بسم الله الرحمن الرحيم حباب الانقلاب:موقف امريكا من انقلاب خاتم يونيو89م محمد ابراهيم العسقلانى [email protected] أقام مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بالخرطوم ندوة حول استشراف مستقبل العلاقات السودانية –الأمريكية في يومي 7-8 يناير 2003م،وقد عرضت أوراق الندوة إلى قضيتنا اقصد حالة الارتياح التى تلقت بها أمريكا انقلاب خاتم يونيو مع اختلاف فى التعبير والتفسير :- 1 بدأت الندوة بتقرير معلوماتي من وزارة الخارجية جاء فيه:( فى 7889 اجتمع هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية بالرئيس عمر البشير الذي شرح أسباب قيام الإنقاذ وأشار الى غياب الدولة فى العهد الحزبي عن معالجة القضايا الأساسية كالحرب فى الجنوب والاقتصاد .وقال إن هناك تعاطفا من واشنطن مع حكومة السودان وترغب فى مساعدتها لكن قرار الكونغرس 513 يحول دون ذلك وقال يمكن تجاوز القانون اذا أحرزت الحكومة تقدما فى مجال السلام وتسهيل الإغاثة)1 موقف أمريكا على لسان كوهين هو التعاطف والرغبة فى المساعدة مع اشتراط التقدم فى ملف السلام و الاغاثه. اما قرار الكونغرس 513 فيمكن تجاوزه على حد تعبير كوهين ، ونحن نرى انه إجراء روتيني دعائي لا يعكس الموقف الامريكى من الانقلابات بل يهدف الى اظهارها بمظهر المدافع عن الديمقراطية . ( فى 121189 اجتمع وكيل الخارجية بالسفير الامريكى حيث ذكر السفير ان قرار الكونغرس 513 يحول دون تقديم العون للسودان الا انه سيسعى لاقتاع الكونغرس برفع ذلك القرار عن السودان لان حكومة السودان اتخذت خطوات مهمه)2 اذا القرار يستخدم ايضا فى المساومات مع الانقلابيين وليس موقفا مبدئيا وقد سعى بعض المسئولين لتجميده فى حق السودان مقابل تسهيل شريان الحياة فى الجنوب والرغبة فى محادثات مع التمرد. التقرير يسمى مرحلة الترحاب بالانقلاب –هدوء نسبى- ويؤرخ لبداية توتر العلاقات بجلسة استماع فى الكونغرس فى 251090 إبان أزمة الخليج . بعد الحرب عاد السفير الامريكى الى الخرطوم بل وجاء كوهين مجددا لاستجلاء موقف السودان من دخول امريكا الى الصومال فى مهمة إنسانية يناير 93. اول موقف عدائي كان قرار إدارة كلينتون إدراج اسم السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب اغسطس93. 2 د حسين سليمان ابو صالح قال فى ورقته:( ولعل الولاياتالمتحدةالامريكية لم تأسف كثيرا لزوال الحكم الديمقراطي برئاسة الصادق المهدي وربما أبدت بعض الاهتمام بقضية السلام بالسودان فكانت مبادرة كوهين 1990 والذى حاول ايجاد حل لمشكلة الحرب فى الجنوب ولكن فى نهاية 1990 بدأت العلاقة تسؤ)3 فهو يؤكد ترحيب امريكا بزوال الديمقراطيه وتعاطيها مع الانقاذ بمبادرة كوهين ويؤرخ لسؤ العلاقات بنهاية 90. 