بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير [email protected] جامعة الجزيرة 12 نوفمبر 2010 الإنسان يختلف عن بقية الكائنات الحية بأنه ناطق (يتكلم) ويضحك ويرقص. أما الحزن والألم والشعور بالسعادة أو الفرح والخجل والقدرة على التعلم والهزار واللعب فكلها أحاسيس وأفعال مشتركة بين العديد من الحيوانات وبعض النباتات أيضا، لكن بأساليب مختلفة. كل شئ في الحياة مبنى على إيقاعات. كمثال: ضربات القلب، الحركات التنفسية، انقباض العضلات اللاإرادية، إفراز الهورمونات، الجهاز العصبي وجهوده العصبية، حركات جفون العين، النوم ، الجوع، المزاج..الخ. أما في الطبيعة فان أغلب الظواهر مرتبطة بايقعات معينة مرتبطة بأصوات أو نغمات أو زمن أو ذبذبات. الاتزان النفسي أيضا يرتبط بايقعات معينة لها علاقة (بالطاقة) الجسدية والنفسية التى قد تكون متزنة، كثيرة أو قليلة أو غير ذلك. الاتزان النفسي أيضا يرتبط بالأشكال وعلاقاتها بتنظيم توزيع الطاقة بالجسم، و بالتالي استعادة الاتزان الجسمي (الجسدي) و النفسي. لاحظ عزيزي القارئ عندما تكون في حالة نفسية مش ولا بد وتقوم بتلاوة القران بصوت مسموع ومرتل (بطريقتك الخاصة) ستكون النتيجة وصولك لمرحلة من السكينة و الهدوء ونسيان للمنغصات ولو إلى حين. كما أرجو أن تلاحظ طفلك أو طفلتك في أعمار سنة إلى سنتين عندما يستمع إلى موسيقى من التلفاز أو المذياع، خاصة تلك الموسيقى التي تخص الأطفال. ستجذبه الموسيقى ويتجه إلى المصدر ويبدأ في الرقص (لا إراديا) دون أن يعلمه ذلك أحد. ملاحظة أخرى نجدها في حلقات الذكر، وهى الحركة المنتظمة (إيقاع) للمشاركين في الحلقة مع أنغام (إيقاع) المدحة ومشاركة الطبول والدفوف مما يحمس الجميع للمشاركة. النتيجة: مجهود (بدني) جبار يليه هدوء (نفسي) واضح. ينطبق ذات الشئ على الظار (الزار) الذي يمارسه البعض منذ أيام الفراعنة ويتهمهم الآخرون بالدجل والشعوذة. فهو أيضا مجهود (بدني) كما يحدث في حفلات الديسكو وبأنغام (إيقاعات) متنوعة تناسب كل شخصية وتؤدى في النهاية إلى الراحة (النفسية). إذا الشئ المشترك بين الجسم و النفس والرقص والموسيقى والديسكو والظار..الخ هو الإيقاع. كل منا له إيقاع (إيقاعات) خاص، لذا نجد كل منا لهو ميول تجاه نوع غناء أو موسيقى معينة أو فنان محدد. عند سماعك تبدأ عضلاتك وأطرافك ، بل جزع الجسم كل في الاستجابة لهذه النغمات بالطريقة التي تناسبها، أي (ترقص). منا من يحركها بطريقة تبدو للجميع أنها طريقة جميلة فنقول أن فلان أو فلانة (رقاص)، أي رقصه جميل، وفلان (أشتر)، أي أنه لا يساير الإيقاعات مع أنها تناسب إيقاعات جسمه هو ومتجانسة معها، والخواجات 90% منهم أشتر. في الدول المتقدمة يقدم الفنان صاحب الأغنية أو القطعة الموسيقية الرقصة مع الأغنية أو القطعة المعزوفة (حيا) حتى يقلده الآخرون وقد يطلق عليها اسم معين. والحفلات الغنائية في أميريكا وأوروبا في مصر الآن وبعض الدول العربية تقام في أماكن مفتوحة ولا توجد بها مقاعد كالاستادات حتى يشارك الجمهور بالرقص. أما في السودان فالرقص عيب كبير خاصة في المدن على الأخص في الحفلات العامة والأعراس. أهم شئ في الحفلة المسرح وكراسي وترابيز الجمهور، وأصغر مساحة تترك لمن يريد المشاركة (بالتبشير) أو ما يشبه الرقص لعدة ثواني. أما الفنان نفسه فهو مثل(القناية) الواقفة أمام المايكروفون. أن حاول أن ينسجم ويتحرك أو يرقص كما كان يفعل الفنان عبدالله البعيو أو كمال كيله تتجه الكاميرا إلى الجمهور وتتركه حتى ينتهي من (قلة أدبه)، ويمكن بعد أو أثناء الحفل يأتي