شاءت الأقدار أن تأتي الإنقاذ في 1989م بانقلابها العسكري وترفع راية الجهاد في ظروف بالغة الحساسية بأمر الدين أي إن نظام الإنقاذ أستغل جهل الشباب البدو وشجاعتهم وسجيتهم البسيطة وفهمهم الضيق في أمر الدين ، وجيشهم في جيش لمجاهدة الكفر الأنجاس في الجنوب إذاً هذه السجية كانت مرتبطة بالصدق والأمانة والإخلاص والوفاء للدين لأن ذلك سوف يخلصهم من عذاب الأخوة . ولذا انخرطوا في تنظيم سمي الدفاع الشعبي بدلا من تسميتهم السابقة ، ( أنانيا ) مراحيل لم تكن تنظيم ، وإنما كانوا يدافعوا عن أبقارهم إذا ما تعرضت لسطوا من قبل حركة التمرد ، ولكن بعد حادثت القردود 1985م طرحت فكرة من المجلس العسكري لتسليح العرب البدو وهذه الفكر وجدت معارضة شديدة من قبل المثقفين في تلك المرحلة . وفي حكومة الصادق المهدي تم تسليح بعض القبائل للدفاع عن نفسها وليس تنظيم يدافع عن الحكومة أما تقنين قدرات البدو في تنظيم تم عام 1990م من قبل الإنقاذ وبالتالي جرت البدو إلى معارك عسكرية باعتبار إن الدفاع الشعبي هو الظهير الأيمن للقوات المسلحة وأهدافه تكمن في سند ظهر القوات المسلحة ولكن سرعان ما تحول هذا التنظيم إلى تنظيم شبه عسكري عينت له قيادات عسكرية وهذه القيادات بدورها عينت أمراء للمجاهدين وفق مفاهيم الحركة الإسلامية مما أدى إلى تغول الدفاع الشعبي على مسئوليات القوات المسلحة فبدلا من أن يكون ظهير للقوات المسلحة جاءت الآية معكوسة فأصبح الدفاع الشعبي لا يخضع إلى أوامر القوات المسلحة بل منظومة غير معروفة المعالم أي تدافع عن حكم نظام الإنقاذ وتتطاول على القانون . إذ إن نظام الإنقاذ ربّ جيل عديم الأخلاق والقيم والمبادئ والصدق والأمانة ، هذا الجيل تربّ على السلب والنهب ، فهذا السلب والنهب أصبحت من نصيب أولاد اللواء الجنيد والرائد شمس الدين ربّ هؤلاء على قتال في الجنوب من 1998م وحتى 2003م أي ما يسمى بفوج القطارة . فبعد اتفاقية نيفاشا 2005م وجدت منظومة الدفاع الشعبي إهمال كامل من نظام الإنقاذ وبرز نجم الحركة الشعبية فأنقسم الدفاع الشعبي إلى أربعة تيارات متباينة ومتناقضة وهي : 1- حركة شهامة بقيادة المرحوم موسى حمدين 2- فأنضوي تيار من الدفاع الشعبي بقيادة حسن حامد إلى الحركة الشعبية 3- حركة بابو مكي التي يقودها الآن فضيل والتي تقاتل باسم حركة العدل والمساواة 4- فصيل محمد بحر حمدين نائب المرحوم د . خليل إبراهيم بدأت ظاهرة السلب والنهب في المنطقة الغربية ، وأصبحت سداً منيعاً حيال وصول البضائع إلى المنطقة الغربية وخاصة المجلد ، وهذا الأمر معلوم للسلطات التنفيذية والقانونية ولكن ليس من يعترض على هذه الممارسات السيئة التي أساء لسمعة المسيرية منذ يوليو 2011م واستمرت هذه الظاهرة إلى أن أصبحت سلوك يمارس وضح النهار وبعلم الجهات المسئول وهذه الجهات لم تكلف نفسها الحد من هذه الظاهرة ولكن وكما يبدوا أن هنالك مصالح مشتركة هي التي لعبت الدور الأساسي في تغيب رجال الشرطة والأجهزة الأمنية عن القيام بدورها لحسم مثل هذه التفلتات وتطبيق القانون على مرتكبي الجرائم ، فالجريمة الآن لا تكلف رجل الشرطة أو المباحث أي عناء بل كل المعلومات التي تساعد أجهزة أمن ، ومن بعدها السلطة القضائية هي متوفرة إذا صدقت النوايا في تطبيق العدالة . فأمن المواطن هو الذي يساعد على الاستقرار والاطمئنان وبدون ذلك سيكون الاستقرار ضرب من ضروب الخيال . إذ ظاهرة النهب تهدد المجتمع في الغذاء بل وفي حياته وماله حيث كانت لاسيما وقفت عقبة أما البضائع الداخلة للمدن ، هذه الظاهرة في بديتها محصورة في منطقة بين المجلد والميرم وكذلك جنوب الميرم بحجة توصيل أصحاب العربات التجارية التي تهرب المواد الغذائية والنفطية للجنوب عندئذ كان من الطبيعي حسم الظاهرة قبل أن تستفحل وتنتشر ، وطالما لم تجد من يقف في وجهها ، أو يحد من هذه الظاهرة ، لابد أن تتحول من ظاهرة بسيطة إلى مليشيات مسلحة ترتزق من تعاطف التجار المهربين ، وبالتالي إن المسألة تتجاوز حالة التهريب إلى الجنوب إلى ظاهرة (تغتنم) الظروف الاقتصادية المنهارة أصلا لترتزق من قطع الطرق ونهب العربات التجارية ،وهذا مما هدد الحياة الاجتماعية . والعوامل التي ساعد على انتشار الظاهرة يمكن النظر إليها من سبع زوايا وهي . 