الظهر .. امر الوزير باحضار الغداء..وكانت المفاجأة انه رشوشة كسرة باللحم..والسطة كلها في صحن طلس كبير .. فقلت له . بين الغيظ والضحك.الله يهداك يا معالي الوزير..تحرمني من غداء الفندق الكبير.. لهذه الفتةالتعيسة ؟ فرد عليه الوزير .. ولكنها حلالا.. من حر ماهيتي التي لاأملك غيرها فانا ياسيدي وزير موظف عام ولست حراميا .. فدمعت عينا استاذنا من صدق ذلك التقشف المبني علي القناعة والورع.. وقال والله كانت احلي وأطيب وجبة تناولتها في حياتي .. مع الوزير الزاهد والصادق في وطنيته والأمين في عمله.. رحمهما الله..فقد كانا من رجال الزمن الفارق عن زماننا.. و نتمني ان يكون تقشف والينا الجديد .. ..اصيلا وليس تمثيلا..و بذات الروح نرجوه ان يجتهد علي رد مظالم اهل الجزيرة اليهم باجتثا ث فساد دواوين حكومته الذي استشري وفاحت رائحته.. حتي وصلت الي كل ارجاء الولاية المنكوبة في ولاتها وقادتها..وأفنديتها.. وساعاتها سنقول حكم والينا الزبير وامير مجاهدينا.. فعدل ونام قرير العين .. بعد ان تعشي مما نزرع .. وتغطى مما نصنع ..محفوفا بدعوات العباد. ان ينجو من براثن الفساد..وينحاز دائما لمصلحة البلاد... والله المستعان وهو من وراء القصد..