[email protected] موتى يتكلمون .. إنهم عواجيز الأحزاب السياسية الأربعة .. نقد الترابي الصادق و الميرغني ..فضلا عن إنتهاء صلاحيتهم بعد إعادة تدويرهم لمرات ..فهم السبب الأول في تجزئه السودانيين بين أربعة أحزاب عرجاء عمياء بكماء صماء عطلت كل مقدرات الفرد السوداني بفرض جرعات أفيون الطاعة غير القابلة للأخذ و الرد .. و هكذا بقوا على كواهلنا نصف قرن و يزيدون .. يربطوننا على وتد التقليدية يعيقوننا بعقلية الأربعينات عن التقدم بفكر مواكب لإيقاع الزمن فصرنا ندور حول مربطهم لا نتقدم بل نتقادم. عندما تتفاقم الخطب و البلايا نشرئب دوما إلى كبراء القوم بعد الله نرجو منهم تبصيرا و (مخارجة) لكن هذه الفرضية من سابع المستحيلات في السودان إن كان كبراء القوم من وزن و شاكلة نقد الذي يصرعه سعال تتجاوزه أم جدتي بيسر و سهولة .. و هناك الصادق المهدي الذي لا يستطيع مقاومة الزعامة فتراه لكل تلويحة مؤتمرية و سراب بمنصب إليهم يهرع متناسيا أنهم من انقلبوا عليه.. أما محمد عثمان الميرغني فلا تحس أبدا بأن الرجل يشاركنا الأرض أو يتعاطى أشياءنا السودانية فهو كائن فضائي يأتيك كما هي الأوهام لا حقيقة لها على الواقع و نختم بالترابي الذي لا يقل حبا لسلطة الزعامة عن نسيبه فقد مر بكل موائد الحكم و كان حريصا على الإنفراد بخابور كبير كل مرة حتى إختنق بخابور المؤتمر الوطني و لا يزال. لم تستفد أحزابنا السياسية من الدول العظمى التي ارتضت حزبين كبيرين يحكم أحدهما و يعارض الآخر معارضة بناءة و لا يسمح لزعيم الحزب أو مرشحه تقلد زعامة البلد لأكثر من ولايتين مدة كل ولاية أربعة سنوات مهما كانت إنجازاته أخذا بمنطق الإضافة و التجديد. و هذا عمر بن الخطاب يعزل خالد بن الوليد من إمرة الجيش بعدما كسب جميع معاركه التي خاضها و حكمة الفاروق هي كراهة أن يفتتن الجند به و يعتقدوا أن النصر لا يأتيهم إلا من خالد و خالد غير خالد و النصر من الله. تململت العقول الشابة و لم تلبث أن تمردت على سياسة الكهول فلم يسلم حزب من الإنشقاق الأمر الذي أضعف الأحزاب أكثر في مواجهة السرطان الوبائي للمؤتمر الوطني الذي استشرى في كل الأعضاء الحيوية للجسد السوداني فخلّفه مشلولا بينما مد شعوبي و صحوة ثورية اندلعت في الدول العربية التي كانت شعوبها مهدهدة في المهد يوم أن كان السوداني خبيرا في الثورة على الظلم و الظالمين. نحن نعيش كما هائلا من الإحباط و اليأس كنتاج طبيعي لحكومات جرعتنا هزيمة تلو الهزيمة.. و أحزاب غارقة في تمجيد شخوص شخصت أبصارهم فتلتها العقول و يطمعون حتى الساعة أن يخرج الشعب السوداني (الداجن) و يحزوا حزو التوانسة و المصريين و الليبيين .. تطمع زعاماتنا الهرمة أن نحملهم على أكتافنا الواهنة لنلدغ من إخفاق حكمهم المرة تلو المرة. لم تكن السانحة مواتية قط مثلما كانت في الفترة السابقة للنيل من المؤتمر الوطني و الحزب الوحيد الذي نال من المؤتمر الوطني بالضربة القاضية هي الحركة الشعبية لتحرير السودان التي نالت مرادها و تركتنا نبحث على أي جنب نكمل نومنا العميق. نستطيع أن نخرج و نقلب البشير و لكن السؤال من هو البديل؟ من البديل و البلد استعر فيها داء القبلية و العنصرية .. الكل يتوعد الكل .. الكل .. يخون الكل .. الكل يلغي الكل .. و أحزابنا ولدتْ زعيما واحد ثم عقمت أن تلد غيره.