أبيي.. ارض أجنبية!! الصادق المهدي الشريف [email protected] الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن حول (شدة لهجة) البيان الذي يتوجب عليه إصداره حول دخول القوات المسلحة الى منطقة ابيي.. تلك الخلافات آخّرت صدور البيان، لكنّه صدر في نهاية المطاف. البيان سرد إتهامات بِ(أعمال حرق ونهب – وتدفق غزير لقبائل المسيرية الى أبيي – ونزوح لعشرات آلاف السكان). وهذه الإتهامات بالطبع تقع على عاتق الحكومة، فأعمال الحرق والنهب يجب أن توقفها القوات المسلحة. (ولا أدري ما الذي يمكن نهبه في ابيي!!!). أمّا تدفق المسيرية فقد رأى المجلس أنّه محاولة من الخرطوم لتغيير التركيبة السكانية في المنطقة، التي يسكنها دينكا نقوك، وتمر عبرها قبائل المسيرية. نزوح السكان تداركه الجيش بدعوة السكان للعودة إلي ديارهم بعد إنتهاء العمليات العسكرية، كما سمح بعودة منظمات الإغاثة وإلتزم بحمايتها. بيد أنّ تهديد مجلس الأمن للحكومة والذي تمّ تخفيفه وتأخير البيان من أجل ذلك التخفيف فقد قال (عدم امتثال الخرطوم لاتفاقية السلام المبرمة عام 2005م والإنسحاب من أبيي يمكن أن يعرض المزايا التي من المقرر أن تحصل عليها للخطر). وبالطبع لا يعلم أحد حتى هذه اللحظة ماهي المزايا التي كان من الممكن أن تحصل عليها الخرطوم من مجلس الأمن!!!. صحيح أنّها سوف تحصل على شطب اسمها من لائحة الإرهاب الأمريكية و/أو إلغاء الحظر الإقتصادي الأمريكي عليها، لكنّ هذه حوافز أمريكية ولا دخل لمجلس الأمن بها. هناك قضية واحدة يمكن أن تهم الخرطوم وحلها بيد مجلس الأمن وهي مذكرة التوقيف الدولية بحقِّ الرئيس البشير. فرغم أنّ المحكمة الجنائية هي التي أصدرت المذكرة، إلا أنّ القضية نفسها قد ذهبت الى المحكمة بقرار من مجلس الأمن، وبالتالي يحقُّ له سحبها، وإبطال مذكرة التوقيف... فهل تكونُ تلك المذكرة هي (المزايا) التي يمكن ان تتعرض للخطر؟؟؟. الإجابة غير موجودة.. و(ياخبر اليوم بفلوس.. بكرة ببلاش). لكن الأخطر من كلِّ ذلك هو المستقبل الذي يتمّ ترتيبه الآن لمنطقة ابيي!!!. الحكومة قالت أنّها لن تنسحب من أبيي.. لانّها (شمالية) ولا يمكن مطالبتها بالإنسحاب من اراضيها، كما طالبت الخرطومُ بعثة الأممالمتحدة في السودان (يونميس) بترتيب أوضاعها للخروج من السودان في 9 يوليو. حسناً... يونميس (قد) لا تنسحب من السودان بتاتاً (!!!)، و(قد) تبقى للأبد (!!!). والشاهد هو أنّ مجلس الأمن يبحث نقل قوات اليونميس الى أبيي لتكون مقراً لها (بمعنى أنّه لا القوات المسلحة ولا الجيش الشعبي سيكون متواجداً هناك)، ومِن ثمّ تقوم من هناك بدوريات على طول الحدود لضمان عدم عودة الحرب بين الشمال والجنوب، وفي هذا إستجابة جزئية لطلب حكومة الجنوب ببقاء اليونميس. هل تذكرون تهديد هيلاري كلينتون بانّه (في حالة عدم توصل الطرفين لإتفاق بشأن أبيي، فإنّ المجتمع الدولي سيفرض حلاً حولها لا يرضي ايّاً منهما)؟؟؟. هل سيكون وجود اليونميس الدائم في ابيي هو بداية تنفيذ ذلك (الحل المفروض) والذي لن يرضي ايّاً من الطرفين؟؟؟. هل ابيي في طريقها لكي تصبح أرضاً أجنبية؟؟؟. التيار