هل ثمة نظام دولي بديل يتشكل فعلا؟ّ!    ساردية يحقق فوزاً ودياً ويؤكد جاهزيته لدوري شندي المحلي    الشعلة والنصر في نهائي كأس السودان برفاعة    (انسوا الدوري الرواندي)    خبير عسكري يطلق التحذير من خطر محدق جديد في السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    تقرير عن معارك درع السودان بمحاور كردفان    فوز قاتل ضد الإمارات يقود العراق إلى الملحق العالمي بتصفيات المونديال    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الجيش السوداني ليس في سباق مع أي جهة    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    زي جديد تريعة البجا جبل اولياء    انسحابات للجيش في مناطق بالسودان..خبير عسكري يكشف تفاصيل    حملة بقيادة القائد محمد نور جربو وقادة منطقة الكدرو العسكرية    ابراهيم شقلاوي يكتب: المكتبة الوطنية .. جدلية الحرب والوعي    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بنزيما متردد بشأن مستقبله مع الاتحاد    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان الصاعد "يوسف مدني" يواصل إبداعه في تقليد المطربة إنصاف مدني بأغنية "الزول دا ما دايره"    شاهد بالفيديو.. أحد أقارب الممثل مؤيد جمال يفتح النار على الكوميديان عوض شكسبير ويتهمه بإرسال جنجويد لمؤيد من أجل تهديده والتحقيق معه    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    شاهد.. ناشطة الدعم السريع الشهيرة "أم أشواق" تنهار من البكاء وتعلن تخليها عن "القضية" ومساندة المليشيا    "خسرنا بالسحر".. مدرب نيجيريا يتهم الكونغو بممارسة "الفودو"    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    خالد عمر: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي لا تتعارض مع "الرباعية"    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    زيدان يقترب من تحقيق حلمه    الأولى منذ 7 سنوات.. محمد بن سليمان إلى واشنطن    أمم إفريقيا أول خطوات ليفربول لإبعاد صلاح    شاهد.. "القروش بتخلي البني آدم سمح".. جمهور مواقع التواصل بالسودان يواصل سخريته من المذيعة تسابيح خاطر بنشر صور قديمة لها قبل ظهورها في الإعلام    شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة "مونيكا": (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراقصون جلوسا


بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير
[email protected]
جامعة الجزيرة
12 نوفمبر 2010
الإنسان يختلف عن بقية الكائنات الحية بأنه ناطق (يتكلم) ويضحك ويرقص. أما الحزن والألم والشعور بالسعادة أو الفرح والخجل والقدرة على التعلم والهزار واللعب فكلها أحاسيس وأفعال مشتركة بين العديد من الحيوانات وبعض النباتات أيضا، لكن بأساليب مختلفة.
كل شئ في الحياة مبنى على إيقاعات. كمثال: ضربات القلب، الحركات التنفسية، انقباض العضلات اللاإرادية، إفراز الهورمونات، الجهاز العصبي وجهوده العصبية، حركات جفون العين، النوم ، الجوع، المزاج..الخ. أما في الطبيعة فان أغلب الظواهر مرتبطة بايقعات معينة مرتبطة بأصوات أو نغمات أو زمن أو ذبذبات.