3 د مضوى الترابي ) فى منتصف 1989 أطاح انقلاب عسكري بالحكومة الديمقراطية المنتخبة فى السودان ، ورغم ان كل المؤشرات والدلائل كانت تدل على ان الجبهة القومية الإسلامية كانت وراء الانقلاب إلا ان أداء الحكومة الديمقراطية السابقة وتأرجح سياستها بين محور ليبيا ايران، القاهرةالرياض لم يدق اى ناقوس للخطر لدى الإدارة الأمريكية او الدول المحورية والمفتاحية فى المنطقة بل ان بعض رجال الإدارة الأمريكية فكر فى تجميد القانون 513 الذى يمنع التعامل مع نظم سلطوية أطاحت بحكومات منتخبة ما لم تحتم المصالح الأمريكية و مقتضيات الأمن القومي غير ذلك .فالقادمون الجدد للسلطة هم حلفاء الأمس القريب فى محاربة الشيوعية على مستوى منظمات المجتمع المدني وعلى مستوى المواجهة العسكرية فى أفغانستان )4 اذا رحبت أمريكا بزوال حكم صادق المهدي ولكننا نتحفظ على تفسيره لذلك بتأرجح السياسة الخارجية او تقارب المهدي مع ليبيا إيران*ع1 . كما نقبل إشارته الى ترحيب أمريكا بالانقلاب الاسلامى ونتحفظ على تفسيره بالتحالف ضد الشيوعية والاتحاد السوفيتي*ع2 . 4 د لام اكول : ( حدث برود فى العلاقات بين السودان والولاياتالمتحدة فى الجزء الأخير من عهد الديمقراطية الثالثه1986-1989 كنتيجة لعدم حدوث تقدم يذكر فى عملية السلام) (لم تكن العلاقات على أحسنها عند تسلم نظام الإنقاذ للسلطة صبيحة يوم 30689 . الا ان هذه العلاقات تطورت الى الأسوأ كنتيجة لبعض المواقف من قبل نظام الإنقاذ ومواقف او ردود فعل من الولاياتالمتحدة)5 ونحن نقبل حديثه عن ما اسماه برود العلاقات ونتحفظ على تفسيره بعدم حدوث تقدم فى عملية السلام فهو يعلم تماما من موقعه كمفاوض عن الجيش الشعبي ان عملية السلام تقدمت بالذات فى الجزء الأخير من عهد الديمقراطية ومن اهم دوافع الانقلاب إيقاف ذلك التقدم. 5 د حسن حاج على : (على الرغم من ان العلاقات السودانية-الأمريكية فى عهد الإنقاذ كانت فى مجملها تتسم بالتوتر والعداء الا ان حدة هذا العداء من قبل الولاياتالمتحدة كانت تتأرجح وتتقلب فى احوال شتى من عدم الاكتراث واللامبالاة فى سنوات الإنقاذ الأولى مرورا بسياسة الاحتواء عبر دول الجوار فى منتصف التسعينات الى التوسط فى الحرب فى بداية القرن الجديد)6 لعل د حسن خانه التعبير فكيف تكون اللامبالاة حالة من العداء واغرب من ذلك التوسط فى موضوع الحرب والسلام الذى انتهى باتفاقية نايفاشاوهذا ليس موضوعنا,نعود ونقول ان الارتياح الامريكى لانقلاب خاتم يونيو 89 الذى يصفه الدكتور الفاضل د حسن حاج على بعدم الاكتراث واللامبالاة وليكن كذلك –رغم تحفظنا- أليس اللامبالاة فى سنوات الإنقاذ الاولى تصب فى مصلحة العهد الجديد؟ 6 د عبد الله الشيخ : ( وقفت الولاياتالمتحدهالامريكية موقفا مناوئا للإنقاذ 1989 فور معرفتها للوجهة الفكرية للضباط الذين قاموا بها والجهة الحزبية التى تسند حركتهم وقد أعملت القانون 513 الذى يحجب المساعدات عن الأنظمة العسكرية فورا ثم وضعت السودان على لائحة الدول الإرهابية)7 نختلف مع رؤية د عبد الله الشيخ عن العداء الفوري بسبب إسلامية الضباط فهو لم يذكر من مظاهر العداء سوى القرار 513 الذى لاعلاقة له بوجهة الضباط بل سن كقانون ضد كل الانظمه العسكريه كما يقول وبعد ذلك يقول (ثم) وهى تستخدم للتراخي الزمني-بين عام 89- 93بعد مجىء ادارة كلينتون التى ناصبت الانقاذ العداء ووضعتها على لائحة الإرهاب .