حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الشريعة الأسلاميه عادله مع المسيحيين وتعترف بالمواطنه؟
نشر في الراكوبة يوم 10 - 11 - 2012


[email protected]
مدخل اولا لابد منه :
بدأت فى الفترة السابقه الكتابه عن (شريعه) القرن السابع على نحو شامل مبينا عدم صلاحيتها لأنسانية هذا العصر، لكنى وجدت ما هو اجدى من ذلك أن يتم تناول تلك الشريعه التى يسعى البعض لفرضها عن طريق العنف والأرهاب والسلاح، فى شئ من التخصيص والتحديد، كعدم عدالتها مع (المرأة)، وعدم عدالتها مع معتنقى الديانات الأخرى، لا فى الماضى او الحاضر، كما سوف نبين ذلك وبالدليل القاطع.
وما تجب الأشارة اليه بأننا حينما نقول بأن (الشريعه) غير عادله، فهذا لايعنى انها غير عادله فى كآفة جوانبها ولو بالقدر القليل، فعندما نقول بأن (عمر البشير) مثلا، حاكم غير عادل، فهذا يعنى أنه غير عادل مع شعبه ومع أهل الجنوب وأهل دارفور وكل من تاذى فى الماضى او يتضرر فى الحاضر أو المستقبل من وجوده فى السلطه، لكن هذا لا يعنى أنه لم يكن عادلا مع اهل بيته واقاربه وأتباعه فى المؤتمر الوطنى، وأن كان فى هذا الجانب نظر!
فالمسيحى مثلا .. لا يهمه عدل (الشريعه) مع المسلمين الا من جانب انسانى، وأخلاقى وبناء على التطور الذى حدث فى مجال حقوق الأنسان وفى الكون كله حتى اصبح مثل القرية الصغيرة، لكن يهم (المسيحى) بصورة أساسيه عدلها معه وأعترافها به كمواطن يجب أن يحصل على كآفة حقوقه، مثل المسلمين، والا يتم تميزه بصورة سالبه فى ممارسة السياسة أو فى ممارسته لشعائره أو تقلده للمناصب العليا أو الدنيا وبخلاف ذلك تكون غير عادله.
مدخل ثان:
معلوم لدينا أن الدين اليهودى الذى جاء قبل المسيحيه كان بصورة عامة مفرطا فى الجوانب الماديه ويقوم على مبدأ القصاص وتقول التوراة (السن بالسن والعين بالعين) يعنى لا توجد فيه مساحه (للتسامح)، وأن تاخذ حقك بالكامل ولا تتنازل عنه، فهذا دين فى اليهوديه وعبادة، لذلك من اخطأ معك فيجب ان تقتص منه بذات الطريقة حتى لا تغضب الأله.
فجاء بعده الدين المسيحى، فكان على الطرف الآخر وعلى النقيض تماما من مادية اليهوديه ومفرط فى (الروحانيه)، ويقوم على مبادئ التسامح، ويقول أنجيله (من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر كذلك)، و(من سخرك ميل فسر معه ميلين) .. وهكذا.
فجاء (الأسلام) بعد الدين المسيحى، (وسطيا) بين الدينين وبين الطرفين، يقول قرآنه :( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين).
وهذا أفضل معنى لكنتم أمة وسطا.
فمبدأ القصاص متوفر فى الأسلام مثلما هو متوفر فى اليهوديه ف(جزاء سيئة سيئة مثلها) هى ذاتها (العين بالعين والسن بالسن)، كما جاء فى تلك الآيه ، والغرض منها لكى لا ينكر على الأنسان (بشريته) التى لا تقبل الظلم وتسعى لرد العدوان وأن يقدم الأسلام على نحو عملى لا (نظرى) وخيالى، والعفو والتسامح كذلك موجود كما هو فى الدين المسيحى (فمن عفا)، لكنه زاد على ذلك ولم يتوقف عند حد (العفو) كما تقول (المسيحيه) وأنما أتى بمبدأ اضافى وهو العفو الذى يؤدى (للأصلاح) من يفعله فأجره على الله، فالعفو الذى لا يؤدى للأصلاح هو مثل (الظلم) تماما، يجعل الظالم متماديا فى ظلمه.
