تراسيم.. ليلة القبض على خليل !! عبد الباقي الظافر. فرقة (الكوماندوز) شقت طريقها إلى داخل فندق البحيرة في طرابلس.. كانت تدرك عنوانها جيّدا.. طلائعها التي قادها عميل ليبي احتلت غرفة مجاورة لجناح خليل إبراهيم.. في دقائق معدودات تمّ اقتياد الدكتور خليل إبراهيم إلى داخل عربة مظللة.. بسرعة فائقة تمّ تقييد يديه ووضع عصابة على عينيه.. المجاهد الأسبق كان مذهولاً.. لم يدرك على وجه اليقين إلى أي قبلة ذاهب.. ربما سقطت طرابلس والثوّار يريدون أسره.. ربما الشيخ الترابي أرسل رجاله لمساعدته للإفلات من كمين الحكومة السودانية.. وربما هؤلاء عسكر الفريق محمد عطا المولى.. المشكلة أنّ القوى التي ترافقه ليس من بينها سوداني واحد. بعد مسيرة ساعات وصلت القافلة إلى السلوم المصرية.. أمام فندق صغير توقّفت سيارة المرسيدس الفارهة.. قبل أن يترجّل الدكتور خليل من السيّارة المظللة.. يلمح من على البعد وجه (أخيه في الله) سابقاً غازي صلاح الدين.. غازي يقترب من العربة.. وخليل يوقن أنّه وقع في الأسر.. مستشار الرئيس يفتح بنفسه بوابة السيّارة يتصدق بابتسامة تعقبها تحية موجزة.. ثم يرمي بطوق نجاة لخليل.. جواز سفر سوداني ساري المفعول.. في هذه اللحظة يستيقظ خليل إبراهيم من النوم ومن النافذة يري طرابلس تغطيها سحب دخان كثيف.. حلف الناتو يقصف معاقل القذافي.. والجماهير الغاضبة تنقب في طرابلس (زنقة زنقة) بحثاً عن المرتزقة الذين ساندوا نظام العقيد القذافي في أيّامه الأخيرة. ولكن مؤلف استراتيجية دارفور كان مشغولاً بشيء آخر في هذه اللحظات.. ليس من بين اهتماماته إنقاذ مواطن سوداني محاصر.. غازي صلاح الدين يقترح استفتاءً في دارفور في غضون تسعين يوماً.. يحدد المواطنون خيارهم بين إقليم موحد أو ولايات متعددة. والرئيس البشير يعلن عن قيام ولايتين جديدتين في جنوب دارفور.. واحدة تحمل اسم بحر العرب.. وأخرى تخاطب أشواق الفور في جبل مرة.. الرئيس يعلن فتح الباب لقيام ولايات جديدة.. و وزير ماليته يقترح أكل الكسرة وربط الأحزمة على البطون الخاوية.. وقبل أن يتم الإعلان الرسمي عن تفريخ ولايات جديدة.. تصرخ ولاية غرب كردفان تطالب بالانفصال عن جبال النوبة.. والشوايقة والبديرية يريدون تقرير مصيرهم عن نوبة أدنى النهر. الحكومة قبل أن تستمع إلى مطالب حركات دارفور المسلحة تبدأ في تقديم التنازلات.. والحكومة قبل أن تحاور القوى الحقيقية في الميدان المتمثلة في حركة العدل والمساواة تجد أنها منحت أقصى ما تستطيع لقوى لا تملك شيئاً في الواقع. في ظل هذه الغيوم ستجد الحكومة تحاور نفسها.. حتى الحركة التي يقودها الموظف الأممي التجاني سيسي ستنصرف من منبر الدوحة إلى شيء غير الحوار.. ما دامت الحكومة تتنازل دون أن يسألها أحد. صنع أنور السادات السلام بخطوة جريئة عندما حطّ رحاله بمطار بن غريون في تل أبيب.. الحكومة محتاجة أن تتحرك إلى الأمام في ملف دارفور.. أن تصل إلى خليل إبراهيم الآن في طرابلس وتمنحه الحرية في محاربتها.. عندها سيختار خليل السلام. التيار