بعد (32) سنة (50) سهما ببنك (رايح) تربح (12) جنيها!! تحليل اقتصادي: د. أنور شمبال [email protected] اشترى المواطن سيف الدين حسن صالح بتاريخ 851980م (50) سهما بالشهادة رقم (20566) نظير مساهمة منه لإنشاء (البنك السوداني للاستثمار)، ثم لم يلبث أن سافر الى خارج للعمل، وعندما عاد الى البلاد بعد سنوات، بحث عن البنك الذي ساهم في إنشائه ولم يجده، وذهب الى بنك السودان المركزي مستفسراً عن البنك وعن أسهمه، فأفاده بكل بساطة أن أسهمه تم تحويلها الى البنك السوداني الفرنسي، ولكنه لم يوضح له أين ذهب البنك السوداني للاستثمار، ولا الطريقة التي (تبخر) بها. حفظ الحقوق رفع سيف الدين سقف آماله، بعد أن حفظ له بنك السودان حقوقه من الضياع، وذهب إلى البنك السوداني الفرنسي، واعترفت إدارة البنك بحقه، ومنحته في أول زيارة له تقريرا يفيد أن أصل أسهمه (52) سهما وزادت تلك الأسهم إلى أن بلغت حوالي خمسة آلاف سهم بإضافة أسهم مجانية للسنوات الطويلة وحصص أرباح الأسهم، ولكن المفاجأة المذهلة، أنه عندما طلب من البنك في مايو الماضي صرف أرباحه، أخطره البنك أن أسهمه تقلصت الى (13) سهماً فقط، وأن حجم أرباحه منها للفترة (1988 – 2011م) أي في (21) سنة فقط (12) جنيها وسبعة قروش لا غير، وفق تقرير البنك الذي بحوزة (السوداني)، وفي الوقت نفسه أن لكل بنك أموال مصنفة تحت بند المال الخبيث يتبرع به للخدمات الاجتماعية، وعند الكوارث الطبيعية، وفي بعض الأحيان يتولى البنك المركزي مسئولية التبرع بها، فربما صنفت تلك الأموال تحت هذا البند فذهبت تبرعاته الى من يستحقون الإعانات، ولكن تظل الواقعة بحسب رد البنك السوداني الفرنسي مثار جدل، علامة من علامات الخلل أو الإهمال في إدارة مثل هذه الأموال. قصص أخرى لم تكن القصة هي الأولى التي وردت الي خلال عملي في الصحافة، بل هناك أمثلة كثيرة أعاد تصحيح بعضها البنك المركزي الذي خصص إدارة مختصة بهذه المخالفات وهي إدارة الرقابة على الجهاز المصرفي، وقصص أخرى ذهبت إلى المحاكم وبت فيها القضاء، كقضية المواطن أحمد حسين الذي اشترى في العام 1985، نحو 500 سهم بمبلغ 25 ألف دولار، ودفع له البنك 700 جنيه كفالة واعتبرها البنك قيمة الأسهم وأرباحها خلال 24 عاما، في الوقت الذي يساوي مبلغ قيمة الأسهم نحو 100 مليون جنيه، وبموجب ذلك رفع قضية ضد بنك فيصل الإسلامي لتصرفه في أسهمه بالبيع عند غيابه في مصر مدة 18 عاما، في سوق الخرطوم للأوراق المالية، تحت المادة 177 من قانون الجنايات (خيانة الأمانة)، والتي امتدت إجراءات التقاضي فيها لأكثر من سنتين، نقلت وقائعها الصحف وانتهت بشطب القضية. وأما سيف الدين حسن صالح وهو رجل اقتصادي عمل بوزارة المالية الى أن بلغ نائب وكيل وزارة المالية، فقد ذهب الى البنك السوداني الفرنسي بتاريخ 332005م، ومنحوه تقريرا يفيد بإضافة أسهم مجانية للعام 1997 وأصبحت الجملة 104 أسهم، ثم إضافة أسهم مجانية للعام 2000 بعدد 1040 سهما فأصبحت جملة الأسهم 1144سهما ، ثم إضافة 1444 سهما للعام 2001 مجانا فأصبحت الجملة النهائية 2288 سهما، ليبلغ الاستحقاق المادي (190) دينارا كأرباح ولم يقم بصرفها. وفى تاريخ 2792005 تم تسليمه تقريرا آخر يفيد أن جملة أسهمه 2200 سهما، وليست (2288) سهما، وأن الاستحقاق المادي 445 دينارا ضمن الأرباح، ولم يصرفه أيضاً، كما تم تحويل الشهادة الخاصة بالأسهم من الرقم 20566الى الرقم 20339 34. وذهب سيف الدين فى تاريخ لاحق فى العام 2005 فتم تسليمه تقريرا ثالثا يبين أن أساس الأسهم 50 سهما معه زيادة الأسهم على النحو الموضح مع ارتفاع المبلغ النقدي الى 276 دينار ولم يصرفه، حيث كانت جميع التقارير ذكرت الفترة 19882005م. وبتاريخ 95 2012م ذهب الى البنك السوداني الفرنسي للاستفسار عن أرباح الأسهم المشار إليها والتى وصلت الى 4997 سهما كما كتبت فى التقرير الأخير، فتم تسليمه خطاب للذهاب لخزينة البنك لكي يصرف الأرباح وتم تسليمه ما يثبت ذلك، وورد فى الخطاب التالي أن شيك حصص الأرباح عن الأعوام 1988 - 2011 م، وانخفض فيها عدد الأسهم إلى 13 سهما فقط، بجملة أرباح (12) جنيها وسبعة قروش فقط لا غير. أسئلة عالقة فالسؤال الذي يتبادر للذهن، كيف تم الحساب، ولماذا نقصت الأسهم الى هذه الدرجة، وهل يعقل أن يصرف صاحب أسهم ترك أسهمه للبنك (24) سنة دون أن يصرف أرباحها (12) جنيها؟، فمن حيث شكل هذه التقارير فإن القضية بها خلل بائن، ولا ندري بماذا يجيب وزير المالية، ومحافظ بنك السودان المركزي، ومدير عام البنك المعني عن هذه الواقعة؟، وهل مثل هذه الإدارة تمكن من النهوض بالاقتصاد السوداني؟، وأما من الناحية الموضوعية فإن الأمر يرجع لأهل الاختصاص، والدراية ومن بينها الإدارة المختصة ببنك السودان المركزي. حرصت أن أشرك إدارة الرقابة على الجهاز المصرفي في تفسير هذه التقارير إلا أنها استعصمت عن التعليق بحجة أنها لا تطلق الأحكام على ممارسة مصرفية قبل أن تدرسها وطالب صاحب الأسهم بتقديم شكوى رسمية لها للنظر فيها، إلا أنها لم تنكر أنها فصلت في مثل هذه المخالفات، ومن أكثر من بنك، الأمر الذي يجعل الإفصاح والشفافية في مثل هذه المعاملات مهمة لنظام مصرفي ملتزم بالمعايير المهنية. *هذا التحليل تم سحبه من صحيفة السوداني