التحليل السياسي ليس هو ضرب على الرمل أو تأملا في الفنجال وليس تنجيما أو تصديقا للودع ، وانما يعتمد على قراءة مابين سطور الأحداث وان كان المعلن فوق السطور غير الحقيقة ! أشرت با لأمس ومن خلال متابعتي لحركة خطى نظام الانقاذ المرتبكة في الآونة الأخيرة والتصريحات المتضاربة وخلط أوراق الطاولة الذي غير مسار اللعبة وسط صفوف الحركة الاسلامية و الحزب الحاكم وأوساط قيادات الانقاذ داخل مجلس الوزراء وقلت أن الأيام تخبيء شيئا ما ، ربما كان اجتهادي في ذلك التحليل قد ضرب في أعلى سقف المطلوب للخروج من المأزق السياسي والوطني والذي يتمثل في ذهاب الرئيس البشير وطي صفحة برنامج الحركة و الحزب الحاكم ، لفتح أخرى جديدة بعيدا عن الهيمنة واستغلال امكانات الدولة ، والعودة للجماهير بعد فترة انتقالية يسند تسيير الأمور السيادية فيها لمجلس رئاسي من شخصيات قومية محايدة وحكومة تكنوقراط يوكل اليها اصلاح الميل الاقتصادي الخ ما جاء في مقال الأمس والذي تناول بين طياته ورطة النظام حيال محاكمة ابنائه الذين قلبوا له ظهر المجن ! تحت عنوان .. ( سري للغاية ) اليوم الرئيس البشير أصدر قرارا باطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وهو الحل الوحيد الذي لا مناص غيره لتجنب ذلك الحرج ، اذ لا يمكن اطلاق ذوي القربي ، واستثناء الآخرين ، وحتى تكون الطبخة مستوية اتبعت بدعوة شاملة للحوار وعقد المؤتمر الدستوري الشامل ، بيد أن ذلك ايضا يعني دون شك أن النظام قد بدأ يشعر بثقل الحمل على ظهره المنهك و أطرافه المفككة وبات يضل يضل طريقه في عشب سنينه العجاف ،فتظاهر بشيء من الانفتاح علّ ذلك يكون له بمثابة ثغرات للتنفس وبالتالي يكسب المزيد من الزمن لتخدير الشارع والمعارضة حتى يتعافي اقتصاد البلاد وهو يعوّل كثيرا على الانفراج الأخير مع دولة الجنوب و الموارد المتوقعة من اعادة ضخ البترول الجنوبي عبر انابيب الشمال ! ومن ثم يحاول النظام التقرب من الرأى العام السوداني كسبا للانتخابات القادمة التي ستجري على خلاف السابقة التي غض فيها المجتمع الدولي الطرف عن كثير من التجاوزات لاعتبارات تتعلق بالتمهيد لانفصال الجنوب في مناخات معافاة من اية استقطابات جديدة ! في هذا اليوم الأول من ابريل أعلن الرئيس ما سلف ذكره ، فهل تصدق الانقاذ في تنفيذ الخطوة وما سيتبعها مما طرحه في افتتاح جلسة الهيئة التشريعية أم أن الأمر برمته لا يتعدى أن يكون كذبة ابريل مثلما وصف بعض القراء الكرام في تعليقاتهم بالأمس مقالي بتلك الصفة ..ولهم في ذلك الف حق ، فثعالب الانقاذ ، مثلما هي تلد الأكاذيب من مخاض النشوة، فليس من المستبعد أن تبيض ساعة الزنقات ايضا خوفا من غياب شمسهم المخنّقة! فما رأيكم دام فضلكم. والله المستعان .. وهو من وراء القصد. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]