العصب السابع في أغاني وأغاني.!! شمائل النور التدخل في تفاصيل الحريات الشخصية أمر غاية في الأزعاج، ويشعر الإنسان بهوان قيمته، والحريات الشخصية هي عصب حقوق الإنسان، حتى لو كانت هذه الحرية حق الأقلية التي تعيش وسط غالبية، فليس من العدل أن تفرض الغالبية فكرتها على الأقلية أياً كان حجم الأقلية طالما أنّ فكرة العيش تحت سقف واحد تتمتع بدرجة من القبول من الجانبين لا بأس بها؛ فما بالك إن كانت هذه الحرية هي حق الغالبية التي تعيش وسطها أقليات تريد أن تفرض فكرتها ولو عبر القرارات السياسية حتى تكتسب الهيبة والرهبة المطلوبة. خالجني بعض شك في الشائعة التي راجت خلال الأيام الفائتة حول \"شرعية\" بث البرنامج الشهير \"أغاني وأغاني\" الذي يُبث على قناة النيل الأزرق منذ عدة سنين يشاهده تقريباً كل السودان، ليقطع شكي خبر بصحيفة \"السوداني\" نُشر أمس، قال فيه مدير القناة حسن فضل المولى أنّ معبود الجماهير \"أغاني وأغاني\" يواجه صعوبات جمّة فالقناة مٌخيّرة بين اثنين إمّا تغيير زمن البث أو تقليص زمن البرنامج بحيث تصمت هذه الشياطين قبل صلاة التراويح. المزعج في الأمر وحسبما جاء بالخبر أنّ وزير الإعلام رفض التدخل كلياً، قاطعاً الطريق لصالح الأقلية التي ترى في هذا البرنامج جريمة في حق الدين لا تضاهيه جريمة أخرى وليس هناك جريمة تُرتكب في حق هذا البلد إلا هذا العبث وسط شيخ كبير وجب عليه أن يلتزم مسبحته ويستغفر، فليس من جريمة أن يتشظى الوطن، ليس من جريمة في حق الدين إن أكلنا الربا بأمر ولاة أمرنا، وليس من جريمة في حق الدين أن نأكل مال اليتيم، بل لنأكل بعضنا بعضاً، لكن حرام حرام أن نُغني آناء التراويح.. تناست هذه الأقلية أنّ المسلمين في السودان لم يصلوا بعد نسبة ال 100% فهناك بعض المواطنين غير المسلمين لهم حقوق في دولة الإسلام كفلها لهم الإسلام، أين هي؟ هذا إن تعاملنا معهم بالمثل. رمضان شهر استثنائي في الاتجاه القوي للمشاهدة، ويقيني أنّ هناك كُثر ينتظرون رمضان حتى يقيموا علاقة مع التلفاز، كما لرمضان جانب تجاري بحت تسترزق منه القنوات الفضائية وشركات الإنتاج من العمل الإعلاني، فالبرنامج المُحرّم من المؤكد أنّه تورط في عقود رعايات وإعلانات تجارية والتزامات مع شركات كلها تستهدف المشاهد المرتبط بزمن المشاهدة، وتعتمد القناة على ميزانية دخل هذا البرنامج الجماهيري اعتماداً واضحاً، لماذا لا تُضع كل هذه في الاعتبارات، لماذا حكم القوي على الضعيف.؟ أظن أنّ القناة وُضعت في موقف حرج للغاية والسبب هو وزير الإعلام الذي أنصف أقلية على حساب الغالبية من زاوية ضيقة لم تُراع فيها أي جوانب تمس المصالح ناهيك عن المشاهد الذي لا يُحسب له حساب أصلاً. أخيراً، إن كانت الجمهورية الثانية تفتتح بوابتها بتحكم الأقلية وتحريم البرامج التي يلجأ إليها المواطن لتخفيف الاحتقان بسبب زيادة الأسعار، فوالله إنّها طاردة ولا تُبشّر بخير.. يا هؤلاء، لعلّكم لا تدرون، بل إنّكم لا تدرون أنّ كيلو \"الشرموط\" الآن ب \"24\"جنيها وفي رمضان سوف يصل\"30\"جنيهاً، يعني باختصار لا \"تقلية\" ولا \"أغاني وأغاني\" واحتمال لا \"مياه\". التيار