[email protected] مثلما للسلطان علماء فله ايضا ً صحفيون وما أدراك ما صحفيو السلطان !! فهم يغضبون لغضبه و يفرحون لفرحه .. يصدقون كذبه و يكذّبون صدق خصومه .. يجمّلون قبيحه ويقبحون جمال من عادوه .. هكذا هم فأكل العيش مر وإن كانت هذه المرارة لا تخالط عيش السلطان فذلك له طعم خاص وله ميزات ومميزات أكثر خصوصية تجعل آكله يتنازل عن كل شيء فلا تعود للكرامة ولا للضمير ولا للشرف او إحترام الذات ثمن أمام نفحات السلطان و مكرماته فيظل مداوما ًعلى تأدية كل طقوس وشعائر التقرب فلا يقصّر في فرض من فروضها مهما كانت الأسباب .. أما حين يتعدى الأمر حدود أكل العيش كأن يكون هنالك رابط ما كالمصاهرة مثلا او الإنتماء للقبيلة او غير ذلك فإن هذا الصحفي تجده في أشكال وصور عدة فتارة تراه ببغاء وتارة قرداً وتارة ذئبا وتارة حمارا حسبما تقتضي الظروف وبالتوافق مع الحالة النفسية للسلطان فإن فرح السلطان ينتقل فرحه بشكل مضاعف ويبين أثره على وجه صاحبنا أكثر مما يبين على وجه السلطان وإذا غضب ينعكس هذا الغضب على وجه صاحبنا وتحمر عيناه حتى لو لم تحمر عينا السلطان وإذا مرض السلطان او شكى ألما فتشفق على هذه الصحفي من ان يموت قبل موت السلطان إذ يبدو وكأن كل أمراض الدنيا قد ألمّت به.. ولكن إذا مات السلطان او أطيح به فإنهم لا يموتون ولكن يخلدون للبيات الشتوي عميقاً بين طيّات الأرض في إنتظار إستيلاء متسلط آخر على السلطة..ساعتها يعودون للسطح مرة أخرى بعد أن يزيلوا قذاراتهم إستعداداً لجمع قذارات أخرى أكبر حجما وأكثر وزنا . تابعت أحدهم وقد كان ضيفاً على إحدى القنوات ليحلل الخبر ويدلي بدلوه في ماورد من أنباء في بعض الصحف .. وإبداء الرأي في مثل هذه الحوارات يتطلب الحيادية التامة دون تأثير لإنتماء او علاقة خاصة إلا ّ ان الرجل كان يسابق غضبه وحنقه فبدل ان يدلي برأيه في الأمر بكل حيادية ودون تحيّز بدأ وكأنه السلطان نفسه او واحد من وزرائه اومستشاريه وقال فيما يشبه الأمر أنه يتوجّب على السلطات إلحاق أشد العقاب والعذاب بحزب من الأحزاب جزم سعادته بأنه وراء كل الفتن التي تغمر الساحة السياسية في الوطن.. و كان أثناء ذلك يرفع يده متوعّدا ومهدّدا .. فكان الأمر أكثر من إبداء رأي او تحليل للخبر !! وكان ان قال في أول تعليق له حول ميثاق الفجر الجديد ..( الفجر الكاذب )!! وبدأ وكأن الأمر زلة لسان لكن عاد يؤكد ذلك بقوله : " حقيقة هو الفجر الكاذب " ثم لم يلبث أن انفجر مثلما انفجرت بحيرة (المسك) في أطراف الحاج يوسف ليزكم أنوف المشاهدين الذين لا ريب أنهم قد إنفضوا كل يشد أنفه ويضغط عليه بقوة . ليت من يستضافون في مثل هذه الحوارات كانوا من( الراشدين ) فعلاً فيلتزمون بالحيادية التامة ويبدون الرأي من منظور غير ذلك الذي يرون الأمور من خلاله ودون تعصّب او تحيّز .. قد يحرمون من بعض (حلاوة) السلطان لكن الدم عمره ما ببقى موية !!