1- بعد المنطقة عن الخرطوم 2- المساحة الشاسعة بين الولاية والمحليات 3- غياب الوازع الديني والثقافي 4- عدم تطبيق القانون 5- بروز ظاهرة التشبث بالدفاع الشعبي 6- التعاطف القبلي مع المجرمين 7- انتشار السلاح في وسط المسيرية 8- الجهل والأمية إذ أن العوامل المشار إليها هي التي ساهمت في انتشار ظاهرة الإخلال بالأمن بل لم يوقف الأمر عند هذا الحد ، بلا أدى إلى إزهاق الأرواح في الوقت ذاته استغلت بعض الحركات المسلحة البيئة الخصب لسرقة العربات الصغيرة مثل نهب عربة كلية البترول ، في يناير 2013م ونهب عربة التاج ياسر عوض في منطقة ( الرقيقة ) في 12/1/22013م والبضاعة التي تحملها العربة تقدر 1500 جوال سكر وقيمة الكلية لحمولة العربة كانت مئتان ألف جنية ، فضلا عن المبالغ الكبيرة التي تفرض على أصحاب العربات القادمة من الخرطوم ، والتي تطلبها عناصر السلب والنهب من صاحب العربة وتطلب منه بعشر ألف جنية حسب ما قاله رئيس نقابة النقل البري وهذه الأرقام تضاف إلى البضاعة وبالتالي يضاعف سعرها للمواطن مما شكل معانات حقيقية . ويقول رئيس نقابة النقل البري قد قدمنا شكوى إلى معتمد محلية آبيي إلا أن حتى الآن لم تستجيب السلطات وأيضا أخطرنا اللجنة الأمنية بالمضايقات التي تتعرض لها وسائل النقل البري وقلنا لهم إذا لم تحسم هذه الظاهرة سوف نقوم بإضراب وإيقاف جميع وسائل النقل البري . وإذا توقفنا قليلا في غياب القانون وعدم محاسبة المجرمين ماذا يعني غياب القانون وصحاب العربة والمواطن اللذان يتحملان أعباء الاثنين الظالم والمظلوم فالظالم هم المليشيات التي تعترض سبيل العربات التجارية ، والمظلوم هو التجار الذي تأخذ منه مبلغ عشر ألف من كل عربة. أما فريسة الاثنين هو المواطن المغلوبة على أمره بماذا يتصرف مع الظالم وللمظلوم . وإذا ما نظرنا إلى الأشياء من زاوية أخرى نجد إن الغرفة التجارية هي المسئولة مباشرةً من حماية التجار من جشع المليشيات التي سلطها نظام الإنقاذ على المجتمع وبالتالي ظلت تعبث بحياة المجتمعات لأنها تمتلك السلاح والمواتر التي لم تخضع للترخيص ، إذن سياسة الإنقاذ بنية على الأرض المحروقة ، طالما المواطن فقدا الأمن والاطمئنان ، ومن ثم هذا الوضع القاتم لا يبشر بولوج مستقبل مشرق ، بعيداً عن التأمل في الحاضر والمستقبل إذا استمرت الظواهر السالبة التي تبشر بالحروب تدمر للواقع الاجتماعي والاقتصادي بل ظلت الإنقاذ تخلق الفتن بين القبائل والدليل ما جرى بالفولة في يوم 6/1/2013م وهو خير مثال على ذلك الغرفة التجارية المناط بها حماية التاجر نأت نفسها بعيداً عن القيام بمسئولياتها وفق القانون وبالتالي أنحصر دورها في الجبايات التي تحصدها من التجار ، فكان على الغرفة التجارية أن ترفض مثل هذه الممارسات بل عليها أن تتقدم بشكوى قضائية ضد أصحاب هذه المليشيات . إن ما يتعرضون إليه التجار أنعكس بظلاله على معيشة جل الفقراء . وفي هذا نعطي مثال ملوة العيش 15 جنية وملوة البصل 14 جنية وزجاجة الزيت 10 جنية وكيلو اللحم الضان 50 جنية وكيلو البقر 40 جنية . وتذكرة السفر من المجلد إلى الأبيض 140 جنية ومن الأبيض إلى المجلد 150 جنية والعكس هو الصحيح . والحقيقة كل هذه الظواهر أرهق المواطن . نواصل [email protected]