خلوها مستورة طارق عبد الهادي [email protected] المتعافي والزراعة أدركت الجزء الأخير من حوار وزير الزراعة دكتور المتعافي مع الطاهر التوم بقناة النيل الأزرق ، الجزئية المهمة كانت عند إجابته لسؤال هام متكرر للمشاهدين حول ما الذي يجعل المستثمر الخليجي في مجال الزراعة لإنتاج الأعلاف و الدواجن والماشية والألبان، ما الذي يجعله يهرب من السودان هروب السليم من الجمل الأجرب، وقد ذكر هؤلاء المستثمرين أكثر من مرة عبر الإعلام معاناتهم مع الإتاوات التي تفرضها المحليات والمعتمدون بهذه المحليات ويفرضها الولاة! كجزء من الفوضى العامة لإدارة البلاد بهذا النهج الأعرج، النهج هو هو منذ ثلاث و عشرون عاما، على سبيل المثال لا الحصر تصريحات الشيخ صالح عبداللَّه الكامل رئيس الغرفة الإسلامية خلال مؤتمر الأمن الغذائي الأخير بالخرطوم، بخصوص عدم حدوث أي تغير يذكر في مناخ الاستثمار بالسودان على مدى عشرين عاما منذ خطابه الذي ألقاه في مارس عام 1990م خلال مؤتمر تنمية الاستثمار العربي والأجنبي بالسودان والى الآن، تصريحات نجيب ساريويس بان السودان هو اخطر مكان للاستثمار، ثم مؤخرا تصريحات مدير شركة المراعي السعودية فهد الغانم الوزير المتعافي لا يستوعب او لا يهمه أن رسوم التصاديق والإتاوات والجبايات هي التي تجعل الرأسمالية الوطنية تفر من الزراعة في السودان فرار السليم من الأجرب بينما هو دائما يستسهل القول بان السودانيين شعب كسول وهذا يجافي الحقيقة، هذا الحال حدا بالكثيرين للاستثمار في العقارات والأراضي بولاية الخرطوم ، مما قاد للمضاربة فيها ، لأن الزراعة غير مربحة وغير مجزية لكثرة الإتاوات والرسوم والضرائب غير المنطقية وكان المفترض بعد هذه السنوات المتطاولة من الحكم ان يكون الذي يحيط بالخرطوم الآن سندسا اخضرا وان تملأ العاصمة وغيرها من المدن ثمارا وخضارا ووعدا وتمني ولكن لأن من يدخل هذا المجال يتم حلبه حتى النهاية ثم يلقى جيفة بعد تجربة واحدة فقط ، نجد أصحاب رؤوس الأموال لجئوا للاستثمار في العقارات وليس الاستثمار في مشاريع الإنتاج الحقيقية الزراعة والصناعات التحويلية الناشئة عنها، البيروقراطية قتلت الطموح، التنافس في الإتاوات بين الوحدات والوزارات المختلفة، كأن بينهم نزاع شخصي يصفونه في حلب المستثمر او المزارع الضعيف، الرسوم العالية على التصاديق، و الزكاة بتقدير مجحف جدا والإتاوات بمسميات مختلفة ثم الضرائب المفروضة على المنتجات نفسها في مكان إنتاجها وأثناء ترحيلها من ولاية إلى أخرى كأنها تدخل من دولة إلى أخرى ، صفافير وشرطة ورسوم ، مالكم كيف تحكمون!. وزارة الزراعة في بلد مثل السودان ينبغي ان تكون من الأهمية بمكان كوزارة النفط في دول الخليج ، بحيث يتولاها شخص لديه عشق حقيقي للزراعة، للطين، ومهموم بالصناعات التحويلية الزراعية، شخص يعشق الخضرة ويجوب أنحاء البلاد طولا وعرضا وكان من الأفضل لدكتور المتعافي أن يتفرغ لأعماله الخاصة فهو نسي الطب وهو يقول انه شاطر! في أعماله الخاصة، عليه أن يتناول الشواء في مزرعته الخاصة التي تربح 400 مليون جنيه في العام فما للبلاد له من حاجة وهناك من هو أكفا منه بمراحل في الإدارة وفي الزراعة وفي الاثنين