تراسيم.. ثورة غازي صلاح الدين!! عبد الباقي الظافر عرفت الخرطوم في العام 1976م الشاب غازي صلاح الدين باعتباره أحد الوجوه التي أبلت بلاء حسنا فيما عرف وقتها في أدبيات مايو بحركة المرتزقة.. ولم يبق في شخصية المستشار غازي من آثار تلك المعركة إلا قوة اعتداده برأيه واستعداده التام إلى الذهاب إلى ما وراء خطوط النار في عمله السياسي. بعد المفاصلة التأريخية بين الإسلاميين والتي كان غازي صلاح الدين أحد أبطالها.. تلك المفاصلة التي منحت الإنقاذ شوطاً إضافياً في الملعب السياسي.. في تلك اللحظة المفصلية.. كان قادة المعسكرين يتراشقان بالحجارة.. إلا أن غازي خرج سراً من صف القصر وتبادل عدداً من الرسائل السرية مع شيخه السابق الترابي.. مراسلات غازي والترابي لم يكن هدفها تحقيق مصالحة بين الفريقين بقدر ما كان مرجواً منها تحديد الحدود المحرم تخطيها في التعامل السياسي.. ولو قدر لتلك المفاهمات أن تثمر لتغير وجه الصراع بين المؤتمر الشعبي المعارض والوطني الحاكم. في الدوحة القطرية وقبل عامين كانت المفاوضات تراوح مكانها.. مضى غازي صلاح الدين سراً إلى العاصمة التشادية.. وعبر اختراق نادر نجح صلاح الدين في تحقيق اتفاق إطاري مع حركة العدل والمساواة.. أكمل غازي النقاش على التفاصيل ثم مضى وأخوه خليل إبراهيم إلى الدوحة القطرية لإشهار الاتفاق الإطاري. الدكتور غازي صلاح الدين ينطلق في غزوة جديدة ومن موقعه كرئيس للهيئة البرلمانية للحزب الحاكم.. غازي ومجموعة من نواب الحكومة يبحثون عن خطة إصلاحية جديدة.. خطة غازي التي نشرت الزميلة الرأي العام بعض ملامحها تشمل الحزب والحكومة.. تتحدث عن ضخ دماء جديدة في شرايين الحزب الحاكم. ربما يظن البعض أن التحرك على جبهة البرلمان يهدف لذر الرماد في عيون الجماهير المتحمسة للتغيير في موسم الثورات الشعبية في الإقليم العربي.. ولكن بغض الطرف عن هدف مبادرة غازي حري بنا أن نسال إن كان الحزب الحاكم مستعداً لمذكرة عشرة جديدة.. المنطق يقول إن قطاعات واسعة داخل المؤتمر الوطني بدأت غاضبة على استئثار أقلية بالقرار داخل حوش الحزب.. بدأ ذلك واضحاً في مقالات البروفيسور مصطفى إدريس التي أطاحت به من موقعه كمدير لجامعة الخرطوم.. عزز ذات الاتجاه ومن زاوية أخرى اللواء حسب الله عمر نائب الأمين السياسي للمؤتمر الوطني الذي اتهم دائرة ضيقة بالإحاطة بالرئيس عمر البشير.. هذه الدائرة في رواية حسب الله تمنع التواصل المباشر بين الرئيس وأعضاء حزبه الحاكم. إذا كان الدكتور غازي صلاح الدين جاداً في ثورته الإصلاحية عليه أن يبدأ بنفسه.. غازي صلاح الدين يزاوج بين العمل الاستشاري في القصر والتشريعي في البرلمان.. مطلوب من غازي أن يعتزل القصر ويقود مبادرته من وسط نواب البرلمان. ربما ينجح غازي في مسعاه الإصلاحي وربما يفشل.. وربما تنتهي الفكرة إلى انشطار جديد في الحزب الحاكم.. ولكن حتماً مثل هذه المحاولات ستحقق هدفها السامي ولو بعد حين. التيار