أشواك فى طريق الحوار الوطنى (1) عبد القادر محمد أحمد المحامى\\ [email protected] رغم كثافة الغبار المحيط بنا الا أنه ، وبحسب تقديرى المتواضع ، أن الرأى الغالب داخل الحزب الحاكم والقوى السياسية المعارضة يتجه نحو أو قل ، يتمنى ايجاد مخرج سلمى للأزمة السودانية . هذا الاتجاه أو التمنى تقف فى طريقه مسائل شائكة ومعقدة ، فاذا كان الحل المتصور يكمن فى الاتفاق على مرحلة انتقالية تسيرها حكومة قومية تجهز لانتخابات حقيقية ، فان من أهم المسائل الشائكة الواجب حسمها :- ماهو وضع الرئيس البشير الصادر فى حقه أمر قبض من محكمة الجنايات ؟ كيفية تحويل مؤسسات الدولة من مؤسسات تتبع للحزب الوطنى الى مؤسسات قومية .؟ كيفية معالجة الجرائم السياسية التى ارتكبتها حكومة الانقاذ ؟ كيفية معالجة قضايا الفساد ؟ اننا لا ندرى تفاصيل ماتم بين الحزب الحاكم وحزب الأمة الذى كان مفوضا من قبل أحزاب المعارضة فى اجراء الحوار الوطنى ، ولكن الواضح أن هذه النقاط بالذات هى التى تقف حجر عثرة فى طريق الوصول لحل سلمى وتجعل الحزب الحاكم يبدو متعنتا فى الوصول للحل النهائى . لذلك يجب علينا أن نتناول هذه المسائل بكل صراحة ووضوح وبتحكيم صوت العقل بعيدا عن روح الكراهية والتشفى ، بغرض محاولة ايجاد مخرج يجنب بلادنا ما تواجهه من أخطار . غير أنه من أكبر المسائل التى تواجه الحوار الوطنى صعوبة تهيأة الجو النفسى العام الملائم لاستمرار الحوار ووصوله لغاياته ، ففى الوقت الذى نشهد فيه أعضاء من الحزب الحاكم يتقدمون لحكومتهم بمذكرة يقرون فيها بفساد بعضهم وينبذون فيها سياسة الاقصاء والشمولية والعقلية الأمنية ويقرون بعدم استقلال القضاء وبتزوير الانتخابات وازكاء روح الجهوية والقبلية ...الخ ، وفى الوقت الذى يتحدث فيه رئيس الجمهورية عن بعض قضايا الفساد فى دولته ثم يكشف عن ذمته المالية بما يتيح لنا أن نقول له من أين لك هذا ، ثم يقر بما حدث من تمكين وتسييس فى الخدمة المدنية ، نجد بعضنا يقابل كل ذلك بالشماتة والاستهزاء ، المذكرة تأخرت ، المذكرة مفبركة ..الخ ويفوت علينا أن هذه الاحداث فى ذاتها تشكل نقلة نوعية كبيرة فى مواقف النظام ، علينا أن نأخذ بها وندفع بها للأمام فى طريق الحل الوطنى ، أما السلبية والتعليق الساخر فلا تفسير لهما الا اذا كنا فى انتظار لحظة أن يحمل الحزب الحاكم مفاتيح القصر الجمهورى ويسلمها للمعارضة . لقد ان الأوان لكى تقوم المعارضة بدورها فى تسوية صفوفها ومحاسبة نفسها وتقييم أدائها ، فرغم مضى السنوات وتبدل الأحوال ما زال بعض المعارضين يجلسون على كراسى وثيرة كتبوا عليها بأقلامهم ( المعارضة الوطنية ) ووضعوا شروطا لجلوس غيرهم على تلك الكراسى منها ألا تكون منتسبا للحركة الاسلامية من قريب أو بعيد ولو بصلة الدم أو النسب ، وألا تكون قد عملت مع حكومة الانقاذ ، وألا تدعوا لحل الأزمة السودانية