العصب السابع الوحل..!! شمائل النور حركة دؤوبة وملموسة نشهدها هذه الأيام، إن كانت ستأتي بنتائج أم لا، خفض الإنفاق الحكومي ذلك بالتقليص الوزاري أو شك بعضها في بعض.. نحن ووفق حساباتنا نرى أنّ هذه الخطوة كان يجب أن تكون قبل سنين من الآن، ونحسب أنّ هناك مؤسسات ووزرات فائدتها الوحيدة تكمن في كونها أخرجت الحزب من الحرج، إذ أوجدت كرسي لهذا ومنصب لذاك وامتيازات لتلك، وليست من فائدة أكثر من ذلك، هذا التشكيل قد نبشر فيه إمّا بتغيير حقيقي جاد ينعكس على المواطن والوطن مباشرة وينعكس أيضاً على أداء الخدمة المدنية المتراجع يوماً بعد يوم، أو حرب ضروس بين تيّارات الحزب الواحد ذلك بالوقوف عند السؤال: ما هو المعيار للإبقاء على هذا الوزير أو إعفائه والإبقاء على هذه الوزارة أو إغلاقها، فهل سيواصل حزب المؤتمر الوطني ذات المعايير القاتلة التي ترتكز على الولاء والطاعة وإن كان على حساب الكفاءة والأداء، أم أنّ الحزب يريد بالفعل هيكلة الدولة وفق المهنية المطلوبة بفهم فليحدث ما يحدث؟ على أي حال نحن ندعم وبقوة أن تكون الدولة (slim & lift) ولابد أن تُنقذ الدولة نفسها من هذا الترهل اللا محتمل والذى أسهم بصورة فاعلة في إطالة عمر التخلّف العصري الذي نحن فيه الآن... لعل الشغل الشاغل بالنسبة لنا وللحكومة أيضاً هذه الأيام هو الوضع الاقتصادي لشمال السودان بعد الانفصال، وهذا في حد ذاته سيحدد وبدرجة كبيرة عمر الحكومة بعد الانفصال لأنّه ليس من المقدور على الاحتمال أن يفقد شمال السودان الجنوب، ويفقد أيضاً القوت، وتبقى عليه \"ميتة وخراب ديار\" لذلك ما نراه من اتجاه حكومي في خفض الإنفاق قد يكون في الواقع نيّة حقيقية لتخرج الحكومة نفسها قبل المواطن من أزمة بعد الانفصال والحل ليس إلا في كبح جماح الترهّل الذي أهدر المال العام قبل أن يهدر منظومة الخدمة المدنية المتردية، وطبعاً ليس في مقدور المواطن أن يدفع مليما واحدا كزيادة في سلعة ما، وليس في مقدوره كذلك أن يتحمّل مع الحكومة ما قد ينجم عن انفصال الجنوب، والكرة الآن في ملعب الحكومة.. ذهب الذهب الأسود وانكشفت سوءة اقتصاد الشمال والحل في يد الحكومة وليس أمامها إلا خفض الانفاق المتمثّل بشكل كبير في التقليص الوزاري وغربلة المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية ولابد من إتّباع سياسة اقتصادية لا تمس المواطن بأذى أكثر مما هو عليه الآن.. وفيما يبدو أنّ اتجاه الحكومة الأخير لمحاربة الجبايات هو أيضاً محاولة لإيجاد مخرج فالحكومة الآن بين أمرين، أولهما محاولة محاصرة الوضع الاقتصادي لما بعد الإنفصال، ومحاولة أخرى لإخماد ثورة قد تنجم وبالتالي ملزمة بإجراء تغييرات ملموسة ولا يمكن أن تكون الحكومة مكابرة وغير مؤمنة بالتغيير وإن تظاهرت بذلك، كل هذه الحركة استطاعت الحكومة أن تضع نفسها في اختبار فبعد ثورتها على الفساد وجدت أنّ الأمر لا يمكن مكافحته، خمدت نيران الفساد وستثور الجبايات ثم تخمد، وستشتعل حرب تقليص الوزارات ولا ندري ماذا سينجم عنها... الحكومة راغبة في التغيير لكنّها غير قادرة، فقط لأنّها غارقة حتى أرجلها. التيار