تعملقت الأزمات وأستأسدت القضايا فمالعمل؟؟ عثمان عبدالله فارس كما ذكرنا في الجزء السابق أن الحركة الأسلامية نجحت و(بإمتياز) في تنفيذ برنامجها السياسي/ الأجتماعي وأعلي ذراه التي أنجزت حتي الأن تنفيذ برنامج(الطفيلية الأسلامية) في السيطرة علي كل مرافق القطاع العام والهيمنة الكاملة علي مؤسسات الخدمة المدنية والعسكرية واخيراً وليس أخراً تقسيم الوطن السوداني (لدار حرب) و(ملة اسلام)!! أول سؤال يتبادر للذهن هو: لماذا نجحت الحركة الأسلامية في تطبيق برنامجها السياسي/الأقتصادي/الأجتماعي بمختلف مسمياته : توجه حضاري/اسلامي ...الخ، وغض النظر عن وصفنا له (هيمنة عروبية/إسلامية، طفيلية إسلامية ، نازية جديدة ...الخ) ، لماذا نجحت في السودان ولم يكتب لها النجاح في سوريا(حاضرة أكبر الأمبراطوريات الأسلامية وأطولها عمرا في تاريخ الحكم الأسلامي الشعوب الدولة الأموية؟؟ ولماذا لم تنجح في مصر (منارة) الحضارة الأسلامية وحاضنة الأزهر ومسقط رأس (المؤسس) حسن البنا ؟؟ الأجابة علي هذاالسؤال يستدعي الرجوع والأستناد علي ماذكر في المقال السابق وأسباب أخري حسب تصوري يمكن إيجازها في الأتي : 1/الحركة الأسلامية في السودان نبتت أو(زُرعت) علي تربة المجتمع السوداني بتركيبته المعقدة إن لم نقل المشوهة ،بفعل الأستلاب (العروبي/الأسلامي) والوعي الزائف المترسب من خلال الأعلام والثقافة السائدة لأكثر من نصف قرن ... بان نصفنا (علي الشيوع) وليس الشمالي (خير أمة أخرجت للناس) وأي محاولة للخروج او التمرد علي هذه (الافتراض) يعد خروجاً عن (الملة)، أو محاولة (لهدم مرتكزات الأمة) . إرتباط العنصر أو العرق بالدين . (عربي/اسلامي)هذا عامل أساسي وحاسم جعل أي (حراك) من الطبقات المُستغُلة(بفتح الغين) ضد الطبقة المستغلة والمهيمنة يفرغ من محتواه الأجتماعي الطبقي ويعتبر(حراكاً) ضد الدين أوحرباً من (حزب الشيطان) مستهدفة (العقيدة والوطن) مثال : (أ) موقف الزعماء الثلاثة و(كبار القوم) من ثورة 1924 م . (ب) أحداث المولد (محاولة الأعتداء علي أعضاء الحزب الشيوعي (ج)حلّ الحزب الشيوعي وطرد نوابه المنتخبين ديموقراطياً من البرلمان 1965 م . (د) المحاولات المتكررة من قبل الحكومات(العروبية) وقتها بوصم الحركات المسلحة ضدها ،بأنها حركات عنصرية ومرتزقة . وأخيراً تحويل الحرب الأهلية في جنوب الوطن سابقاً لحرب جهادية ضد العقيدة والوطن .. (2 ) الأستفادة وبشكل أنتهازي عالًّ من طبيعة إسلام المجتمعات السودانية الوسطيّ ( متصوفة ومعتقدي طرق صوفية مسالمة وبسيطة في تناولها الفلسفي وتعاملها مع الأخر) فتنظيم الأخوان المسلمين تأسس علي عداء واضح مع الطرق الصوفية ومشايخها في ستينات القرن الماضي وفي الثمانينات غيّر (تكتيكاته) بإستقطاب بعض المشايخ وبيوتات (صوفية) كبيرة ومعروفة ، وهنا ملاحظة ومفارقة جديرة بالتأمل وهي ان الحركة الأسلامية في السودان (طبّقت) وبشكل سالب المقولة الماركسية المعروفة (الدين أفيون الشعوب) ونجحت في ذلك بنتيجة 10/10 !! وأستخلصت من (الكتاب) و(السنة)و(فقه الضرورة) مايخدم هذة الوجهة فالمقولات و(الفتاوي) التي ترسخ (التمكين) و(طاعةأولي الأمر) لاحصر لها، حتي أضحي ألاسلام وكأنه دين يخدم مصالحهم الطبقية خاصة بعد إقصاء علماء الأستنارة كما في حالة (الشيخ/جعفر شيخ إدريس ، أو تصفيتهم جسدياً، كما في حالة إعدام شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه . والحالة الأخيرة هي المنعطف التاريخي الأساسي نحو الردة الكاملة في الحياة السياسية والأجتماعية في المجتمع السوداني ونهاية لعهد التسامح الديني والذي تأسس علي خلفية الممالك الأسلامية القديمة وهجرات مسلمي غرب أفريقيا لأداء فريضة الحج عبر بلاد السودان، وقد عبر عن هذا التسامح (الذي كان) شاعر الشعب الرائع/محجوب شريف : بطرس بابو فاتح بين المسلمين وبينهم خُد وهات وتسمع قهقهات والأطباق تسُر وبين الأمهات شفع روضة فوضي جمّلت الطريق (راجع مقالات:التعددية الفكرية ،التفكير والتغيير جريدة الميدان ) (3) (إستثمار)الحرب الباردة والعداء للإشراكية والشيوعية و(الإصطياد في مياهها العكرة) خاصة في مثل حالة المجتمعات السودانية ،المذكورة في البند السابق . (4 ) المواقف (الهشة) أو المهادنة والمتحالفة في كثير من الأحيان مع الأنظمة الشمولية العسكرية ،( ولها لذلك مرجعيات وفتاوي وفق فقه الضرورة سالف الذكر) ، هذا ساهم في تغلغلها وأنتشارها و(تمكنها)من خلال : (أ) قربها من مناطق إتخاذ القرار. (ب) أستخدام الأنظمة الدكتاتورية لها في ضرب المعارضة وهذا كله مدفوع الأجر(دنيوياًّ) .(راجع: الأخوان المسلمين جهاز الأمن الرابع) في نهايات سنين مايو بعد المصالحة الوطنية 1978 م . (ج) انشاء الأستثمارات والنمو الطفيلي من خلال الأرتباط بجهاز الدولة (تجربة البنوك والشركات الأسلامية في منتصف وأوائل الثمانينات بعد إعلان قوانين سبتمبر 1983 م) . (د) الأرتباط (اللوجستي) بأجهزة المخابرات الدولية المعادية للشعوب والمنظمات الديموقراطية ابان الحرب الباردة وبعد انهيار المعسكرالأشتراكي، وتجلي ذلك في / عسكرة التنظيمات الأسلامية في معسكرات أفغانستان وباكستان .. نواصل الميدان