معا، ارتبط عهده وكثر الحديث فيه في الصحف والإعلام عن التقاوي الفاسدة ، المبيدات الفاسدة ،الآليات المستعملة الفاسدة، خلط العمل الخاص مع العام، بعد كل هذا أليس أكرم له أن يبتعد ويحل عن الركوب على ظهر الزراعة والناس. وزير بلا خيال وليست لديه أفكار حول إمداد الرقع الزراعية الصالحة حتى داخل الصحارى بالكهرباء وكهربة ضفتي النيل الأزرق والأبيض ونهر النيل نفسه ، من المعيب ان نرى الطلمبات في شمبات حتى الآن تعمل بالديزل، ولا أفكار حول إلغاء الجمارك وكافة الرسوم المحصلة على طلمبات سحب المياه من النيل او المياه الجوفية والتكلفة الباهظة التي تجابه من يطرق هذا المجال سواء كانت المياه من آبار جوفية على عمق خمسة أمتار أو عشرون مترا (الخليجيون يستخرجونها من عمق أربعمائة متر) وهي حارة تغلي وتوضع في أحواض للتبريد لمدة لساعتين حتى لا تقتل الزرع ومن ثم توزع للزراعة و نحن النيل عندنا ممددَا وممِددا لنا لسانه وما ذلك كله إلا لارتفاع أسعار طلمبات سحب المياه نتيجة للجمارك والجباية والقيمة المضافة، وارتفاع أسعار الكهرباء ،إذا أردنا للزراعة والخضرة أن تنطلق وللمبادرات الفردية أن تطلق من عقالها وللخير أن يعم في بلد مثل السودان هو بإصدار قرار بإلغاء الجمارك وكافة الرسوم المحصلة على طلمبات سحب المياه الجوفية أو من النيل ويشمل المعدات الكبيرة مثل الجرار الزراعي (التراكتور) والحاصدات الزراعية وإلغاء الأمية بين خريج الزراعة والمعدات الزراعية الحديثة من تراكتورات و معدات ثقيلة فآفة هذه البلاد هو قول خريجيها وترفعهم بان هذا عمل فنيين وعمال! لذلك ينبغي إدخال تعلم هذه المعدات في منهج كلية الزراعة وينبغي أن يكون سعر الكهرباء للزراعة مختلفا واقل عن سعر السكن ، تكلفة سعر الكيلووات ساعة في السودان هي عشرة قروش ولكنه يباع للمواطن بمائة قرش ويطمع أصحاب الكهرباء في الزيادة المجنبة! الواقع أن سعر الكهرباء عندنا سواء للزراعة أو السكن أربعة أضعاف السعر الموجود بكل الدول المجاورة لنا وهي دول مشابهة لنا مثل مصر وإثيوبيا، بدون بيع الكهرباء للزراعة بسعر التكلفة أو بربح هامشي صغير لن تنشط الزراعة و لكن بالكهرباء الرخيصة سيسحب المزارع الماء من النيل أو المياه الجوفية ويكتفي من الخضر والفواكه واللحوم ولاحقا المزارع الغني المكتفي من اللحوم صاحب المواشي سيتحمل الضرائب ويدفعها عن طيب خاطر وهي تعادل المليارات التي تجنيها هيئة الكهرباء من التحصيل العالي الآني (إنهم يحبون العاجلة) ، أعطي المزارع كهرباء رخيصة و بعد حدوث الخضرة والإنتاج والخير الوفير وفرص العمل افرض عليه ضريبة ،سيقول لك جدا نعم مقبول. عقلية وزير الكهرباء والسدود للدولة أنا جبيت لكم كذا مليار! لخزينة الدولة على قاعدة (أنا اجبي إذن أنا موجود! وأنا مجنب!) والجباية العالية المتمثلة في سعر الكهرباء للزراعة أو جمارك معدات وطلمبات سحب المياه والمعدات الزراعية الثقيلة هذان الاثنان يقعدان بالزراعة في السودان و يقتلان الروح والمبادرة الفردية ومن ثم الصناعات الزراعية والتحويلية تتعطل ، لذلك أسعار السلع الغذائية مرتفعة عندنا، والشباب عاطلون، ذاهبون للتعدين العشوائي والنيل هاملا وبئر معطلة وقصر مشيد.