العصب السابع الفكي قوم (صلِّي)..!! شمائل النور (الفكي قوم صلي... مابصلي... جيبوا السوط ...الله أكبر)، هذا الحوار هو لعبة عالقة بأذهان الكثيرين منّا، سياسة السوط التي تستخدمها الحكومة التي تقمع شعوبها وتُكمم أفواههم بالسوط، هي الآن في حالة تبدُل أدوار، السوط الآن بحوزة المواطن. إذاً مطالب المواطنين ليست من مشتقات لبن العصفور حتى يستعصى حلها، فهي لا تتعدى أبسط حقوق المواطنة المشروعة التي تلبي للمواطن حقه في الأمن قبل نصيبه من الرفاهية والعيش الإنساني، طالما أن بمقدور السلطات المحلية بولاية الخرطوم أن تقوم بما قامت به يوم الخميس بشارع الستين، لماذا كل هذا التلكؤ..؟ ففي أقل من (نصف يوم) تم هدم أجزاء متفرقة من شارع الستين ونُصبت إشارة مرور إضافية في ذات الوقت لتنظيم حركة السير، درءاً للحوادث، وكان من المُمكن أن يتم ذلك بكل هدوء وقبل ذلك بكثير، لكن الحكومة فُطرت على سياسة (الفأس والرأس). ظل مواطنو حي الجريف غرب المُطل على شارع الستين يهبون أرواح أبناءهم التي دهستها صدامات الشاحنات الجرارة بالمركبات الصغيرة والركشات، ظلوا ينادون السلطات المحلية بالإصلاح منذ أن أُوجد شارع يُسمى بالستين، وفي كل مرة تعد السلطات المحلية ولا تفي بوعودها، كما تعودنا، فما كان من هؤلاء الأهالي الذين لحق بهم الضرر لسنوات إلا أن يخرجوا إلى الشارع رجالاً ونساء وشباب ويطالبون بحضور الوالي ولا أقل من ذلك، لأن الذين وعدوا قبله لم يفوا بوعدهم. رجالات الأجهزة الأمنية والشرطية حضرت إلى موقع الحدث وفي مخيلتها سيناريوهات تونس ومصر وليبيا، فأغلقّت جنبات شارع الستين واقتلعت من بعض المواطنين هواتفهم النقالة التي تحمل تقنية الكاميرا والتي لا تحمل هذه التقنية، لأن في مثل هكذا مواقف (الديجانقو لا يفرز) وإن كُتب لهذه المظاهرة أن تتحول إلى ثورة ضد الحكومة مثل ما يحدث حولنا، وكادت بالفعل أن تتحول بحضور بعض أئمة المساجد بحي الجريف وحثهم الأهالي على الخروج إلي الشارع عبر مكبرات الصوت، فليس من المجدي لهذه الأجهزة القمعية إقتلاع الهواتف الجوالة، ففي الاسكندرية عندما قتل ذلك الشرطي شاباً من المحتجين بإطلاق عيار ناري، لم يكن ملتقط الفيديو موجوداً في موقع الحدث، بل كانت كاميرا الموبايل تأخذ موقعها من شقة في عمارة في أول الشارع، وكان من يقوم بالتسجيل في درجة عالية من الثبات، وظهر الفيديو في أعلى درجات الوضوح، وهو الآن دليل دامغ. فليس من داعٍ لهذه الأساليب الأمنية المتواضعة، لأن التكنولوجيا أكبر مما يتخيل هؤلاء. يبدو أن الحكومة بدأت تعي الدرس جيداً ورغم إعجابنا بسرعة الإستجابة من قبل السلطات المحلية إلا أن مظاهرة الستين في اعتقادي انها أعطتنا ترمومتر جيّد غير مُخطط له لكيفية التعامل مع الحكومة خلال هذه المرحلة، لانه وببساطة جداً لن ينفع المواطن أن يظل يتسول ويتوسل إلى الحكومة حتى تمّن عليه بحقوقه المشروعة، فما على المواطن إذاً إلا تطبيق سياسة (الفكي صلِّي) إلى أن يتعلم هذا الفكي فرائض الصلاة ومبطلاتها، ويحفظ تماماً مواقيت الصلاة، والسوط موجود حال انتكس هذا الفكي عن فرائضه، واحتمال الانتكاسة وارد... الشارع هو الذي يأتي لك بحقك في مكانك. التيار