العصب السابع فرصة أخيرة..!! شمائل النور لو تهاونت الحكومة في التحقيق في فضيحة سكر النيل الابيض أو لو لم يتم التحقيق بمواجهة مطلقة حتى لو ورط أكبر الرؤوس.. فستثبت الحكومة دون جهد أنها لا تستحقّ أدنى حد من الثقة التي يمنحها لها "البعض القليل" من الذين يؤملون في أن تُغيّر الحكومة ما بنفسها وتحديداً فيما يتعلق بقضايا الفساد.. قضية سكر النيل الأبيض إضافة لكونها نموذجاً مميزاً للتهاون في المال العام للدرجة التي أوصلتها أن تكون أفضل نموذج يتفرج عليه العالم الذي كان حاضراً في السودان، فقد مثلت الحادثة حرجاً كبيراً وتشويهاً لصورة السودان تنقلها وفود الدول المشاركة في اجتماعات بنك التنمية الإسلامي الذي موّل المشروع ب 65 مليون دولار.. تنقلها بصدق كامل دون وسيط إعلامي.. أكثر من ذلك ماذا ينتظر تشويه الصورة.. هذه فرصة كبيرة للمحاسبة إن أرادت الحكومة أن تفعل ذلك، وهو امتحان آخر في مكافحة الفساد. ظلت الحكومة في الفترة الأخيرة تفتح ملفات فساد كثيرة وفي ذات الوقت تصمت عنها بعد أن تثيرها الصحافة وتُحدث ردود أفعال واسعة كلها تنتظر أن تسير الحكومة خطوة في اتجاه المحاسبة لكن ما يحدث إما الصمت أو أن يصدر بشأنها قرار يقضي بحظر النشر لكن المحاسبة لا تتم.. على سبيل المثال لا الحصر تقرير المراجع العام لهذا العام، عن "39" حالة اعتداء، تم البتّ في عدد "2" حالة وهناك عدد "9" حالات أمام المحاكم و"26" أمام النيابة، وعليكم أن تقارنوا بين سرعة الإيقاع في نهب المال العام وبطء إيقاع محاكمة من يعتدون عليه.. مقارنة لا يقبلها المنطق، ورغم ذلك تتكرر كل عام.. ومن حقها أن تُكرر نفسها وبزيادة ما دامت المحاسبة غائبة.. ملف التقاوي الفاسدة ماذا حدث فيه وإلى أين ذهب؟ إلى العدالة أم إلى الأبواب المغلقة.. البرلمان مفتوح على طاولته "65" ملف فساد لم يبتّ فيها.. هذا الجزء المكشوف فقط وما خُفي أعظم.. كل هذا جزء يسير من مؤشرات تعني غياب المحاسبة، ما جعل المفسدين يتمددون في فسادهم أكبر وأكبر، غياب المحاسبة يعني عملياً، لا ضير من المزيد من جرائم الاعتداء على المال العام، بل قد تكون قائمة على مبدأ "ما بيناتنا".. وإلا لماذا الزيادة السنوية في نسبة الاعتداء على المال العام.. الآن هذه فرصة أخرى ربما أخيرة في إبداء قدر من الجدية في محاسبة كل من يهدر المال العام أو مجرد التهاون فيه. إن أرادت الدولة أن تحارب الفساد فعلاً لا استهلاكاً للحديث، فما عليها إلا أن تصدر توجيهاً بإسقاط كافة حصانات الدستوريين والتنفيذيين، ثم بعد ذلك قد لا نحتاج إلى مفوضية وصرف أموال وتكفينا فقط تقارير.. أتذكرون، نيابة المال العام في آخر تقرير للمراجع العام والخاص بموازنة ولاية الخرطوم للعام المنصرم، لم تستطع هذه النيابة أن توقف الموظفين الذين ثبتت عليهم التجاوزات، رغم أنهم لا يملكون حصانات..! التيار