[email protected] تمضى الايام بما تحمله من غيبيات غيرمتوقعة....حال الدنيا التى لا تعرف السير على خطوط مستقيمة .... يظل العم حامد فى نزاع مع... جاره عوض الانتهازى ولم يكل حماره المبروك من جر عربة الكارو يوميا فى كفاح مع صاحبه الذى يكابد يومه من قبل طلوع الفجر فى مشاوير طويلة مرهقة، فى بلد كشرت بانيابها ... فضاقت بما رحبت على من فيها ....ولكن لا يستسلم الى التكاسل امثال العم حامد.... نعم ان البعض يسعده الاخذ او الاستلاب... ولكن العم حامد يستلذ بالعطاء وايثار الغير بما فى يده..... المرض لا يعرف الزمان ...ولا يختار المكان... ولايستئذن انسان .... بدون مقدمات مرضت زوجة العم حامد، مرضا اقعدها عن الحركة.... فاصبحت شغله الشاغل فهى الحبيبة التى طالما ساندته وازرته.... ووقفت معه فى احلك الظروف ... بل كانت له مصدر القوة والتوازن على امتداد سنوات العمر المكلل بالكفاح ... الدواء على ندرته لم يصبح ثمنه فى متناول الايدى... فشركات التامين، رغم ادعاءاتها اصبحت ترفع يدها من دعم العلاج بطريقة مباشرة او غير مباشرة... فانت مطلوبهم ومحبوبهم حين تمد لهم اليد بالمال للتأمين، وعدوهم اللدود اذا رمتك الاقدار بالمرض الى طلب حق مشروع.... هكذا قابلت شركة التامين الصحى.... العم حامد حين دفع به مرض زوجته علوية الي مايسمى بالتأمين ...وهو الذى كان ملتزما بسداد ماعليه شهريا.... انهك المرض علوية ومع اشتداد علتها سكن الخوف قلب العم حامد، ان يفقد شريكة حياته وام عياله ،ولم يكن ابنائهم الا ثمرات الخير... التى نضجت فى تلك الشجرة الطيبة.... فتماسكوا وتولوا رعاية ام اقعدها المرض واب حاصره الهم والاعياء .... وكما تولى ايمن... واخوه اسعد الطالب فى كلية الهندسة قيادة عربة الكارو بالتناوب سعيا وراء طلب الرزق ... تولى امجد اخوهم الاصغر العناية بوالدته..... وقد يصدق المثل القائل... مصائب قوم عند قوم فوائد، الجار عوض ينتهز الظروف التى احاطت بحامد واسرته ويقدم عروضه الابتزازية طمعا فى شراء البيت، يحاول ان يلتف حول حامد عبر اولاده مشجعا لهم بان قبول والدهم لهذا الصفقة، سيجعل منهم الاثرياء.... ويمكنهم ان يحققوا كثير من الطموحات... ويرفض الابناء بشدة وبالاجماع هذه الصفقة ، فان مشيئة والدهم كانت عندهم اغلى من.. الاحلام واعز من كل الامال.... والحقيقة التى لاخلاف فيها ان المال ساحر وجذاب،فقد اصبح الوقود و والدينمو المحرك الذى بدونه تتوقف حركة الامانى... وتموت ازهار الاحلام ولا تدور عجلة الحياة الا عبر ضخه اوامتلاكه.... ولكن يعز على امثال العم حامد ان يفرط فى مسقط راسه ، وتراب اجداده لقاء جنيهات معدودة... فالمال قد ياتى ويذهب وياتى غيره ولكن بيته هو تاريخه ... فان العم حامد لم يكن ينظر الى بيته البسيط من خلال المال، ولكن كان ينظر للحياة من خلال الوطن، فقد كان البيت عنده هو كيانه الحقيقى... فاذا فرط فى شىء من كيانه فقد فرط فى كل شىء،او هكذا كانت نظرته وعقيدته التى رسخها فى افئدة اولاده ... كتب لزوجته علوية الشفاء.. والعمر الجديد فبدت تعود الى سابق عهدها . من الحيوية والعافية... والنشاط وجرى دم الحياة فى شرايين بيت العم حامد من جديد وتالقت سعادة مكنونها حياة راس المال فيها ...محبة وتماسك ووئام... وكما يرزق الله سبحانه الطير حين تغدوا فى الصباحات، خماصا جائعة خاوية البطون وتعود الى اعشاشها ..وهى قد اخذت كفايتها من الطعام بدون عمليات حسابية... كانت المفاجاة .. والدهشة ...التى تنتظر العم حامد صاحب الكارو من غير موعد ... فقد وصلته فى ذلك اليوم الذى لا ينسى ...رسالة من البنك مفادها ان قريبه الذى هاجر الى دولة اروبية ...منذ زمن بعيد قد توفى... وقد اوصى له بكل ثروته ،والتى بلغت اكثر من مليون دولار.....وتمضى الايام... وليس غريبا فقد تغير شكل بيت العم حامد المتهالك ، الى منزل انيق، وتبدلت كثير من الشكليات فى بيته بعد ان اعاد بناءه. ولكن لم يفرط العم حامد رغم الثروة الطائلة التى هبطت عليه، فى عربة الكارو القديمة ...فقد تركها امام باب المنزل الجديد كما اعتاد ان يتركها ... حتى لا ينسى ايام الكفاح والعرق... ولم يتنكر عم حامد لحماره المبروك، فمنحه معاشا اختياريا واحتفظ به يطعمه ويسقيه..وظلت اشجار النيم فى مكانها باسقة راسخة ... ولم تنزعه كثرة الاموال من قيمه التى لاتفارقه.... واصالته التى لا يتنازل عنها... فبقى معدنا نفيسا لايصدأ.... ولما ان بلغ الخبر جاره عوض كان من ضمن المهنئين بمقدم تلك الثروة، على العم حامد قائلا: الف مبروك ياسيد حامد على الملايين... ثم اردف قائلا : انا عندى ليك مشاريع استثمارية كبيرة جدا .. ياسيد حامد تقدر تكسب ...وتضاعف ليك ثروتك اكثر ....يعنى ممكن ... قاطعه العم حامد بكل هدوء وادب.. شكرا ليك يا عوض ... ماقصرت ... ثم ابتسم حامد ابتسامة قد ملاءها ...الرضا ...والشكر لله رب العالمين....