تشريعي وللا استشاري؟ فيصل محمد صالح [email protected] يدور منذ عام 2009 نقاش مطول في البرلمان الإفريقي، ومقره جنوب إفريقيا، وأجهزة الاتحاد الإفريقي الأخرى، حول مسالة إعطاء البرلمان سلطات تشريعية، وهو أمر تعارضه كثير من الدول الإفريقية فيما يبدو. تكون البرلمان الإفريقي عام 2004 بناء على البروتكول المؤسس للاتحاد الإفريقي، باعتباره الجهاز التشريعي المكمل لأجهزة الاتحاد الإفريقي بجانب المفوضية التي تمثل حكومة الاتحاد ومقرها في أديس ابابا. ويتكون البرلمان حتى الآن من ممثلي 46 دولة أفريقية، من بين 53 دولة عضو بالاتحاد \"طبعا من غير جنوب السودان الذي يعمل على استكمال عضويته\". ويفترض في الدول الراغبة في العضوية أن توقع وتصادق على البروتكول، ثم ترسل كل دولة خمس نواب يتم اختيارهم من البرلمان الوطني لكل دولة، على أن يكونوا ممثلين لكل التيارات السياسية وأن تكون من بينهم امرأة، ويفقد النائب عضويته متى ما فقد عضوية البرلمان الوطني. وقد نص البروتكول على أن تكون للبرلمان صفة استشارية للاتحاد الإفريقي لمدة خمس سنوات \"انتهت عام 2009\" على أن يتم مراجعة البروتكول عندها والنظر في امكانية تعديله. وقد طلب البرلمان من السلطة العليا في الاتحاد الإفريقي، وهي مجلس رؤساء الدول، أن ينظر في تعديل البروتكول واعطاء البرلمان سلطات تشريعية، وكون الاتحاد لجان ما تزال تعمل منذ 2009 وحتى الآن. وبحسب تقرير نظره البرلمان قبل يومين، فقد تم عقد عدد من ورش العمل والاجتماعات واللقاءات التشاورية بين أجهزة الاتحاد وخبراء يمثلون الحكومات الإفريقية للنظر في التعديلات الممكنة. وحمل التقرير تعديلات في 26 مادة من مواد البروتكول، بينما تم ارجاء النظر في أهم مادتين بحسب طلب الخبراء الحكوميين للرجوع لحكوماتهم قبل ابداء النظر في التعديلات المقترحة. هاتان المادتان هما بيت القصيد، لأنهما توضحان السلطات والصلاحيات والصفة التشريعية للبرلمان، وطالما تم احالتها للحكومات فمن المتوقع ألا تخرج ابدا، أو تخرج بعد زمن طويل وعناء شديد. ليس سرا أن كثير من القادة الأفارقة وحكوماتهم لا يحتملون أو يحترمون برلماناتهم الوطنية، وهي إن وجدت فللزينة والعرض، لهذا من الطبيعي أن لا تتوفر لديهم الرغبة ليخضعوا لسلطات ورقابة برلمان ثاني وعلى المستوى القاري، ومسنود بقوة اقليمية كبيرة، هذا التزام لا يرغبون فيه ولا قدرة لهم عليه. مشكلة البرلمان الإفريقي في نظري إنه لم يستطع التواصل مع القطاعات الشعبية والمدنية، هي وحدها التي يمكن ان تشكل قوة ضغط على الحكومات ، وما زال يتصرف باعتباره جهاز مرتبط بالحكومات أكثر من ارتباطه بالقواعد الشعبية والمجتمعية. واحدة من مشاكله أن الحكومات تعتبره ملازا وملجأ للسياسيين والوزراء السابقين الذين تعبوا من العمل السياسي والتنفيذي في بلادهم، فيتم احالتهم للبرلمان لينعموا ببعض الراحة و\"الفسحة\"، هذا سبب اساسي في تقليل فعالية البرلمان، وهكذا تريده الحكومات، وهذا سبب أيضا لأن الاتحاد الإفريقي لا يبعث مسؤوليه الكبار للمثول أمام البرلمان الذي ينعقد مرتين كل عام.