استجوبت لجنة الاستخبارات بالكونغرس الامريكي أول من أمس جون برينان مرشح الرئيس الامريكي أوباما لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وكان الاستجواب يدور حول مدى تورط الوكالة في عمليات القتل المتعمد لمواطنين اميركيين ومدنيين أبرياء عبر تقنية الطائرات بدون طيار والتي يطلق عليها ( درون ) وتساءلت لجنة الاستخبارات عن مدى قانونية الاوامر التي تتلقاها الوكالة بخصوص تنفيذ عمليات قتل لمواطنين اميركيين دون محاكمة او توقيف. وبحسب ردود برينان المضطربة فقد تناولت لجنة الاستجواب كافة جوانب استخدامات الطائرات بدون طيار وشددت على ضرورة ان تكون عمليات تحريك هذه الطائرات بعلم لجنة الاستخبارات وليس الرئيس فقط باعتبار ان ما تم في الفترة الاخيرة استهدف مواطنين اميركيين بطريقة مخالفة للدستور . الشاهد في هذه المسألة ان حياة المواطن الامريكي وتمتعه بالحقوق كافة هي خط أحمر لا يمكن التفريط فيه ابداً من قبل الحكومة الاميركية ولا يمكن ان تمر عملية قتل مواطن امريكي حتى وإن كان عضواً في تنظيم القاعدة مثل أنور العولقي ونجله اللذين قتلا في غارة لطائرة بدون طيار في اليمن عام 2011م . واذا كانت قيمة الانسان الامريكي لدى حكومته بهذه المكانة من الرفعة أفلا يدعونا هذا للتساؤل عن مدى إستشعار الخرطوم لقيمة المواطن السوداني وهو يتعرض لعمليات قتل بواسطة طائرات بدون طيار مجهولة قواعد الإنطلاق أو معلومة كما حصل عدة مرات في مدينة بورتسودان ومياه البحر الاحمر ، ان ولاية البحر الاحمر ورغم نفي الجهات المختصة لبعض الانباء الواردة عن النشاط الإستخباري المعادي الا انه وبحسب تكرار الحوادث المفجعة التي تحدث بين الحين والآخر تبدو ولاية تعيش وسط بحر متلاطم الامواج وتحيط بها أقمار اجهزة الموساد التجسسية مثلما تعيث في مياهها الاقليمية العديد من الغواصات ولا يدري احد هل هي غواصات امريكية ام اسرائيلية ام فرنسية ام الثلاثة معاً ؟. لقد سمعنا عن تحالف بحري لمكافحة اعمال القرصنة التي باتت تهدد السفن في مياه البحر الاحمر ولكن ومع ذلك هل يحق لهذه الغواصات ان تخترق المياه المحلية للدول التي تتاخم البحر الاحمر وتطلق صواريخ القتل الغامضة ؟ نحن نعلم ان لدينا قوات بحرية وأمن بحري لا يتطرق الشك في قدراتهما ولكن ومع ذلك فقد تكررت الضربات والصواريخ التي تخرج من باطن البحر موجهةً بدقة نحو اهداف محددة لتخلف وراءها الحزن والفجيعة والاشلاء الممزقة ...انها صواريخ وطائرات بدون طيار تتعمد انتهاك سيادة البلاد ومن المهم جداً ان نرد الصاع صاعين طالما لدينا القدرة على ذلك.. .لقد أضرت الضربات التي منيت بها قوارب الصيادين المحليين بمعايش العديد من الاسر في ولاية البحر الاحمر مثلما أضرت الطائرات بدون طيار بالأمن القومي حينما قصفت ودمرت مصنع اليرموك ولذلك لابد من الاستفادة من مخرجات لجنة الاستخبارات بالكونغرس الامريكي ،فقد خلصت اللجنة بعد استجواب مغلظ لبرينان الى ان وكالة المخابرات الامريكية لا يجوز لها مخالفة الدستور بتنفيذ عمليات قتل بدون محاكمات وبالتالي مقتل اي مواطن او مدني في اي بلد من بلدان العالم يشكل جريمة في الدستور الامريكي فلماذا لا نقتص لمواطنينا السودانيين الذين قضوا في عمليات قتل بواسطة طائرات بدون طيار ؟ لماذا لا نرفع قيمة المواطن السوداني . ان المواطن السوداني لا يقل قيمة عن اي مواطن في الوجود ومن المهم ان يناقش الاعلام مسار التحقيقات حول تورط المخابرات المركزية في عمليات قتل مواطنين سودانيين بشبهة انتمائهم لتنظيم القاعدة او تهريب السلاح للمجاهدين او حتى بسبب معلومات كاذبة ومضللة .. ان التحقيق في مثل هذه الحوادث الغامضة يقودنا الى فضح الجرائم الاميركية المنظمة ضد الشعوب وعلى الحكومات الوطنية ان تؤكد للادارات الاميركية المتعاقبة ان قيمة المواطن في بلده أو خارج بلده هي خط أحمر وانه ( مافيش حد أحسن من حد )، خاصة وان القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الانسان تجرم كافة الممارسات الاجرامية المرتكبة بواسطة اجهزة المخابرات الدولية خصوصاً عمليات التعذيب بواسطة عملية الايهام بالغرق والقتل بواسطة تقنية التتبع والطائرات بدون طيار والاختطاف والاعتقال التعسفي دون محاكمات وغيرها من الجرائم البشعة . الصحافة