يعنى الأسلام بعد أن بدأ فى مكه بطرح فكرته الكليه الشامله و(مشروعه الحضارى) الحقيقى لا (المضروب)، الذى يتسم بكثير من الجوانب (الأخلاقيه) كطرح عام (مطلوب) للدين وبتقديم (الصوره) الكامله والزاهية التى يريدها رب الخلق لخلقه، (حرية) شبه مطلقه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فاليكفر) وديمقراطيه ليبراليه (ذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) وتسامح جميل (أدع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظة الحسنه وجادلتهم بالتى هى أحسن)، اتجه فى مكه الى جانب (التشريع) او (الشريعه) أو جانب (القانون)، الذى هو الحد الأدنى من (الأخلاق)، لكى لا يلغى جدلية التدرج والتطور ولا يهمل (بشرية) الأنسان واهتمامه بالجانب (المادى) وهو ما تمثله (الشريعه)، لكنه ترك الباب مفتوحا للتسامى والعلو ولكى يصبح الأنسان روحانيا مثلما كانت تدعو المسيحيه ومثلما ظهر أسلاميا فى طفرات مبكره ونماذج أقرب للتصوف و(المتصوفه)، ولهذا يقال علي التصوف علم (حقيقه)، أى حقائق الأشياء، فكلها خير محض، أما الشر فهو مجرد مظهر ووجه ثانى للخير تقتضيه ضرورة المرحلة وضرورة التعلم والتعرف بصوره علميه وعملية على ذلك الخير المطلق.
ولهذا يرفض انصار (الشريعه) أهل (الظاهر) ابيات الشيخ الصوفى بن عربى (قد صار قلبى قابلا كل صورة)، والتى تعنى أنه يرى ربه فى جميع الصور الوجود ويطرب لايباته تلك لمتصوفه ودراويشهم وتراهم سكارى وما هم بسكارى حينما يستمعون اليها أو الى ابيات سلطان العاشقين بن الفارض (زدنى بفرط الحب فيك تحيرا، وارحم حشى بلظى هواك تسعرا)؟ فذاك علم (ذوق) لم يتاح لهم أن ينهلوا من معينه الصافى، وهذا جانب لو استرسلت فيه، فلن اتوقف ولن يجد الموضوع الرئيس حظه من الطرح.
للاسف هذا الدين (الوسط) الذى وزن الكفه بين نقيضين – أو كما يبدو ذلك - ورفض الظلم، أراد بعض متبعيه دون وعى منهم ومن خلال فهم ضيق ومنحصر ونفوس لا تعرف العدل والمساواة، أن يجعلوا منه دينا (ظالما) وشموليا وديكتاتوريا، يفرض (شريعته) التى كانت فى بعض جوانبها ضرورة مرحله، على المسلمين الذين يتفقون مع نهجهم وفهمهم، وهذا طبيعى، لكن ما هو غير طبيعى أن يفرضوها على غير المسلمين وعلى مسلمين لا يتفقون مع نهجهم ومذاهبهم، (ليبراليين) واشتراكيين وعلمانيين، ومن يسعى لفرض ذلك النهج خاصة فى عصرنا الحديث هم (المتاسلمون)، الذين نجاملهم حينما نطلق عليهم وصف تيارات (الأسلام السياسى)، وهى تضم الأخوان المسلمون والسلفيون والوهابيه والجهاديون والتكفيرون على مختلف اشكالهم .. تعريفهم الحقيقى أنهم (مهووسين) دينيا وأرهابيين ومتطرفين، فكل من يصر على فرض معتنقه ورأيه على الآخرين، بغير الحوار والحجه والأقناع ، ويستخدم بدلا عن ذلك العنف والقوة والتهديد بالسلاح وبحشد البسطاء والمحتاجين، هو مهووس وارهابى يجب أن يؤدبه القانون.
ومن عجب أنهم بعد كل ذلك يسعون لأقناع الناس بأنهم عادلين وأن شريعتهم عادله ويقبلها المسيحى.
