[email protected] الحقيقة التي يجب أن نعترف بها ان شئنا أو أبينا، هي أن ظروف ال (حالة صعبة عيشة مُرة يا راحة البال زورينا مَرة) قد غيرت الكثير من الاشياء حولنا، وأهمها نفسية الطفل الذي اصبح يكره المدرسة سواء أن كان ضعيف اكاديميا أو متفوقا، فلا يوجد ارتباط بين كراهية المدرسة، وبين الطلاب الذين يتصفون بالكسل أو الطلاب الذين يعانون من ضعف الاستيعاب وقلة التركيز.. فالكل في كراهية المدرسة سواء .. إذا استثنينا الظروف القاسية التي يدرس فيها الطلاب، كانقطاع الكهرباء والعدد الكبير في الصف الواحد والفصول الآيلة للسقوط، فان الدروس الخصوصية قد أضافت عبئا اضافيا على الطفل، فما أن يلتقط أنفاسه حمدا لسلامته بإنتهاء اليوم الدراسي، حتى (يشبك) في ترس حصص التقوية والدروس الاضافية .. الطالبات في طور الصبا حرمن من المناشط (النسوانية) التي تهيأهن لمسك البيوت في المستقبل، فلا حصص تدبير منزلي للبنات ولا الوجبات اللذيذة التي كنا نطبخها زمان، ولا تعليم مهارات التطريز والكرشية والقضبة والخياطة، التي تملأ فراغهن عندما يصبحن ربات بيوت وتمنعهن عن كثرة النقة .. أما الصبيان في سن المراهقة، فهم أكثر تمردا على المدرسة التي لا يوجد فيها سوى الدراسة والواجبات المكثّفة، فلا أنشطة رياضية ولا ليالي ثقافية ولا يحزنون، اضافة الى جو الاحباط العام، فهؤلاء الطلاب يعرفون من واقع المعايشة أن اقربائهم أو أخوانهم الخريجين لا يحصلون إلا على رواتب ضعيفة جدا - ده لو اشتغلو من أساسو - لا تكاد تكفي لمواجهة منصرفات يوم واحد، وان من يعمل في الاعمال الحرّة - ان وجدت - ولو كانت بيع الماء، فإن دخله يكون اضعاف مدخول رصيفه الخريج .. فلماذا يتعلمون ؟ وما فايدة السهر وتقديد العيون. وحتى لا نوصم بالتباكي على الزمن الجميل وهي تهمة يصيب رزازها كبار السن والعجائز، نقول أن كراهية المدرسة مسألة قديمة حديثة، ولكن الفرق في الماضي كانت نسبة الكراهية أقل بكثير من الآن نتيجة اختلاف الظروف، كاختلاف طرق التدريس ونوعية المدرسين والاهم نوعية الطلاب .. أما عن نوعية الطلاب فحتى قبل عشر سنوات لم يكن الطلاب يعانون من التشتت والتنازع بسبب مغريات الغزو الالكتروني كالذي يحدث الآن .. العاب البلي استيشن ومراكز النت كافي ومحلات العاب الكمبيوتر التي انتشرت في مكان محلات الاتصالات وتركيب العطور .. فقد هالتني كمية طلاب الثانوي (الداكين) ومتجمعين بملابسهم المدرسية أمام شاشات الكمبيوترات في أحد مقاهي (النت كافي)، كنت دخلته ذات صباح لأرسل مادة العامود للصحيفة في واحدة من عصلجات كمبيوتري وحركات مزاجه الخاص .. ترددت لحظة قبل أن أعبر الباب عندما فوجئت بتلك الكمية من الطلاب فقد حسبت أنني دخلت بالغلط ل (لاب كمبيوتر مدرسي) .. طبعا دي احلام زلوط !! وأما عن اختلاف نوعية المعلم، ف معلم اليوم مجابد ومشلهت ويعاني نفس معاناة طلابه من الازدحام وكثرة الطلاب التي تتسبب في تفلت زمام الأمور من بين يديه فيلجأ ل سوطه لحفظ النظام .. شخصية المعلم - في بت أم روحو - من أهم المؤثرات خاصة معلم المرحلة الابتدائية، فالطفل هنا في بداية تكوينه النفسي، ويحتاج دوما الى الحب والحنان، والمعلم هو الأب أو الأم الثانية .. فان أحبه أحب المدرسة وان كرهه أو خافه كره كل ما يمت للمدرسة بصلة حتى المشاورة والطباشيرة .. ولعلي حكيت عن خوف أخي الصغير من غفير المدرسة، حتى أن ابي حاول أن يؤدم بينهما ويكثر من بكششة الغفير حتى يزرع المحبة بينهما، حتى لا يكره أخي المدرسة بسبب شناة الغفير .. أخطر ما في الموضوع هو اختفاء ساحات وملاعب المدارس الواسعة التي كنا نسرح ونمرح فيها طولا وعرضا، ونجري فيها سباقات الجري والكمبلت حتى تتقطع أنفاسنا، فقد تحولت المدارس الى بنيان مرصوص فقط فلا ساحات ل اللعب الحر ولا حصص رياضية ولا مكتبات ولا معامل مختبرات .. بل لا اختلاف يذكر بين شكل الفصول وزنازين السجن .. كوبر وليس زنازين (الشاكي دقس ) الخمسة نجوم .. حكو لي بيها والله .. عشان ما نمشي بعيد ! ايقظت صغيري الحتالة ذو الخمس سنوات في الصباح للمدرسة، فبكى بحرقة ونكد عظيم رافضا فكرة التحرك من فراشه، وعندما بدأت مشروع الحناس وشحذ الهمم، إذا به يقول باخلاص وصدق من وسط دموعه: يا ماما أنا ما عاوز المدرسة .. عاوز أعرس وأقعد في البيت !! الرأي العام