[email protected] قُبيل رمضان من عام 1999م وقف الحوار علي عثمان محمد طه شاهراً سيفه مع الرئيس في وجه شيخه الدكتور حسن الترابي (الآن سيوفنا مع الرئيس في مواجهة الدكتور الترابي) مما شجع الرئيس البشير للمضي قدماً في إنفاذ قرارات الرابع من رمضان التي ختمت العشرية الأولى للإنقاذ وأنهت بذلك هيمنة الدكتور الترابي على حركات وسكنات الجهاز الحزبي والتنفيذي للدولة الذي كان قادته يؤمون المنشية مساءً لأداء فروض الولاء والطاعة للشيخ وصباحاً لاستلام (قفة القرارات السياسية للدولة) من العراب (God Father)، فتطايرت شظايا الحركة الإسلامية شرراً في (القصر) وشذراً في (المنشية(. وفي قبايل رمضان من هذا العام 2011م سمعنالنا خبراً في الهلالية إن الشيخ علي عثمان وقف شاهراً سيفه مرة أخرى مع الرئيس ولكن هذه المرة ليس في وجه شيخه السابق فحسب بل في وجوه كافة من سماهم بالمتطاولين على الرئيس البشير حيث قال (كل من يتطاول على المنهج والشعب والرئيس عمر البشير سيواجه بالقطع بالسيف). لا شك إن حد السيف معلوم ولا يحتاج إلى توصيف إذ يكفي في ذلك وصف المتنبي الذي أبان أن في حده الحد بين الجد واللعب ولكن الذي يحتاج حقاً إلى توصيف وتوضيح هو حدود التطاول على الرئيس التي توجب القطع بالسيف!! فهل يدخل في ذلك انتقاد السياسات العرجاء للنظام التي هو مسئول عنها بحكم قيادته للدولة بما في ذلك المسئولية التاريخية عن فصل الجنوب؟ وهل يدخل في التطاول محاولة تغيير النظام بيد المعارضين أم يقتصر ذلك على محاولات الاقتراب من الحمى الرئاسي من قبل الموالين المتطلعين للسلطة؟ وما الذي يوجب القطع من خلاف والذي يوجب قطع الأعناق والذي يقف عند حد قطع الأرزاق؟ وقبل هذا وذاك هل المقصود بالمتطاولين على الرئيس أشخاصاً بذواتهم مثل الدكتور الترابي الذي هبط مصر يلتهم ثومها السياسي وبصلها الثوري مرسلاً مخرجاته ريحاً تقض مضجع أهل النظام في الخرطوم على غرار(سهر الجداد ولا نومه)؟أم هو المدعي العام للمحكمة الجنائية لويس أوكامبو الذي ظل يلاحق الرئيس في حله وترحاله؟ أما المتطاولين على المنهج فالكل يعرفهم فهم ليسوا سوى أولئك الذين ظلوا يدعون بأنهم وكلاء المنهج الرباني الحصريون في أرض السودان وإنهم الوحيدين الذين يحق لهم التحدث عنه وعن تطبيقه وظلوا لذلك يطلبون العهد والبيعة منذ أن برزوا للساحة السياسية في ثياب الواعظين ولكن حين دانت لهم السلطة فتنوا بها وطغوا ثم طفقوا في طغيانهم يعمهون فكلما نضجت جلودهم بدلوها بجلود غيرها ثم جاءوا يطلبون البيعة من جديد إذ قال علي عثمان (نريد إقامة الشريعة في أنفسنا ونستهدي بنور القرآن، ودعا السكان إلى الالتزام بالشريعة والتعاهد بين الحكومة والمجتمع في شهر رمضان المعظم على تطبيقها، حتى تقوم في الدولة نظم وتشريعات وعدالة وقانون وأمن ودعم للفقراء والمساكين)...أكثر من عشرين رمضان مضت وأنتم في السلطة وظللتم تطلبون البيعة تلو البيعة (نسوي البيعة سيسيقي يا شيخ علي)...أكثر من عشرين عام والأيام مقبلة فماذا تريدون من موعود الشريعة...أكثر من عشرين عام وجاء الرئيس ليصف كل التشريعات السائدة بالدغمسة وجاء حمدي ليصف الاقتصاد الإسلامي المعمول به باللغوسة وظهر الفساد في البر والبحر والجو ولا يزال رئيس المجلس التشريعي يوزع صكوك البراءة لأعضاء المؤتمر الوطني من الفساد بعد أن أوجدوا لذلك تكييفاً فقهياً مفاده (السترة)...وبدلاً عن الحديث عن دعم الفقراء والمساكين كان الأحرى بنائب الرئيس أن يقول دعم العاملين عليها من أهل الإنقاذ والمؤلفة قلوبهم من أهل الأحزاب أما الفقراء والمساكين الذين نعرفهم فلهم رب يرزقهم. فبدلاً من المكابرة والمخاتلة حتى في الحديث عن تصحيح المسار بالقول (إن وجد) إنه من الأوجب أن يصدق المؤتمر مع نفسه قبل الصدق مع أهله الذين ظل يحدثهم بأنه الرائد الذي لا يكذبهم فيقر بفشله في تنفيذ وعوده منذ البيان الأول بدلاً من أن يستمر في بيعهم كاذبات الأماني. أما طلب العهد والبيعة للجمهورية الثانية فيذكرني بطلب الابن الفاشل لوالده بالقول (يابا عرس لي) فرد عليه والده (عشان شنو؟) فأجاب الولد (عشان أجيب لي أولاد ينفعوني) فقال له الوالد (إنت هسع نفعتني بي شنو؟)، فبماذا نفع المؤتمر الوطني شعب السودان في جمهوريته الأولى حتى يطلب منه إعانته لجمهورية ثانية؟ وإن كان طلع الجمهورية الثانية سيوف تشهر لترهيب الناس فنتاجها سيكون بلا شك حشفاً بالياً. لا يسعنا إلا أن نقول للشيخ علي أمسك عليك سيفك فإن إخراج السيوف من أغمادها في مثل هذه الأيام، ولا أقصد أيام الشهر الكريم فحسب، ولكن الأيام التي تبدلت فيها المنابر وطريقة الخطاب في المحيط الإقليمي والدولي والأيام التي يدخل فيها الوطن مرحلة حرجة بسبب أخطاء كنتم أنتم من تولى كبرها، فان إخراج السيوف من أغمادها في هذه الأيام لن يجلب سوى المزيد من الضرر والضرار وهو عين ما عناه المتنبي في عجز بيته القائل: وضع الندى في موضع السيف بالعلا***مضر كوضع السيف في موضع الندى