فمن خطل القول ومن الكذب والخداع، أن يقال مثل ذلك الكلام وبأن المسيحى لا يضار ولو نفسيا بتحكيم (الشريعه) فى بلد هو مواطن (اصيل) فيه تجعله تلك (الشريعه) كما سوف نؤكد لاحقا مواطنا درجة ثانية، مستغلين صمت المسيحيين والأستجابه لتوجيهات قياداتهم الروحيه للتحلى بالصبر وتحمل الأذى والتزام وميل ذلك المسيحى بحسب تعليمات دينه (المفرط) فى الروحانيه، بألقبول بما لايقبل به وأن يسامح ويسعى لتحقيق السلام مهما تعرض للجور والظلم وانتقاص حقوقه. ومن ناحية موضوعية اذا كان المسيحى مقتنع بأن (الشريعة) الأسلاميه عادله ويقبل أن تكون (التشريع) الوحيد والدستور الحاكم فى بلده، فلماذا يبقى على مسيحيته ولا يتحول للأسلام؟
اما بالنسبة (لليبرالى) والأشتراكى، فما هو الشئ الذى يجعله يؤسس حزبا يدعو لبسط الحريات ولفصل الدين عن الدوله ولتحقيق العداله الأجتماعيه للطبقات المهمشه والفقيره، عمال ومزارعين ويسعى للفوز فى الأنتخابات ويعد برنامجا ويطرح حلول لمشاكل المجتمع اقتصاديه وأجتماعيه وسياسيه وفنية ورياضيه، اذا كان يقبل (بالشريعة) دستورا، ولماذا لا تنضم كافة الأحزاب الى حزب واحد يسمى الحزب الأسلامى؟ أو حزب (الشريعة الأسلاميه)؟
انه تزييف للحقائق بادعاء اؤلئك (الأرهابيين) الذين نسميهم (تيار اسلامى) بأنهم احزاب مدنيه، ذات مرجعيه اسلاميه، فى الحقيقيه هى احزاب دينيه، لا تعترف بمدنية الدوله وبالمواطنه المتساوية، فكل مسلم مرجعيته فى نفسه ومع خالقه اسلاميه، ومن حقه أن يتعبد وأن يراعى ضميره وأن يأكل الحلال، لكن (الحكم) يجب أن يكون مدنيا وديمقراطيا يعترف بحق (المواطنه)، التى لا تعرف شئ اسمه (اغلبيه) و(أقليه) بل يتساوى فيها كل الناس، مسلمين ومؤمنين وهم معتنقى الأديان السماويه، ولا دينيين أو من يتبعون اديانا غير سماويه، وأن يتلخص كل ذلك فى مفهوم (الدين لله والوطن للجميع)، وبخلاف ذلك لا يتحقق عدل فى دوله ولن تتقدم أو تنتصر وتبقى دائما فى كبد.
أما (حكم الله) الذى يتمسك به اؤلئك (المهووسين) الوارد فى الآيه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويظنون جهلا مقصود بحكم الله (الشريعه)، مع ان الآيه فى نهايتها تتحدث عن (الظلم) الذى يقابل (العدل)، فالمقصود فى حقيقة الأمر(العدل) لأنه ثابت فى كل العصور والآزمنه والشرائع متغيره ،ولأن (العدل) اساس الحكم كما يقولون و(العدل) اسم من اسماء الله، لا (الشريعه)، التى لها عدة تعريفات واشكال وصور، واحكام ومقاصد ومبادئ تختلف من طائفة لطائفة ومن مذهب لمذهب ومن عصر لعصر ولا يمكن أن يتفق عليها الكل ويحسم امرها الا عن طريق العنف واشهار السلاح و(القوى يأكل الضعيف) ولدينا العديد من الأمثله فى بدايات الاسلام كالصراع والحروبات التى دارت بين (على) و(معاويه)، وغالبية المسلمون يتجنبون الفصل فيها من باب عدم انتقاد الصحابه، مع أن الحق واضح والباطل واضح، ولا يمكن أن يحكم الأنسان بحق لطرفين متنازعين فى وقت واحد.
واسماء الله وصفاته، هى المنوط بالمسلم التقرب بها اليه، والتخلق بها و(تطبيقها) قدر استطاعته، فأسمائه ليس كأسمائنا، رغم انها واضحه وبسيطه، ويبدو لنا نصيب منها، لكن اسماء الخالق وصفاته فى المطلق وفى طرف الكمال وألأنسان مقيد وفى طرف النقص.
فالله عادل ورؤوف ولطيف وخبير، لكن عدله ولطفه ورأفته وخبرته مطلقه وكامله وغير محدوده، والأنسان لطيف وروؤف وخبير لكنه مقيد وناقص ويسعى لأخذ حظه من المطلق على الدوام سائرا الى ربه كما تقول الايه (يا ايها الأنسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) ويقول المتصوفه (وعند المنتهى شد الرحال)، أى كلما قطع السالك مسافة ووصل الى منطقه متقدمه فى قربه من الله وهى مسافات لا تقطع على ظهر براق وأنماا بالتخلق بأخلاق الله، اعتبر تلك المرحله بدايه جديده للأنطلاق نحو مرحله أكثر قربا وأكثر تحقيقا للاسماء والصفات.