من يلفت نظره لذلك. أما الجمهور السوداني، رغما عن أن تقريبا 90% من أغنياتنا منذ الحقيبة وحتى عهد الكليب الحالي كلها ذات إيقاعات راقصة، فنجد أقصى ما يقومون به هو الانسجام أو المشاركة عن طريق التصفيق مع إيقاع الأغنية أو تحريك الأذرع بطريقة منتظمة إيقاعية وهم جلوس بمقاعدهم. أن حاولت الطلب منه أو منها المشاركة بالرقص الفعلي (وقوفا) بالتأكيد سيرفض ليس لأنه لا يرغب، بل خوفا من كلام الناس. الناس (ذاتهم) يرغبون في الرقص لكنهم يخافون من لسانك. لذلك تحولنا إلى (الراقصين جلوسا). الرقص لا يعتبر عيب، بل هو غريزة، إنما الرقص الخليع هو العيب. فلماذا الخلاعة. لماذا لا نرقص بأدب وبأسلوب راق خاصة في حفلات الزواج والتي كل من فيها هم أهل. ليس من الضرورة أن يرقص الولد مع البنت، فلترقص كل مجموعة مع بعضها. وما أجمل الرقص الجماعي. لكن الرقص جلوسا ظاهرة غير صحية ونوع من الكبت. الكبت من أخطر الأمراض النفسية. فالجهاز العصبي عندما تكثر عليه الضغوط يفرز سموم تسمى السموم العصبية (نيوروتوكسينات). هي غالبا ما تكون نواتج التمثيل الغذائي للمواد التي استخدمها الجهاز حتى يعمل بطريقة طبيعية. تتراكم بعض هذه المواد مما يسبب تسمما لبقية الجسم بما في ذلك الجهاز العصبي نفسه. التخلص منها يتطلب إما النوم أو النشاط الحركي مثل الرياضة أو الرقص حتى يرتفع معدل التمثيل الغذائي ، وبالتالي معدل الإخراج، فنتخلص من تلك السموم. كما يقوم الجهاز العصبي أيضا، خاصة الدماغ، بإفراز مواد تسمى الانكيفالينات والاندورفينات، وهى مواد مخدرة مسكنة تشبه الأفيون وظيفتها تثبيط الآلام بالجسم. قد تكون هذه المواد هي إحدى أسباب الشعور بالراحة الجسدية والنفسية بعد أداء التمارين الرياضية أو الرقص. بل أن بعض الفسيولوجيون يعتقدون أن تمسك الرياضيون بالرياضة ، خاصة الماراثون، إلى إفراز هذه المواد المخدرة مما يسبب لهم إدمانا لها دون تعاطيها بطريقة مباشرة. يعتمدون على التخدير الطبيعي من مواد ينتجها جسمهم. أعرف أن هذا الموضوع سيجر علينا الكثير من الهجمات( المباشرة والمرتدة)، خاصة وأنه حتى وقت قريب كان يطلق على الفنانين لقب (صعاليك) رغما عن ذلك نحضرهم إلى بيوتنا وحفلاتنا ونوفر لهم أفضل الطعام والشراب!! والغرض هو إحياء الحفل وهذا يعنى أن الحفل دونهم سيكون ميتا، والآن يطلق عليهم لقب (أساتذة ودكاترة) ولا يملأ عينهم صاحب الحفل نفسه أو ضيوفه ويختالون كالطاؤوس وهم محقون فى ذلك فتلك موهبة من الله. كما يجب أن لا ننسى أنه قد تغيرت أسماء الحبوبات من فاطنة وستنا وزينب وست أبوها والشول وحرم إلى رشا وشاهيناز ونانى ورماز ورفيده ..الخ، وتغيرت أسماء الأجداد إلى نبيل وهيثم ومازن..الخ. لن أستجيب لأي من الهجمات المتوقعة، فهذا هو رأيي في ظاهرة تخص السودانيين فقط وأرى أنها (غير طبيعية ومرضية) وما نفعله في (الخفاء) يجب أن نفعله أمام الوالدين والأعمام والأخوال والعمات والخالات وأبنائهم وبناتهم حتى لا ينشأ الجيل القادم (معقدا) و الدليل على ذلك ما نراه منهم خارج السودان. العديد من أبناء وبنات هذا العصر ينافسون في مسابقات الرقص في مصر ولندن وأديس..ألخ ويحزون كأساتها وجوائزها و لا ينقص هذا شئ من أدبهم وتربيتهم ويفخر الوالدين بذلك، ومنهم الآن بيننا رجال وسيدات أعمال يشار إليهم بالبنان ويتمنى الجميع أن يناسبهم ليس بسبب المال لكن بسبب السمعة الأسرية الجيدة والمتميزة. وكل عام وانتم بخير فان غضبت من مقالي هذا حاول أن تضبط إيقاعات جسمك ونفسك فالقص المنضبط لا علاقة له بما يدور في ذهنك من خلاعة أو مفسدة.