تجاوزات تافهة ..! منى ابو زيد «من تنقصهم الشجاعة يجدون دائماً فلسفة يفسرون بها ذلك» .. ألبير كامو! أكثر من ثمانين بالمائة من أداء الحكومات يرتبط بمدى توافر القيم الأخلاقية في مؤسساتها، لكن ذلك أبعد ما يكون عن حكومة السودان التي تعلم أن انخفاض النمو الاقتصادي هو الوجه الآخر لزيادة الإنفاق العسكري، وأن الصرف على جهاز الأمن والمخابرات لا يجب أن يؤثر على زيادة الإنفاق على الزراعة والصحة والتعليم، وأن الترشيد الاقتصادي بمعناه الإسلامي يوجب حسن تعاملها مع الأموال كسباً وانفاقاً، بتقديرات نسبية وترتيبات تفاضلية، وتلافياً أخلاقياً للنفقات الحكومية الباهظة، وزيادة مخلصة للكفاية الإنتاجية، ومحاولات جادة للاستفادة من الموارد البشرية عوضاً عن تحطيم مقدراتها بمعاول العجز الاقتصادي ..! أي حكومة تحترم نفسها ? قبل شعبها - ترصد لائحة بأزماتها المحتملة، قبل حين من الدهر، ثم تشرع في إجهاض تلك الأزمات (القضاء عليها قبل أن تولد بإزالة أسبابها المحتملة)، فينبري المحللون لتحديد حجم الأزمة وتقييم مقدرات الدولة حكومة وشعباً على احتمالها، ويجتهد الخبراء في قياس قطر الفجوة بين مقتضيات الأزمة والمهارات المتوافرة لإدارتها ومن ثم قياس حجم النجاح المتوقع .. وبهذا الفهم فإن سنوات قليلة كانت كافية جداً لتوجيه دفة سفينة الاقتصاد في هذه البلاد بعيداً عن جبل الجليد .. دعك من الرواتب والمخصصات، إذ لو احتفظ هؤلاء بكل غنائمهم مقابل اجتهادهم في ترشيد أوجه الإنفاق الحكومي على بنود أخرى كثيرة ومتشعبة لكان السودان بألف خير .. ماذا عن الإسراف في تأثيث المكاتب وتوفير الفارهات، ومبالغات فواتير الصيانة والتجديد ؟! .. ماذا عن الأموال المهدرة على أكاذيب التدريب، وإعادة التأهيل، وتنمية القدرات ؟! .. ماذا عن الميزانيات الهائلة المخصصة لترضيات سياسية تخدم أجندة المؤتمر الوطني بينما الدولة والشعب منها براء ؟! .. ماذا عن الصرف الباذخ على المآدب والحفلات والمؤتمرات وبدلات السفر ؟! .. ماذا عن المبالغ الهائلة المدفوعة كرواتب ومخصصات لمسئولين بأدوار وهمية وآخرين وهميين بلا أدوار من أساسه .. ؟! عوضاً عن استرداد تلك الأموال ? وغيرها مما خفي وكان أعظم - واستثمارها في تمويل مشاريع تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ذوي الدخل المحدود والمتوسط .. ما الذي يدور بخلد الحكومة؟! .. الذي يدور مضمن في تصريح السيدة نائب رئيس المجلس الوطني التي قالت إن ربط تقريرالمراجع العام بالأرقام مسألة بدائية وتافهة، فالارقام ? بحسبها - تعتبرتجاوزات ومخالفات وليست إعتداءات، وعليه فالتجريم غير وارد في هذا الشأن بل الإصلاح من خلال تجويد الاداء .. يعني حشفاً وسوء كيلة ومزيداً من التجاوزات التافهة وغير التافهة ..! الراي العام