لذلك فحكم الله (المطلوب) من المسلم لا (الشريعه) وأنما (العدل) وعن ذلك العدل تقول الاية (ولايجرمنكم شنآن قوم الا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى)، و(واذا حكمتم بين الناس فلتحكموا بالعدل) ، بالطبع لا يقصد به حكم القاضى أو (المحكمه) فحسب، وأنما الحكم المطلق فى الحياة للتعامل مع كل (الناس)، دون أن نتسبب فى غبنهم أو التقليل من شأنهم وأنتقاص حقوقهم، فهذا هو حكم الله الذى يحوله البعض فى جهالة الى (الشريعة) الأسلاميه، لكى تطبق فى بلد فيه أكثر من 10 مليون مسيحى، يحسب (المهووسين) انهم عادلين معهم، وان الله راض عنهم بظلمهم لهم .. وهذا ما جعل الجنوبيين ينفصلون فى السودان بضغط من النظام الحاكم وبأصراره على الشريعة الأسلاميه، وهذا ما سوف يحدث فى مصر، وفى كل بلد يفرط اهله ويقبلوا بتطبيق الشريعه لا دولة (المواطنه).
والمعنى المأخوذ من الايه (ان الدين عند الله الأسلام) يحتاج الى فهم عميق والى نظرة تأمل، فالاسلام هو البداية والنهايه منذ لدن آدم، وكل نبى أو دين كان يمثل مرحله من الأسلام، لكن (المرحله) الأخيره التى تحقق (عند الله)، بدأت بمحمد (ص) ولن تكتمل الا بعودة المسيحى، الذى يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، ويفك التعارض بين الأديان لا كما يظن البعض أن يقوم بكسر الصليب بمعنى الأعتداء على اصحاب الديانات الأخرى فهؤلاء كلهم اصحاب ديانات شرعها الله وهى مرحله من مراحل الأسلام فى الطريق الى أن تصل كلها الى (الأسلام) الكامل الذى هو (عند الله)،ولذلك آثم من لايعاملهم كما يعامل المسلمين واثم من ينتقص من حقوقهم الدنيويه، فالحساب فى الآخره (عند الله).
والآيه التى تقول (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا)، لا يستطيع ان ينكرها عاقل، منكوره ، لكنها لا تعنى (اكتمال الأسلام) كما هو (عند الله) فى تلك اللحظه، ولو كان الأمر كذلك، فلماذا طلب الرسول (ص) من المسلمين أن يدعو له، عند نهاية كل آذان (باللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمه، آت سيدنا محمد الوسيله والفضيلة والدرجه العاليه الرفيعه وارزقه المقام المحمود)، وقال عنها (إن عند الله درجة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد) .. الشاهد فى الأمر تلك الآيه (اليوم اكملت لكم دينكم) تعنى انقطاع الوحى (جبريل) وتعنى وعدم الحاجه لأرسال انبياء جدد ، فقد أوصلت السماء كلما تريد توصيله لأهل الأرض من أخيرهم، أى عبر محمد (ص)، وفيما هو موجود فى دفتى المصحف.
ولو كان اؤلئك (المهووسين) صادقين ولا يتعاملون مع امور الدين كما يبدو لهم فى الظأهر دون نظرة تأمل وتعمق، لطرحوا على انفسهم سؤالا من خلال تلك الايه (لا يجرمنكم شنآن قوم الا تعدلوا)، هل هم فعلاعادلين كما طالبهم ربهم، مع (المسيحيين) حينما يفرضون عليهم نظام حكم (اسلامى)؟
وقبل أن أواصل لابد أن أبين لمن تساءلوا من قبل عن تعريف (الشريعه) وهم يظنون بأننا نتحدث عن شئ على ذلك القدر من الخطورة ولا نعرفه، ولقد ذكرت من قبل بأنى بحمد الله وتوفيقه، منذ اكثر من 30 سنه اواصل القراءة والأطلاع عن الأديان بصوره عامه ، وأجلس مستمعا لمن اشعر بأنهم فعلا يقدمون (علما) لا (جهلا) ، وأقرأ كثيرا للذين سميناهم (اصطلاحا) تيارات (الأسلام السياسى)، لذلك فالرد هنا ليس لهم وحدهم وأنما لكآفة الناس ولمن يريد أن يتعرف على قيم الدين الحقيقيه التى تدعو للعداله والمساواة.
فالشريعة لغة هى مورد الماء، وذكرت من قبل عندنا فى العاميه يقول الشخص انه ذاهب (للمشرع) أى للمكان الذى يأتى منه بالماء.
