من هو شاعر النيل؟ خالد عثمان [email protected] هي دعوة لمن يريد إنصاف أهم شاعرين في تاريخ الشعر العربي التقليدي، التجاني يوسف بشير وادريس جماع الذين لم يجدا حتى الآن الاهتمام اللائق بما قدماه من ابداع خلاق ودرر تستعصى على كل الاجيال السابقة واللاحقة ولكن بما توفر الآن من بث اثيري وعولمة سحرية يجب علينا ا ن نرد لاولئك العظما بعض مما يستحقونه. مثلا كل المصادر والالقاب ترجع لقب شاعر النيل لحافظ ابراهيم ، ليس لأنه كان ينظم شعره في النيل بل فقط لانه كان يعيش على ضفتي النهر جنوبا حتى سواكن والخرطوم ، فحافظ إبراهيم جاء غازيا الي السودان مع الجيش المصري برتبة الملازم ثاني وذلك في نهايات القرن التاسع عشر ، وتم فصله من الجيش المصري الإنجليزي بسبب تورطه في تنظيم وطني كان يهدف الي إخراج الانجليز من وادي النيل في رواية ، وفي روايات أخرى احتجاجا وتمردا على الاوضاع المزرية للجنود والضباط المصريين ، وبعد ذلك عمل في الشرطة المصرية والمحاماه ويقال انه عمل بصحيفة الاهرام التي عن طريقها ذاع صيته وملاءت الآفاق شهرته وعن طريقها تجلت وطنيته وحماسته وبسبب نشاطه أُطلق عليه لقب شاعر الشعب ، ولوبحثنا في شعر حافظ إبراهيم وله ديوانيين من الشعر لانجد الكثير عن النيل و بعض الابيات المتفرقة هنا وهنالك مثل الابيات البديعة التالية: يا ساكني مِصرَ : إنّا لا نَزالُ على عَهْدِ الوَفاءِوإنْ غِبْنا مُقِيمِينَا هَلاَّ بَعَثتُمْ لنا من ماءِ نَهرِكُمُ شيئاً نَبُلُّ به أَحْشاءَ صادِينَا كلُّ المَناهِلِ بَعدَ النِّيلِ آسِنَة ٌ ما أَبْعَدَ النِّيلَ إلاّ عَنْ أَمانِينَا أما أحمد شوقي والذي لقب بأمير الشعراء في حضرة حافظ ابراهيم، الذي بايع شوقي قائلا: بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي بشعر أمير الدولتين ورجِّعي أعيدي على الأسماع ما غردت به براعة شوقي في ابتداء ومقطع أمير القوافي قد أتيت مبايعًا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي نجد أحمد شوقي أوفر نظما وأغزر انتاجا فيما يخص ذلك النهر العظيم، ولكن شوقي ذو الخلفية الاسلامية والثقافة الاوربية له اسهامات عبقرية رائدة في مجال المسرح الشعري والنثر أكتسبها من منفاه بالاندلس وباريس ومن علاقته بالاتراك ولكن مساهمات أحمد شوقي فيما يخص النيل كانت قليلة ومتناثرة مثلا في اندلسييته حيث يجاري ابن زيدون ببيت شعر رهيب الا وهو والنيل يقبل كالدنيا إذا احتفلت والسيل لو عف ، والمقدار لو دينا وزاد شوقي النيل هيبة بحوهرته: من أي عهد في القري تتدفق وبأي كف في المدائن تغدق ومن السماء نزلت أم فجرت من عليا الجنان جداولاً تترقرق وهي من اجمل ما نظمه شوقي ولكن ما كان شوقي فاعلا اذا استمع الي التجاني يوسف بشير، فشاعرنا السوداني الصوفي المرهف ياتي بابيات جاذمة مخاطبنا والنيل مباشرة بدون تساءل مثل شوقي!!!! أنت يا نيلُ يا سليل الفراديس نبيل.. موفق.. فى مسابك ملء أوفاضك الجلال فمرحى بالجلال المفيض من أنسابك حضنتك الأملاك فى جنة الخلد ورفّت على وضئ عبابك وأمدّت عليك أجنحة خضرا وأضفت ثيابها فى رحابك فتحدرت فى الزمان وأفرغت على الشرق جنة من رضابك ولكن بالله عليكم ما أنتم فاعلون مع أبيت الشاعر المجذوب الموهوب الرقيق الشفيف إدريس جماع وهو يدغدغ مشاعر النيل وساكنية وهو يختم على كل ذلك بأبياته المتناهية العصماء ؟! النيل من نشوة الصهباء سلسله وساكنو النيل سمار وندمان وخفقة الموج أشجان تجاوبها من القلوب التفاتات وأشجان كل الحياة ربيع مشرق نضر في جانبيه وكل العمر ريعان تمشي الاصائل في واديه حالمة يحفها موكب بالعطر ريان وللخمائل شدو في جوانبه له صدي في رحاب النفس رنان إذا العنادل حيا النيل صادحها والليل ساج فصمت الليل آذان حتي إذا ابتسم الفجر النضير لها وباكرته أهازيج وألحان تحدر النور من آفاقه طرباً واستقبلته الروابي وهو نشوان أثبات اللقب مرة أخرى سيكون مضنيا ومكلفا لندرة المصادر وتعذر البحث في معظم الاحيان ولكن يستحق المحاولة لتثبيت حق شاعر النيل، وبالتأكيد سيكون الصراع على اللقب حصريا بين جماع والتجاني رحمة الله عليهما وعلى حافظ وشوقي. هل من معترض؟