الاتزان النفسي أيضا يرتبط بايقعات معينة لها علاقة (بالطاقة) الجسدية والنفسية التى قد تكون متزنة، كثيرة أو قليلة أو غير ذلك. الاتزان النفسي أيضا يرتبط بالأشكال وعلاقاتها بتنظيم توزيع الطاقة بالجسم، و بالتالي استعادة الاتزان الجسمي (الجسدي) و النفسي. لاحظ عزيزي القارئ عندما تكون في حالة نفسية مش ولا بد وتقوم بتلاوة القران بصوت مسموع ومرتل (بطريقتك الخاصة) ستكون النتيجة وصولك لمرحلة من السكينة و الهدوء ونسيان للمنغصات ولو إلى حين. كما أرجو أن تلاحظ طفلك أو طفلتك في أعمار سنة إلى سنتين عندما يستمع إلى موسيقى من التلفاز أو المذياع، خاصة تلك الموسيقى التي تخص الأطفال. ستجذبه الموسيقى ويتجه إلى المصدر ويبدأ في الرقص (لا إراديا) دون أن يعلمه ذلك أحد. ملاحظة أخرى نجدها في حلقات الذكر، وهى الحركة المنتظمة (إيقاع) للمشاركين في الحلقة مع أنغام (إيقاع) المدحة ومشاركة الطبول والدفوف مما يحمس الجميع للمشاركة. النتيجة: مجهود (بدني) جبار يليه هدوء (نفسي) واضح. ينطبق ذات الشئ على الظار (الزار) الذي يمارسه البعض منذ أيام الفراعنة ويتهمهم الآخرون بالدجل والشعوذة. فهو أيضا مجهود (بدني) كما يحدث في حفلات الديسكو وبأنغام (إيقاعات) متنوعة تناسب كل شخصية وتؤدى في النهاية إلى الراحة (النفسية).
إذا الشئ المشترك بين الجسم و النفس والرقص والموسيقى والديسكو والظار..الخ هو الإيقاع. كل منا له إيقاع (إيقاعات) خاص، لذا نجد كل منا لهو ميول تجاه نوع غناء أو موسيقى معينة أو فنان محدد. عند سماعك تبدأ عضلاتك وأطرافك ، بل جزع الجسم كل في الاستجابة لهذه النغمات بالطريقة التي تناسبها، أي (ترقص). منا من يحركها بطريقة تبدو للجميع أنها طريقة جميلة فنقول أن فلان أو فلانة (رقاص)، أي رقصه جميل، وفلان (أشتر)، أي أنه لا يساير الإيقاعات مع أنها تناسب إيقاعات جسمه هو ومتجانسة معها، والخواجات 90% منهم أشتر. في الدول المتقدمة يقدم الفنان صاحب الأغنية أو القطعة الموسيقية الرقصة مع الأغنية أو القطعة المعزوفة (حيا) حتى يقلده الآخرون وقد يطلق عليها اسم معين. والحفلات الغنائية في أميريكا وأوروبا في مصر الآن وبعض الدول العربية تقام في أماكن مفتوحة ولا توجد بها مقاعد كالاستادات حتى يشارك الجمهور بالرقص.
أما في السودان فالرقص عيب كبير خاصة في المدن على الأخص في الحفلات العامة والأعراس. أهم شئ في الحفلة المسرح وكراسي وترابيز الجمهور، وأصغر مساحة تترك لمن يريد المشاركة (بالتبشير) أو ما يشبه الرقص لعدة ثواني. أما الفنان نفسه فهو مثل(القناية) الواقفة أمام المايكروفون. أن حاول أن ينسجم ويتحرك أو يرقص كما كان يفعل الفنان عبدالله البعيو أو كمال كيله تتجه الكاميرا إلى الجمهور وتتركه حتى ينتهي من (قلة أدبه)، ويمكن بعد أو أثناء الحفل يأتي من يلفت نظره لذلك.
أما الجمهور السوداني، رغما عن أن تقريبا 90% من أغنياتنا منذ الحقيبة وحتى عهد الكليب الحالي كلها ذات إيقاعات راقصة، فنجد أقصى ما يقومون به هو الانسجام أو المشاركة عن
طريق التصفيق مع إيقاع الأغنية أو تحريك الأذرع بطريقة منتظمة إيقاعية وهم جلوس بمقاعدهم. أن حاولت الطلب منه أو منها المشاركة بالرقص الفعلي (وقوفا) بالتأكيد سيرفض ليس لأنه لا يرغب، بل خوفا من كلام الناس. الناس (ذاتهم) يرغبون في الرقص لكنهم يخافون من لسانك. لذلك تحولنا إلى (الراقصين جلوسا). الرقص لا يعتبر عيب، بل هو غريزة، إنما الرقص الخليع هو العيب. فلماذا الخلاعة. لماذا لا نرقص بأدب وبأسلوب راق خاصة في حفلات الزواج والتي كل من فيها هم أهل. ليس من الضرورة أن يرقص الولد مع البنت، فلترقص كل مجموعة مع بعضها. وما أجمل الرقص الجماعي. لكن الرقص جلوسا ظاهرة غير صحية ونوع من الكبت. الكبت من أخطر الأمراض النفسية.
