[email protected] سرحان ومِهوّد وفاطي سطر وما مِجمع كلها مترادفات لوصف الانسان بكونه ضعيف أو قليل التركيز، وعلة السرحان تقع في المنطقة الوسطى ما بين النسيان وعدم القدرة على قراءة الواقع قراءة صحيحة، وربما يكون سبب العلة هو انشغال القلب والفكر بهموم ومشاكل الدنيا غير المنتهية. كان بدر هو كبير قبيلة بني سرحان بدون منازع، فقد لازمته صفة السرحان منذ الصغر، ففي صغره كانت جدته دائما ما تناديه قائلة: هآآآ المِهوّد هوي!! وفي المدرسة اطلق عليه زملاؤه اسم (سارح ديمة) أما في الجامعة فقد حاز على لقب (الهيمان) فطغى عليه اللقب حتى نسي الناس اسمه الحقيقي. تخرج من كلية الزراعة ففكر في انشاء مزرعة صغيرة لتربية الابقار والدواجن مستغلا في ذلك ميراثا بسيطا جاءه بعد وفاة جدته، ازدهرت المزرعة وتوسعت فاستعان على ادارتها بمجموعة من العمال الذين كان يشرف عليهم ويساعدهم في جمع وتوزيع البيض وبيع اللبن في الامسيات، كانت كل اموره تسير في سلاسة ويسر يحسده عليها الآخرون ولكن مع مرور الايام زادت عليه علة السرحان حتى سارت بنوادر سرحانه الركبان. كان لا يستطيع القيام بعملين في نفس الوقت مستندا إلى نظرية (صاحب بالين كضاب) ، فحين يقوم ببيع اللبن لاحد المشترين كان يحسب عدد ارطال اللبن بصوت عالي اثناء سكبها في الاناء حتى لا يسرح ويضيع منه الحساب فيقول: واحد .. اتنين .. تلاتة ....حتى اكتمال الكمية المطلوبة ولكن لم يكن يخلوا الامر اثناء ذلك من عابر طريق يمر فيلقي عليه التحية: السلام عليكم يا بدر فيرد عليه السلام قائلا: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته ثم يسارع باعادة سكب اللبن في (التمنه) ويبدأ في الحساب من جديد، فهولا يستطيع ان يجري ويعكس في نفس الوقت أو (يسلم و يعد) ولكن ما ان يبدأ العد من جديد ..واحد.. اتنين .. تلاتة .. حتى يمر آخر ويلقي السلام فيرد عليه السلام ثم يعيد سكب اللبن وهكذا الى ما لا نهاية حتى يأذن الله له بالخلاص فيكتمل العد دون ان يمر احد أو يقوم المشتري بحساب عدد ارطال لبنه بنفسه للمخارجة من سرحان بدر، وقد (تبوظ) حكايتو تماما اذا تآمرعليه العمال فسأله احدهم اثناء عدّه للبن قائلا: الساعة كم يا بدر فحينها يدير يده لينظر في الساعة ويرد : الساعة ستة ونص. ويكون رده متزامنا مع آخر نقطة من اللبن المسكوب على الارض بعد (قلبه) للاناء حتى يرى الساعة! كان اذا ركب سيارته متوجها الى منطقة بري مثلا يسرح ويمسك الدرب حتى بحري وعندما ينتبه انه ابحر في بحري بغير هدى يتوقف بسيارته على جانب الطريق ويسأل نفسه: يا ربي انا كنت ماشي وين؟!! وعندما يتذكر يعود ادراجه الى بري ولذلك عندما ماتت احدى ابقاره ربطها له العمال في مؤخرة عربته البوكس وطلبوا منه ان يسحبها معه بعيدا، ولكن (سارح ديمة) لم يتوقف إلا امام منزله دون ان ينتبه (للعترابه) التي اثارها خلفه بجر البقرة الميتة الى البيت ولا الى نظرات الاستغراب من اهل الحي المتحيرين فيما يحدث. أما اطرف ما يحكى من نوادره انه وبينما كان عائدا من المزرعة في احد الايام وقد شحن اطباق البيض على ظهر البوكس لتوزيعها على دكاكين الحي في طريق عودته، وفي اثناء سيره صادف (بكري المجنون) وهو احد مجانين الحي المعروفين فتوقف له على جنب الطريق حتى ركب معه على ظهر البوكس ثم واصل طريقه، وفي اثناء سرحانه حانت منه التفاته لينظرفي مرآة العربة فوجد ان بكري المجنون قد استعمل البيض كحصي رجم ، فكان يحمل البيض بكلتا يديه ويستعمله في (التنشين) على رؤوس كل من يصادفهم في الطريق، اسرع بدر بالتوقف والنزول من العربة وهو يشير لرأسه ويصيح: بكري .. بتفلق في الناس بالبيض مالك ؟ انت مجنون ؟!! الراي العام