اما إعلان الضباط لوجهتهم الفكرية فقد كان مطلع 91 . 7 رئيس الوزراء السابق صادق المهدى :( ليس غريبا ان تتخذ السياسة الأمريكية مواقف سالبة من النظم الديمقراطية فى كثير من أجزاء العالم الثالث فالقيادات المنتخبة تعطى أولوية لمصالح الشعوب وبالتالى ليست مطيعة كالقيادات الديكتاتورية والقيادات المنتخبة تتطلع لمناقشة العلاقات الخارجية على اسس المصالح المتبادلة اما القيادات الديكتاتورية فيمكن ان تضحى بمصالح وطنيه لاعتبارات الاستمرار فى الحكم والقيادات المنتخبه اكثر استقلالا فى توجيهاتها بينما القيادات الديكتاتوريه اسهل امتثالا،لذا رحبت السياسه الامريكيه فى البدايه بانقلاب يونيو 89م . الانقلاب السودانى خدع كثيرا من الدول بحيث اعتبرته خاليا من المحتوى الايدولوجى وهو النظام المفضل لقوى الهيمنة الدولية لسهولة التعامل مع هذا النوع من القيادات)8 صادق المهدى يقرر بوضوح الترحاب الامريكى بانقلاب الانقاذ بسبب تفضيل امريكا للتعامل مع النظم العسكرية الديكتاتورية التى تضعف شعوبها وتعزلها عن المشاركه ومن ثم فهى اقدر على القمع وتمرير السياسات وأحوج للدعم الاجنبى، ونحن نتفق معه على ذلك غير اننا نخالفه حين يشير الى مسألة الخلو من الايدولوجيا وتبرير التأييد الامريكى بإخفاء النظام لايدولوجيته لاننا نصر على ان تاييد امريكا وترحيبها كان عن علم بهوية الانقلاب بل والمطلوب أصلا هو انقلاب اسلامى لتاكيد المقولة الامريكية عن ارتباط الاصوليه بالديكتاتورية وتحطيم المد الاسلامى بواسطة العسكركما فعلت بالمد القومى فى الخمسينات والستينات حين صارت القومية غطاء ايدولوجيا لحكم العسكر فتحملت أوزارهم وهزمت معهم وانحسر المد العروبى واجهضت الثوره العربيه . كما ان انقلاب خاتم يونيو 89 بطابعه الاسلامى استخدم فى تاكيد مقولة الاستخدام التكتيكى للديمقراطية من اجل الوصول الى السلطة ومن ثم الغاء الديمقراطية الشىء الذى يبررون به ضرورة حرمان الحركات الاسلاميه من الشرعيه بل ومصادرة الديمقراطيه كما حدث فى الجزائر وتركيا .علاوة على ان المخطط الامريكى لتقطيع اوصال السودان يحتاج الى الديكتاتوريه القابضة لتلعب دور الطرد المركزىوتهيئة الأجواء لازدهار أمراء الحرب فى الاطراف كوجه أخر لذات العملة بسبب الانسداد السياسى وسيادة منطق القوة وبروز العصبيات العرقية والجهويةكمفجر للنسيج الاجتماعي .*ع3 نعود الى الامريكان فنجد السفير الامريكى يذم حكومة المهدى:( حكومة المهدى غير الفاعلة كانت تعيش فى الوقت الضائع)9 (قال مراقب دبلوماسى كان يعلق امالا عراضا على حكومة المهدى بلغت خيبة امل الشعب درجة اصبح معها المواطن العادى على استعداد للترحاب باى حكم بديل عن تلك الديمقراطية المشئومة)10 والله من وراءالقصد ويهدى السبيل