فالجهاز العصبي عندما تكثر عليه الضغوط يفرز سموم تسمى السموم العصبية (نيوروتوكسينات). هي غالبا ما تكون نواتج التمثيل الغذائي للمواد التي استخدمها الجهاز حتى يعمل بطريقة طبيعية. تتراكم بعض هذه المواد مما يسبب تسمما لبقية الجسم بما في ذلك الجهاز العصبي نفسه. التخلص منها يتطلب إما النوم أو النشاط الحركي مثل الرياضة أو الرقص حتى يرتفع معدل التمثيل الغذائي ، وبالتالي معدل الإخراج، فنتخلص من تلك السموم. كما يقوم الجهاز العصبي أيضا، خاصة الدماغ، بإفراز مواد تسمى الانكيفالينات والاندورفينات، وهى مواد مخدرة مسكنة تشبه الأفيون وظيفتها تثبيط الآلام بالجسم. قد تكون هذه المواد هي إحدى أسباب الشعور بالراحة الجسدية والنفسية بعد أداء التمارين الرياضية أو الرقص. بل أن بعض الفسيولوجيون يعتقدون أن تمسك الرياضيون بالرياضة ، خاصة الماراثون، إلى إفراز هذه المواد المخدرة مما يسبب لهم إدمانا لها دون تعاطيها بطريقة مباشرة. يعتمدون على التخدير الطبيعي من مواد ينتجها جسمهم.
أعرف أن هذا الموضوع سيجر علينا الكثير من الهجمات( المباشرة والمرتدة)، خاصة وأنه حتى وقت قريب كان يطلق على الفنانين لقب (صعاليك) رغما عن ذلك نحضرهم إلى بيوتنا وحفلاتنا ونوفر لهم أفضل الطعام والشراب!! والغرض هو إحياء الحفل وهذا يعنى أن الحفل دونهم سيكون ميتا، والآن يطلق عليهم لقب (أساتذة ودكاترة) ولا يملأ عينهم صاحب الحفل نفسه أو ضيوفه ويختالون كالطاؤوس وهم محقون فى ذلك فتلك موهبة من الله. كما يجب أن لا ننسى أنه قد تغيرت أسماء الحبوبات من فاطنة وستنا وزينب وست أبوها والشول وحرم إلى رشا وشاهيناز ونانى ورماز ورفيده ..الخ، وتغيرت أسماء الأجداد إلى نبيل وهيثم ومازن..الخ.
لن أستجيب لأي من الهجمات المتوقعة، فهذا هو رأيي في ظاهرة تخص السودانيين فقط وأرى أنها (غير طبيعية ومرضية) وما نفعله في (الخفاء) يجب أن نفعله أمام الوالدين والأعمام والأخوال والعمات والخالات وأبنائهم وبناتهم حتى لا ينشأ الجيل القادم (معقدا) و الدليل على ذلك ما نراه منهم خارج السودان. العديد من أبناء وبنات هذا العصر ينافسون في مسابقات الرقص في مصر ولندن وأديس..ألخ ويحزون كأساتها وجوائزها و لا ينقص هذا شئ من أدبهم وتربيتهم ويفخر الوالدين بذلك، ومنهم الآن بيننا رجال وسيدات أعمال يشار إليهم بالبنان ويتمنى الجميع أن يناسبهم ليس بسبب المال لكن بسبب السمعة الأسرية الجيدة والمتميزة. وكل عام وانتم بخير فان غضبت من مقالي هذا حاول أن تضبط إيقاعات جسمك ونفسك فالقص المنضبط لا علاقة له بما يدور في ذهنك من خلاعة أو مفسدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.