بالتى هى أحسن ، وأن تتعهد أنت وأبناءك وأحفادك بأن تكونوا فى انتظار الانتفاضة الشعبيه لتأخذ للشعب السودانى بثأره وترمى بالحكومة وحزبها فى البحر ليعم السلام والاستقرار وتنتهى مشاكل السودان فى ذات يوم الانتفاضة . الاخوة المعنيين وهم جلوس على كراسيهم الوطنية الوثيرة كل ما يملكونه ويفعلونه هو المراهنة على سقوط النظام بقيام الانتفاضة اثر أحداث معينة ظلوا ينتظرونها ، فاذا بالمفاصلة تقع داخل النظام ولاشئ يحدث ، واذا بالنظام يبيد مواطنيه فى دارفور والشمالية والشرق ولاشئ يحدث ، واذا بالظلم والفساد والفقر يعم البلاد ولاشئ يحدث ، واذا بالسودان يتقسم ولا شئ يحدث ، واذا بالانتخابات تزور جهارا نهارا ولاشئ يحدث ، واذا بالحروب تعم اطراف البلاد ولاشئ يحدث . هذا الحال يذكرنا بصاحبنا الذى كان يقف على رصيف الشارع فاذا بمناد على الجانب الاخر يشير اليه باصبعه أن يقطع الشارع ويأتيه ، فانصاع صاحبنا وقطع الشارع المزدحم بالسيارات وهو يقول لنفسه ( نمشى نشوف الزول ده عايز شنو ). ثم طلب المستبد من صاحبنا أن يتبعه فانصاع صاحبنا قائلا (نمشى نشوف الزول ده عايز شنو ) . اختلى المستبد بصاحبنا فى مكان امن وقام بصفعه على خده وطلب منه أن يدير له الجانب الاخر ففعل صاحبنا وهو يقول ( نشوف الزول ده عايز شنو ) فصفعه المستبد على خده الاخر ثم طلب منه الانصراف والحضور فى اليوم التالى لذات المكان ، فانصرف صاحبنا قائلا لنفسه ( نجى بكره نشوف الزول ده عايز شنو ).!! ان أكبر دليل على حالة العجز التى يعيشها البعض الأمل الذى بدأ ينتابهم على اثر ما عرف بثورات الربيع العربى . شعوب فى بلدانها تشعر بالظلم والفساد فتثور ضد حكامها الطغاة وتسقطهم ، فيكون ذلك كافيا لبعث الأمل فى نفوسنا ونحن جالسون داخل وخارج السودان لا نفعل شئ ولا نفكر فى شئ ولا يستفزنا شئ ، ويبقى لا مبرر للأمل الا أذا كنا فى انتظار أن ينتهى شباب ميدان التحرير بالقاهرة من مهمتهم ليأتوا بعدها لميدان الشهداء بالخرطوم . والمضحك المبكى أننا جلسنا أمام التلفزيون فى لهفة لمعرفة نتيجة التصويت الذى طرحه الأستاذ فيصل القاسم : هل سيكون هناك ربيع سودانى أم ان الزعيم الانقلابى الحالى هو ذاته زعيم الربيع السودانى !! ومن فاتته الفرصة كان يسأل صباح اليوم التالى : يا جماعه النتيجه كم !! ان الأسباب التى حالت بين الشعب السودانى وتكرار تجربتى أكتوبر وأبريل معلومة للجميع ولاحرج ، والمبررات التى ساقها السيد الصادق المهدى والكثير من حكمائنا بضرورة السعى لايجاد مخرج وطنى سلمى للأزمة أيضا معلومة للجميع ، ويبقى على الذين يكابرون ويراهنون على سقوط النظام بالانتفاضة الشعبية وهم لا يخطون أية خطوة نحوها سوى الجعجعة والثرثرة والهمز واللمز وتغليب شهوة الثأر والانتقام ، أن يتقوا الله فى بلدهم ومستقبل الأجيال . ولن تكتمل الصورة الا بالمواصلة .