هناك فرق. البرلمان ينتهج التجريب..!! منى أبو زيد المجلس الوطني الذي ظلّ يشكو من الترهل لبعده عن ألعاب القوى الديمقراطية، في الرياضة السياسية، قرر – بوازع من التظاهرات السياسية التي أحيتها الثورات العربية – أن يدخل الملعب، ليس شيئاً، فشيئاً، بل على طريقة القفز بالزانة، وبلا مرونة أو لياقة تُذكر ..! ما هو الفارق المحسوس في قضايا المواطن بين مواقف رئيس المجلس الوطني وقادة حزب المؤتمر الوطني؟!.. كان لا يذكر إن لم يكن معدوماً، إلى أن أمسكت بعض الثورات العربية – أثابها الله! – بأكتاف الحكومات وهزّتها هزّاً، فتفاوتت ردود أفعالها ما بين قبول الإصلاح أو التظاهر بالقبول، حتى يطير الدخان ..! البرلمان السوداني الذي ينتهج التجريب لفرط حداثة عهده بالممارسة الحقة لدوره في الرفض والمساءلة والاعتراض والمحاسبة، أصبحت الصحف ساحة لمعاركه الوليدة مع أخطاء وتجاوزات التنفيذيين .. (تصريحات) برلمانية عن استدعاء لوزير الزراعة قوبل بالغياب من جهة وزارته.. (تصريحات) عن اعتبار أغلبية ساحقة من نواب المجلس الوطني حادثة غياب الوزير إهانة للبرلمان..! (تصريحات) عن عدم قبول الاعتذار الشفاهي للسيّد الوزير.. (تصريحات) عن قرار يقضي بعدم تقديم التقرير إلا بعد مثول الرجل أمام البرلمان لمناقشة القضيّة.. (تصريحات) عن أهمية قضايا المزارعين البسطاء الكادحين.. ولسنا ندري ماذا فعل الله بقضايا أخرى لأولئك الكادحين لم يقيّض لها الله – في حينه – ذات المناخ الثوري المبارك الذي توافر لقضية التقاوي الفاسدة..! (تصريحات) مطمئنة لوزير الزراعة والغابات - من موقعه النائي عن زرزرة البرلمان- عن عدم استلام أي استدعاء أو سلام أو كلام، خلا كلام الجرائد ..! لكن البرلمان الذي قرر أن يمارس القفز بالزانة على ساحة الملعب، يتخلّف عن حضور تمارينه الصباحية.. فتحتج رئيسة جلسته يوم أمس الأول على تأخر السادة النواب عن دخول القاعة، ملوّحة برفعها في حال عدم بلوغ النصاب (الذي يكتمل بدستة نواب فقط) بينما تفرق الحضور الذين يقارب عددهم المائة في الأروقة والساحات، يتلمّظون الونسة السودانوية اللذيذة التي أضاعت علينا فرص احترام عالمية لا حصر لها، ثمّ كادت أن تخرجنا – غير مرة - من أمة محمد ..! السيّدة الرئيسة تلح في استدعاء النواب، الموظفون يهرعون إلى استعجال بعضهم من المقصف ولملمة البعض الآخر من زوايا وأروقة المبنى.. رئيسة الجلسة تقترح عليهم (التفاكر) للاتفاق على موعد جديد، بعد أن أخفقوا - مجدداً - في الالتزام بالموعد الذي تمّ تمديده تفادياً لحوادث تأخير مماثلة..! من الذي يسائل هذا البرلمان - الذي يحاسب الوزراء والمسئولين باسم الشعب – على مواعيده السودانية التي أهدرت وقت البلاد ومصالح العباد ؟!.. على الأقل لم تتجاوز فضائح البرلمانات العربية، الشتائم النابية، والعراك بالأيدي، ورفع الأحذية في وجوه الخصوم.. وهذا كلّه يدخل في قبيل (الأفعال).. لكن ماذا عن فضيحة الإهمال..؟! التيار