إليكم مصنع السكر... أُولى خُطى التستُر..!! الطاهر ساني [email protected] ** ممتاز ..أحمد إبراهيم الطاهر، رئيس ما يسمى بالبرلمان، يسبق لجنة التحقيق الرئاسية - بالف سنة ضوئية - ويكشف المسؤول الأساسي عن ملابسات ماحدث ويحدث بمصنع سكر النيل الأبيض .. هكذا يجب أن يكون الجد والإجتهاد في الاهتمام بقضايا الناس والبلد .. نعم، أول البارحة تم الإعلان عن تشكيل اللجنة الرئاسية المناط بها التحري والتحقيق في تلك الملابسات، ولكن يبدوا أن لرئيس البرلمان آليات وأجهزة أقوى وأسرع في حل طلاسم تلك الملابسات، ولذلك لم يكن مدهشاً أن تصدر صحف البارحة بأسماء المتهمين في قضية تأجيل افتتاح المصنع..وعليه، نقترح تجميد نشاط لجنة التحقيق الرئاسية، وليس هناك من داع للصرف عليها، إذ نتائج تحقيق رئيس البرلمان قطعت قول كل خطيب ولجنة تحقيق..قال رئيس البرلمان لصحف البارحة : ( ملابسات تأجيل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض ورائها حرب خفية تقودها امريكا واسرئيل)..تبرير رائع، ولكن نسأل بكل براءة : عرفنا امريكا، اسرائيل ذنبها شنو ؟..إذ برنامج التشغيل المفترى عليه - في بياناتهم واستقالاتهم - أمريكي وليس إسرائيلي، ومع ذلك نجح رئيس البرلمان في تشكيل ذاك التحالف العسكري..وعليه، تحليل مولانا أحمد ابراهيم للحدث - وتشكيل خياله لتحالف امريكي اسرائيلي ضد المصنع - لايختلف كثيراً عن رد فعل الكمساري الذي تشاجر مع أحد الركاب وسبه قائلا : ( ياخ حريقة فيك وفي أب طاقية القاعد جنبك) ..!! ** المهم..أي ذاك التحليل البرلماني ليس مهماً، فهو محض تبرير هلامي ومحاولة للبحث عن شماعة تتحمل أخطاء المسؤولين عما حدث..توقعت أن يبدأ البرلمان دورته البرلمانية باستدعاء وزير الصناعة ومساءلته عما حدث من حرج للناس والبلد أمام ضيوف الدنيا والعالمين، ثم أحسنت الظن في البرلمان بحيث توقعت بأن يكون أول تصريح لرئيس البرلمان في هذا الامر هو إفادة صارمة وصادقة من شاكلة : لقد شكلنا لجنة تحقيق برلمانية لمعرفة ماحدث ويحدث في مصنع سكر النيل الأبيض..ولكن للأسف، كالعهد به دائما - من زمن أنا قلت نعم، يلا قولو نعم - يخيب هذا البرلمان ظن الناس والحياة، ويجد التبرير لمؤسسات الدولة التنفيذية عند كل خطأ أواهمال، وإن لم يجد تبريراً منطقياً يخلق تبريراً هلامياً من شاكلة (انها الحرب الصليبية التي تستهدف الشريعة ومكتسبات الأمة وسكر النيل الأبيض)، أو كما يقول لسان حال رئيس البرلمان ..!! ** لم ينضج البرلمان أبداً، ولم يتعلم من تجارب دوراته بحيث يكون جهازاً رقابياً فاعلاً يكشف الأخطاء ويحاسب المخطئين، بل كان ولايزال و سيظل برلماناً يتمادى في ترسيخ نهج خادم الفكي الذي يقول (نعم)، حين يأمره أي جهاز تنفيذي بذلك، ويقول (لا)، حين يطالبه أي وزير - أو أي مدير - بذلك..لم - ولن- يخرج من عباءة الأجهزة التنفيذية وسادتها، ولذلك ليس بمدهش أن يتدثر بثوب وزارة الصناعة ويتزمل بجلباب إدارة المصنع، ويقول بلسان حالهما :( دي حرب امريكية اسرائيلية)، وكأن المصنع كاد أن يُنتج ( أسلحة دمار شامل)..متى ينضج نهج هذا المسمى بالبرلمان، بحيث يحاسب غير الناضجين من التنفيذين على أخطائهم الفادحة؟..وإن عجز عن ذلك، فمتى يتعلم هذا المسمى بالبرلمان فضيلة الصمت، بحيث لايبرر للمخطئين أخطائهم وللمسؤولين لامبالاتهم، كما الحال اليوم؟..إدارة المصنع لم تتفاجأ بالمقاطعة الأمريكية أيها البرلمان السوداني، ولا المقاطعة الأمريكية وليدة البارحة، بحيث يكون برنامج التشغيل تبريراً منطقياً..ثم هذا البرنامج ليس هو كل الأسباب أيها البرلمان، هناك أسباب لما حدث وكان عليك - كجهاز رقابي ومحاسبي - بحثها ثم تحديد شخوصها، بدلا عن إيجاد الاعذار والبحث عن التبريرات الواهية، وكأن رئيس البرلمان هو مدير عام المصنع..!!