أما فى الفهم (الاسلامى) الشائع فى كتب الفقهاء والمفسرين الذى ورثناه جميعا، فالشريعه ببساطة تعنى (منهج) اسلامى، يتكون من العقيده مثل وحدانية الله والأقرار بأنه الرازق والمعطى والمحى والمميت، وعبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة، ومعاملات مختلفه وهذه يدخل فيها التشريع والحكم، وحدود، اضافة الى ذلك فهى تعنى (بالأحوال الشخصيه) للمسلمين.
ولا توجد لدينا أدنى مشكله (كليبراليين) فى كثير من جوانب تلك الشريعه العقديه أوالتعبديه وما يرتبط بعلاقة الأنسان الخاصه بربه، لأنها لا تؤثر فى الآخر ولا تسبب له ضررا ولا تتعارض مع حريته الشخصيه، وأن كانت من اجل المنفعه العامه تحتاج الى تطوير والى فهم أعمق يبحث عن الهدف من وراء الأئمان والعباده، فأى عمل لا يدخل فيه (الفكر) عبث لا قيمه له ولا روح، فالعبادات اصبحت تؤدى اليوم دون تفكر ودون تلك الروح وأنما على نحو شكلى ومظهرى يصل حد التنطع، فمن يتدين يهتم بلحيته وشكله والزى الذى يرتديه أكثر مما وغر فى قلبه، ومن يصلى يريد أن يعرف الناس أنه مصل، بغرة حقيقيه أو مصنوعه، ويتعامل مع الصلاة كعبء ثقيل يسعى للخلاص منه يؤديها وهو مشغول بالدنيا وفى سرعة الضوء، وفى ذات الوقت تجد الأذآن يستخدم فى كثير من الدول (الأسلاميه) مكبرات صوت (مزعجه) ويرفع المؤذن صوته عاليادون داع ودون أن يوجهه أحد، لا يهمه ان يتسبب فى ارهاق مريض ظل مساهرا يعانى من ألارق او معتنق ديانة أخرى يسكن فى بيت مجاور للمسجد، ظل يعمل طول الليل وعاد لتوه ودخل فى نومه تريحه لكى يعود مرة اخرى نشيطا لعمله، مع ان ذلك المسجد تجد على مسافة ليست بعيده منه مسجد آخر، فلا يحتاج أن يسمع غير من هم أقرب للمسجد الأول والغرض الأساسى من (الاذان) فى مكان مرتفع قبل أختراع مكبرات الصوت وقبل اختراع (الساعات) كان من أجل تنبيه المسلمين بدخول وقت الصلاه، وما كانت المساجد كثيره على هذا الشكل فكان لابد أن يصل صوت المؤذن الى ابعد مسافه ممكنه.. ومن كان صائما فرضا أو تطوعا، أظهر ذلك (بمسواك) وضعه على فمه فى اى مكان، داخل سيارة أجره مشتركه أو أى موقع يجمعه مع الآخرين دون احساس بما يسببه لهم من اذى، وتلاحظ له عابث الوجه حانق وغاضب يصر وجهه حتى يكاد أن يقع منه، وكأن ذلك الصيام فرض عليه من شخص آخر لا التزمه بنفسه عن قناعة، ولا داعى للتفصيل أكثر والدخول فى (زكاة) الرسول (ص) التى كانت (العفو) لا الزكاة ذات المقادير المعروفه التى يحاول البعض (التملص) منها بعدة طرق ومبررات، وحتى من يلتزم بها لا يسمح له بتوزيعها لمن هم أكثر استحقاقا لها حسب رؤيته حتى لو كانوا من أهله الأقربين ، فالدوله الظالمه اصبحت هى التى (تجبى) الزكاة وتتعامل مع المسلم مثل المسيحى الذى يدفع (الجزية) صاغرا، دون أحترام أو تقدير، وتذهب تلك أموال الزكاة فى احيان كثيره لأغراض غير اغراضها، مثل شراء الذمم والأرزقيه ونفرات (الجهاد) الظالمه والكاذبه وتستغل اموالها فى تحقيق رفاهية المسوؤلين والموظفين من أهل الثقه المقربين للنظام الذين وصلت مرتباتهم وحوافزهم عنان السماء، ولا تذهب للفقراء والمساكين وابناء السبيل والمحتاجين حتى لو كانوا من ذوى القربى، وتستثمر اموال الزكاة مثل اموال المعاشيين فى مجالات تجاريه، وفى القروض (بفائده) والمتاجره فى الحديد والاسمنت والعمل على زيادة سعر تلك البضائع باحتكارها، دون أخذ الأذن من اصحاب تلك الأموال.
