[email protected] الان يمكننا ان نؤكد بإطمئنان ان المتشددين و المتشننجين و التكفيريين لم يصنعوا انفسهم بانفسهم . و إنما كان النظام القائم هو من نفخ فيهم روح السفور و الفجور فى الخصومة فصاروا لا يرعون لله حقا و لا للوطن قيمة و لا للدين يسر و لا للاعراف و تقاليد التسامح السودانية المستمدة من تعاليم الاسلام حظا . لقد ضجت الحلوق و التهبت الحناجر بدعوة النظام القائم بتقدير خطورة التطرف الدينى التى اطلت برأسها منذ زمن باكر و تجلت سيرتها و فعلها فى مسجد الجرافة و اغتيال الفنان و الكثير من مثل هذه التطرفات ليست اعلاها تكفير المرحوم محمد ابراهيم نقد و لا ادناها حرق و تدمير الاضرحة فى شرق النيل . قلنا فى هذه الحادثة الاخيرة ان المؤتمر الوطنى بدأ يشعر بالكارثة التى ارضعها ثديه بدأ فى عضه . و لكن يبدو ان – عض الحبيب احلى من الزبيب – فضمّد ثديه المعضوض واعطاها الآخر فكانت عضة حرق مجمع الكنيسة الانجيلية الاخير فى الجريف غرب . و الجريف غرب علها البيئة الخصبة لهذه العقول التكفيرية فمنها تبرعمت هذه الافكار و تعملقت و صار لها دعاة يجدون الحظوة و الخطوة على اعلى مستويات الدولة التشريعية و التنفيذية , وتغذيها كل يوم الافادات المتشنجة للقيادات السياسية على مختلف تراتيباتها فى سلم النظام . و بدأت مساحتها فى الانتشار خاصة بعد انفصال الجنوب و رواج وهم النقاء العرقى و الدينى على منابر العرقيين العنصريين . لو ان كل ذلك كان قد حدث فى غفلة من الناس و من النظام لقلنا ان الامر ملحوق و يمكن معالجته و كفاية شره فى مهده . و لكن الواقع غير ذلك فلقد ظل خطاب و خطب الكراهية و الاقصاء و رفض الاخر عرقيا و دينيا يستمد جذوته من سياسات الحزب الغافل الحاكم و منذ وقت طويل و كانت تجلياته – تطبز-عيون الناس فى مختلف المواقع و الاماكن و المحافل و المساجد لدرجة ان يطرد المسلم من الصلاة فى الصفوف الامامية لان الامام لا يراه مؤهلا لذلك . فالهجوم الاخير على مجمع الكنيسة الانجيلية فى الجريف غرب لم يأت بتوجيه من حزب الله فى لبنان و لا من الآيات فى ايران ،و لكن جاءت الدعوة لهذا التخريب فى تعاليم الاسلام و وأد التسامح مترجما للدعوة التى انطلقت من داخل ذلك المسجد و من خطبة ذلك الرجل المشهود له بمثل هذا الانغلاق الفكرى . فالمسجد معروف و الرجل علم على رأس المؤتمر الوطنى و الجريمة ماثلة ، و الحق العام المهدر مسئول عن صيانته الحاكم .و فى مثل هذه الواقعة المعروفة و المحددة و المثبتة لا يحتاج الامر للجنة تحقيق ، و لكن يحتاج لأمانة التكليف ان تقوم بإنفاذ ما عليها , و الحمد لله لنا وزارة داخلية و لنا محاكم و لنا نيابة عامة و لنا اصحاب حق عام وخاص مطالبون . فلينظر الحزب الحاكم على اية جهة يمرر قلم التصحيح . فالمسألة إما صاح او خطأ ؟ و الشعب السودانى كله يراقب و ينظر الى اين سوف يقوده النهج التكفيرى هذا و الذى يجد سنده من بعض النافذين الغافلين و المغفلين عن ما يحيط بكل الوطن حدوده و دينه و سلامته و سلامه الاجتماعى . اولئك الذين لا يرون فى السلطة و الغفلة الا فرصة يهتبلونها ليبنوا عليها مجسمات الوهم على رمال متحركة سرعان ما تنهار عليهم و على اوهامهم و على كل مقدرات الوطن . بعد هجليج و كما يقول القدال : أنا ما بجيب سيرة الجنوب – و لكن تظل سيرة الجزء المتبقى من الوطن على مهب الريح لو استمر الواهمون فى الجزب الحاكم فى ما هم سادرون فيه من تعنت و غفلة و استعلاء و استهانة بما يجرى من تحت ارجلهم و من بين ايديهم و"البربى المحن لابد يلولى صغارن" و هذه المحن شبت عن الطوق و لن تنوم ابدا ،و اصبح لها هزيم و رزيم و رعد و برق وسكاكين وكبريت ورصاص ودعاة اخطر من كل هذه الاسلحة فى هذا الزمن الفارق بين ان يكون السودان او لا يكون . تقول المبادئ الأساسية 4/ب الأديان والمعتقدات والتقاليد والأعراف هي مصدر القوة المعنوية والإلهام للشعب السوداني،(ج) التنوع الثقافي والاجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي، ولا يجوز استغلاله لإحداث الفرقة، استنادا على هذه المبادئ الملزمة دستوريا يحق لاى مواطن ان يرى فى ان ما حدث سابقا و ما حدث اخيرا فى الجريف شرق تعديا سافرا على هذا الدستور و على حقوق المواطنين على مختلف دياناتهم و ثقافاتهم و اعراقهم و جنسياتهم مع ملاحظة ان ما تمّ فى حرق مجمع الكنائس الانجيلية تخطى النزعة الدينية التكفيرية الى التباغض العرقى و اشعال نار الفتنة العنصرية و بذلك يكون قد تخطى كل الخطوط على مختلف الوانها ليضرب عميقا فى اساس الوحدة الوطنية . و بذلك لا يمكن تصنيفه فى حدود الاختلاف فى التفسير الدينى لتعاليم الاسلام بل ينبغى ادراجه فى خانة جرائم العنف و الجنايات التى لا ينبغى لحزب الحاكم ان يعتبر محاسبة فاعليه خصما على رصيده الدينى . عليه مباشرة الاقدام على الفعل المطلوب حيال من يخرق الدستور و يرتكب الجرائم التى تهد بنيان الوحدة الوطنية و تضر كثيرا بسمعة الاسلام و المسلمين .