كعادتي كل يوم ، عند عودتي من المكتبة ، القي نظرة اخيرة علي المواقع السودانية قبل النوم. و قرأت عددا من المقلات الجديدة ، ووجدتها كلها تدعوك الي حالة اكتئاب و معه احساس العاجز (و انت شايف الاعوج وما قادر تعمل حاجة). و رغم انني اكتب في مقال جاد عن الابداعات النوبية للفنان النوبي الخالد محمد وردي ، "حنيت" عليكم و قلت ابدؤها بنكتة و اختمها بالاشارة لمصيبة الشعب السوداني ، و ذلك لكي لا تنسوها، و تبقوا عشرة علي تغيير المنكر، من استطاع بيده و من لم يستطع فبلسانه و من لم يستطع فبقلبه و ذلك اضعف الايمان. مساء اليوم كانت هنالك محاضرة للسناير ، و السناير عندنا في مكتبة تورنتو لا علاقة لها "بسناير و برلومات" سودانيزاونلاين، فالسناير هنا اي(Seniors) هم زملائي الذين تجاوزوا ال65 من العمر. عنوان الماحضرة كانت "تخير غذاءك لتعيش شيخوخة جيدة" هذا حسب ترجمتي ل (Eat Well Age Better) . و الماحضرة لمؤلفة كتاب بنفس العنوان ، استاذة في جامعة تورنتو. فبدأت محضرتها بأن قالت انها ستحكي لنا قصة طريفة قبل البدء في المحاضرة: زوجين في اواخر الستينات من العمر باتباع الغذاء الجيد و ممارسة الرياضة اليومية كانوا و هم في اواخر الستينات من العمر، يبدون و كأنهم في اوائل الخمسينات من العمر. لكن بكل اسف تعرضوا لحادث حركة ادت الي وفاتهم. و هناك في الدار الآخرة استقبلتهم الملائكة و ادخلوهم في بيت لم يروا مثله في الدنيا، فخاف الزوج من ان تكون اجرة القصر اكبر من طاقته، فسألهم عن الاجرة فقالوا له : لا اجرة، مجانا، انت في الجنة. فخرجوا من البيت ووجدوا مساحات خضراء في اطرافها زهور لم يروا مثلها في الدنيا، و الناس يلعبون القولف، فسألهم الرجل هل في امكاننا ان نلعب؟ فقالوا له نعم ، هنا تفعل كل ما تريده! لكنه كان ما زال مهموما بأمر التكلفة، فسألهم و كم قيمة الاشتراك في النادي، فقالوا له مجان! و من ميدان القولف ذهبوا الي قاعة كبيرة فيها بوفيه ، فيها ما لذ وطاب من الطعام، و مرة اخري سأل عن القيمة ، فقالوا له : (You don't understand that you are in heaven) الا تدرك انك في الجنة؟ و بعد ان تسلح بصحن كبير توقف فجأة و قال لهم: هذه الاطعمة ايها قليلة الدهون و الاملاح؟ فقالوا له يا رجل انت في الجنة، تأكل كل ما تشتهيه، و بالقدر الذي يكفيك، فهنا لا تمرض و ستظل شابا، و لا موت. فما كان من الرجل الا ان رمي الصحن الذي بيده و بدأ يضرب زوجته ضربا مبرحا. فمسكوه و سألوه لماذا يفعل بها ذلك، فقال لهم : لو لا نصائحها بالغذاء و الرياضة لكنت معكم من قبل عشر سنوات!! و الآن بعد ان ضحكتم او ابتسمتم لهذه النكتة، دعونا نفترض ان هذا الواقع الغريب ، اي 25 عاما من حكم الانقاذ كان حلما او كابوسا مخيفا، صحونا منه لنجد انفسنا ننعم بديمقراطية الانتفاضة ، و سرنا بها نخطئ و نصيب حتي اسسنا دولة ديمقراطية ، تحكمها المؤسسية و ارادة الشعب الحقيقية، يحرسها قضاء مستقل و نزيه، و مؤسسات الدولة تديرها تلك الخدمة المدنية العريقة، و انعم علينا الرزاق الرحمن الرحيم من باطن الارض الذهب اسوده و مجمره، و من ظاهره القطن و الفول و السمسم و الصمغ العربي و الماشية و الانعام. و اصبحنا بالفعل سلة غذاء العالم ، وفاضت انعم الاله علينا فانشأنا المصانع التي نصدر منتجاتها الي الصين و استراليا واوربا، و اصبحنا ننافس اليابان في التقدم الصناعي، و ننافس السويد و النرويج في الرخاء و الرفاهية. لو تحقق لنا كل هذا ، هل كان من المعقول ان يحكمنا هؤلاء؟؟!! و هل كان للسلطة الرابعة ان يتربع علي عرشها هنود و افغان ، و صديق محيسي مغترب؟! رب لا نسألك رد القضاء و لكننا نسألك اللطف فيه. و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين [email protected]