وعلى كل حال لا توجد مشكله فى أن يتعامل المسلمين بتلك الشريعه فى أحوالهم الشخصيه، فى الموت وفى كيفية غسل الميت وفى الزواج والطلاق والميراث، وأن كانت كلها جوانب تحتاج الى بعض المراجعات والى التطوير، خاصة ضرورة التخلص من الظلم الذى يحيق بالمرأة فى التعدد الذى يقوم به الزوج دون داع أو مبرر، وفى عدالة توزيع الميراث فى هذا الوقت الذى انتفت فيه (القوامه) مثلما انتفى نكاح الأيامى وعتق رقبة مؤمنه وألأفضليه كما بينا فى مقال سابق، كانت تستند على حماية المرأة بواسطة الرجل ودوره فى توفير رزقها والصرف عليها.
وفى جانب الزواج لابد أن يتطور الأمر فتستبدل المرأة كرامتها وعزتها بالتنازل عن المهر (المادى) ليصبح (معنويا) أو شكليا، ومعلوم أن الرسول (ص) زوج امرأة لرجل بما يحفظه من آيات قرآنيه وأن تسعى المرأة لتبسيط تكاليف الزواج لأدنى درجة ممكنه، وفى ذلك الوقت من حقها أن تشترط حصولها على (عصمتها) فى يدها وهذا جائز حتى فى شريعة (القرن السابع)، مثلما يجوز تزويجها لنفسها بنفسها لمن تختاره دون ولى، كما هو موجود فى مذهب ابى حنيفه ويكفى فقط الأشهار.
اما المشكله الكبرى فهى تقع فى جانب التشريع و(الأحكام) والمعاملات والحدود.
لذلك حينما نقول بأن (شريعه) القرن السابع غير عادله أو لا تصلح لأنسانية هذا العصر، فالمقصود بالدرجة الأولى هذا الجانب الذى لا علاقة له بالعقيده أو العباده، لأنه يؤثر فى المسلم (الذكى) الذى يستخدم عقله وفى غير المسلم، وتفرض علي الأول واقعا لا يتوافق مع (افكاره) ، وتفرض على الثانى واقعا لا يتوافق مع معتقداته.
لأن (الشريعه) فى جانب الحكم والسياسة لاتعترف (بالمواطنه) التى تعنى أن يتساوى الناس جميعا فى دوله واحده، دون تمييز بسبب الدين، ومن يفعل خلاف ذلك من المسلمين تعتبره (الشريعة) مواليا للكافرين يجب قتله مثلهم تماما.
وفى الشريعة لا تجوز، موالاة المسيحى أو ولايته على المسلمين، ويبدأ الأمر براس الدوله ويتمدد حتى يصل مدير المصلحه الذى لا تقبل الشريعه أن يرأس المسلمين فى أدنى درجه، ولو تغاضى البعض عن ذلك، فأنها لا تمثل قناعاتهم الدينيه، وأنما هى ضرورة من الضرورات أو لأظهار (الشريعه) وكأنها تحقق العداله والمساواة مع اصحاب الديانات الأخرى غير الأسلاميه.
قال احد (السلفيين) وهو (صادق) فيما قال وبالطبع لم يأت بذلك الحديث من مزاجه، وأنما من منهج وفهم جيد للشريعه، قال:
"نحن نرفض وضع مادة فى الدستور تقول ان مبادئ الشريعه هى المصدر الرئيس للتشريع" واضاف مفسرا : (مبادئ الشريعه تتفق مع مبادئ المسيحيين واليهود والبوذيين، والمبادئ العامه لأى دين، هى الحريه والعداله والمساواة، فاين التخصيص)"؟
ذكرتنى عبارة هذا (السلفى)، بخبر كنت قد قرأته على أحدى الصحف الخليجيه، قبل غزو العراق للكويت، يقول الخبر(( أن كويتى احتج واثار مشكله كبيره، لأنه التفت لورائه فوجد (هندى) يقف خلفه لا امامه فى صف الجوازات، فى مطار تلك الدوله الخليجيه)).
فلما حدث (غزو) العراق للكويت على ذلك النحو الفظيع وأحتلالها بالكامل، تذكرت تلك الواقعه، وقلت لنفسى أن الظلم والأفتراء هو السبب فى ذلك، و(المسلمون) اليوم، يحدث لهم كل هذا الضعف والهوان بسبب ظلمهم وطغيانهم، فهذا (السلفى) لا يختلف عن ذلك الكويتى فى شئ، فهو يرفض وضع نص فى الدستور لا ينتقص شئيا من حقه، لكنه يعلن رفضه لذلك النص الذى يقول أن مبادئ الشريعه، هى المصدر الرئيس للتشريع ، لأن مبادئ الشريعه كما قال، يعرفها الكثيرون بأنها الحريه والرحمه والعدل والمساواة، وذلك يجعلها متساويه مع مبادئ المسيحيه أو اى دين آخر. ثم بعد كل ذلك يقولون تلك (الشريعه) لا تفرق بين الناس وتدعو للمساواة وأن المسيحى لا يضار منها، مع انها تأمر المسلم بقتله بمجرد انتهاء الأشهر الحرم وأن يتحصل منه على (الجزيه) وهو صاغر، وأن يؤتى به مقيدا فى السلاسل لكى يشهد بالا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، والبعض يلتزم بتنفيذ ذلك القتل وحينما يقبض عليه، يقف من درسوه وأدخلوا ذلك الفهم المتخلف فى دماغه يتفرجون عليه على الفضائيات ، يمسحون على لحاهم الطويله، وهو يحاكم بالأعدام أو السجن الطويل متهما بالأرهاب.
ومن اكبر الأخطاء التى يقع فيها المسلمون الآن لأنهم يفسرون (الشريعه) بحسب مزاجهم، فمنهم من يقول بأن (الشريعه) هى الدين، مع أن الحديث يقول (الدين المعامله)، وبحسب فهمهم فأن (الشريعة) هى (الأسلام)، لأن الأسلام هو الدين مع ان ذات الشخص، يقدم الدليل على ذلك بالايه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)، وكما هو واضح ، فأن الجزء من الايه الذى يقول شرع لكم (من الدين)، يعنى أن (الشريعه) جزء (من) كل وهو (الدين) أى جزء من (الأسلام)، وليست هى الاسلام كله، والأسلام كدين شامل يحقق السلام والعدل والمساواة بين الناس جميعا، نزل على الأرض قبل (الشريعه) بثلاث عشر سنة وكان خطابه موجها للناس كآفة.
أحدهم قال أنه يريد تطبيق (الشريعه) ومن ضمن ما يسعى لأنجازه هو مراجعة معاملات البنوك ومنع الربا، مع انه غير متخصص فى الأقتصاد وهذا امر لا بأس به ان كان صاحبنا قادر على تطبيقه على نحو صادق، فمن الصعب على دوله فى العصر الحديث الا تتعامل مع بنوك وقروض ربويه، ولا يوجد شئ فى الحقيقه اسمه بنوك اسلاميه وبنوك كافره، هذا مجرد خداع، وعلى من لا يقتنعون بذلك أن يسألوا انفسهم لماذا لا توجد فى دوله مثل (السعوديه) بنوك اسلاميه، مع انها مالكه لبنك (فيصل الأسلامى)؟
وحقيقة الأمر المال فى العالم كله يصب فى النهايه داخل خزائن بنوك ربويه تعمل بالفائدة وغير اسلاميه، ولم يكتف صاحبنا بذلك بل اضاف، بأنه يريد كذلك اعادة النظر فى (التأمين) وتحدث عن تأمين الطائرات والسفن، ومعلوم أنه لا يمكن أن تطير طائرة فى السماء أو تهبط فى اى مطار بدون بوليصة تأمين توضع ضمن مستنداتها، ولم نسمع حتى الآن عن دوله مسلمه صنعت طائرة يمكن أن تحمل المسافرين من بلد لآخر، حتى يستطيع المسلمون فرض (شريعتهم) فى هذا الجانب اذا كانت صحيحه أو خاطئة.
وأخيرا ليس بالضروره أننا مقتنعين بكلما استعرضناه من معلومات يتعامل بها غالبية المسلمين اليوم دون وعى عميق أو معرفه دقيقه، وتحتاج الى تطوير فى معظم جوانبها وهذا ما يسميه البعض (اجتهادا)، وأكثر ركن يحتاج الى التطوير هو شريعة الأحوال الشخصيه، وهذا امر يتطلب شرح مستفيض، ليس هذا وقته، فالسؤال المطروح الآن ونسلط عليه الضوء وندلى فيه بما لدينا من معرفة متواضعه هو، هل الشريعه عادله مع المسيحى؟
وهنا نقدم رأى (الشريعه) فى التعامل مع المسيحى لكى نعرف هل هى عادله معه أم لا؟
ومن عجب أن البعض حينما تقدم له الدليل على عدم صلاحية (الشريعه) فى بعض جوانبها وعدم عدالتها، يذهب ويأتى اليك بنماذج لعدم عداله الأنظمه العلمانيه والليبراليه، مثل غزو (بوش) للعراق، وهذا امر غير مستبعد، من نظام قائم على فكر انسانى قابل للخطأ والصواب والتطور، لكن المتأسلمون يعتبرون (الشريعه) خطأ احمر ويقولون انها حكم (الله) مع ان الله تنزه وعلا ،لا ينزل وينفذها بنفسه مباشرة حتى لو كانت فعلا تلك شريعته وأحكامه، وحينما يخطئ الحاكم الذى يقول انه ينفذ حكم الله، يبرأ (المنهج)، والحكم نفسه لا يعاقب، لأنه اجتهد، فلم يصب وسوف يحصل على أجر، ولو اصاب لحصل على أجرين.
ففصل الجنوب على سبيل المثال الذى يعد جريمة كبرى تصل عقوبتها الأعدام فى الدوله الوطنيه والمتسبب فيه (عمر البشير) باعتباره (الرئيس) بناء على اصراره على دوله الشريعه فى السودان واشعال نيران الحرب الجهاديه، مما جعل الجنوبيين مجبرين على اضافة حق الأستفتاء بعد نهاية فترة الست سنوات للبقاء أو الأنفصال عن دوله تصر على أن تحكم بشريعة دين واحد، لا يعرف الناس منها غير الحدود والقطع والجلد، فى بلد شاء له الله أن يكون متنوعا ومتعددا، ولو اراد لجعله أمة واحدة.
لذلك يجب ابعاد أى (منهج) من الحكم حتى لو كان صحيحا, طالما لا يمكن محاكمة ذلك المنهج، فالمناهج الأنسانيه يمكن محاكمتها، وتغييرها، فأحيانا يحكم بلد النهج الأشتراكى، واذا اخفق تحولت الى (الأنفتاح) الأقتصادى والى سياسة السوق الحر، كما فعل السادات بعد جمال عبد الناصر.
ويجب ابعاد أى مادة من الدستور مثل (الشريعة) الأسلاميه، اذا كانت احكام أو مقاصد أو مبادئ، طالما تلك الماده غير مسموح برفضها و محظور انتقادها ومن يفعل ذلك يعد كافرا وخارجا عن المله، فمواد الدستور توضع لخدمة كل الناس على اختلاف معتقداتهم، ومن حقهم رفض اى ماده بكاملها أو جزئيا، اذا كانت لا تحقق لهم الأمن والأستقرار والحرية والعدل والمساواة، والرفاهية الأقتصاديه.
دكتور الأجتماع المصرى/ عمار على حسن ، والباحث فى الأسلام السياسى، قال فى احدى البرامج (على المسلمين الا يتباهوا ويتفاخروا بالفتوحات الأسلاميه وتوسع الأمبراطوريه الآسلاميه، لأنها تؤكد أنتشار الأسلام بالسيف) ومعلوم أن كثير من الأحداث والتصرفات التى يندى لها الجبين قد صاحبت تلك الفتوحات.
وقال د. عمار، أن كثير من فقه وفتاوى شرعية لا زال المسلمون يعملون بها، صدرت بواسطة علماء وفقهاء بناء على رغبة السلاطين والحكام.
وفى هذا الجانب تذكرت مسألة لا زالت تشغل بالى، وهى طلب (عمر بن الخطاب) لعزل خالد ين الوليد رغم ما عرف عنه كقائد حربى ماهر، فرد عليه ابو بكر (والله لن اغمض سيفا أستله رسول الله)، ولما تقلد (عمر) الخلافه، كان اول قرار اصدره هو عزل خالد بن الوليد.
وفى ختام هذا المقال نقدم الأدله على عدم عداله (شريعة القرن السابع) مع المسيحى.
((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً))، و (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون )) و((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانًا مبينًا)).
ومن الأمثله المعاصره التى تؤكد فساد المنهج وعدم قبوله لمبدأ المواطنه المتساويه، ما ذكر على صحيفة مصريه جاء فيه:
((رفض 22 ائتلاف اسلامى تعيين نائب قبطى لرئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسى مطالبين بضرورة الاختيار على اساس الكفاءة وليس على اساس المحاصصة الدينية . وابدى التيار الإسلامى العام والذى يضم 22 ائتلاف اسلامى ينتون للقوى اللفية الثورية ً من ضمنهم الجبهة السلفية وحزب الفضيلة وائتلاف دعم المسلمين الجدد وحركة حازمون اعتراضه على طرح عدد من الشخصيات القبطية لتولى منصب نائب الرئيس وتقدم مذكرة أمس لمؤسسة الرئاسة و مكتب الاتصال السياسى بحزب الحرية والعدالة يؤكد فيها رفضه الاختيار على اساس طائفى او دينى)) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.