مدينة الضعين تمثل حاضرة ولاية شرق دارفور تقع في جنوب غرب السودان ، ويبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثمائة الف نسمة. وتتميز بوقوعها في ملتقي طرق بين ولايات دار فور بغرب السودان والعاصمة الخرطوم، وبينها وبين ولايات كردفان في وسط السودان ، تمثل مركزاً تجارياً هام وحفزها علي ذلك موقعها الاستراتيجي حيث تمثل حلقة وصل بين اواسط و غرب البلاد و التماس الجغرافي بين دولة الجنوب الذي اكسبها حراك اجتماعي بفعل النشاط الرعوي والتجاري بين المكونات الاجتماعية التي تربطها مصالح و تبادل المنافع علي صعيد الرعي والزراعة و التجارة ، ترتبط المدينة بما جاورها من مدن وبلدات بطرق برية ممهدة، ويوجد بها خط السكة حديد القادم من جهة الشرق وينتهي في مدينة نيالا التي تبعد عن الضعين حوالي 180 كليو متر غرباً و قد لعبت السكة حديد دوراً في عوامل نهضتها مثل غيرها من المدن السودانية التي تستبين فيها معالم التطور حيث حركة السكان وهجرتهم من عدة جهات طلباً للتجارة أو الانتقال الوظيفي من الولايات المختلفة في عصر الخدمة المدنية الذهبي الذي لا يعرف نطاق العمل المحلي بل تجاوزه للصعيد القومي مما عزز روح الوطنية بين مكونات الوطن الواحد . مؤشر نهضة أي مجتمع يقاس بالتعليم فرغم رصيد المنطقة التربوي في حقل التعليم العام يعتبر كبير الي حد ما يتمثل في ما يربو عن (50) مدرسة في تعليم الأساس و ما يربو عن (20) مدرسة في التعليم الثانوي ، الجالسين للشهادة الثانوية يربو عن (3000) طالبة وطالبة يجد منهم في نسبة – في تقديري – (10%) فرص بالتعليم العالي ، و لعل الشخص المراقب لمدي العائد التربوي والتعليمي يجد ان هنالك تدني نسب النجاح للطلاب و في تقديري مرد ذلك الي ندرة الكوادر المؤهلة المتخصصة التي تعمل في الحقل التعليمي ، فحتي ما تبقي من كوادر أكفأ تواروا عن مجال التدريس و دخلوا اضابير السياسية و العمل في مجالات آخري لتحسين اجورهم و ضعهم المالي بسبب ضعف المرتبات ، والأمر الذي يثير الدهشة أن معظم قيادات المجتمع من المعلمين و لكن عونهم الفكري و المادي تجاه التعليم – جهد المقل – شبه منعدم الأمر الذي يطرح ثمة تساؤلات ؟ هل تطور التعليم يبرز حركة نهضة مجتمعية ربما تغير معادلة المجتمع ؟ أم الاندفاع نحو الاستثمار في التعليم الخاص في ظل معادلة الكم علي حساب الكيف ؟ اسئلة كثيرة تحتاج دراسة رؤي وفكر سديد لمناقشها بعيدا عن المصالح الذاتية ، فلا ننسي علي الصعيد القومي و الوطني تجربة و لاية البحر الأحمر التي قامت علي مبدأ التعليم في مقابل الغذاء فكانت نهضة التعليم تشرق منها وهذا يؤكد مدي الاهتمام بالمورد البشري لأنسان تلك الولاية . أما علي الصعيد الدولي خير شاهد تجربة رائد نهضة ماليزيا مهاتير / محمد الذي قال" أن كلمة السر في النهضة التي وصلت إليها بلاده كانت في توجيه (25%)من الميزانية إلى التعليم ، حيث لم يكن لديهم سوى جامعة واحدة ، فقرروا إرسال أبناءهم إلى الخارج لتلقى التعليم وتحصيل المعارف، واليوم أصبح في ماليزيا 60 جامعة، و أنه عندما أصبح رئيسا للوزراء قررت ألا يعتمد في ماليزيا على المعونات، وأن نعتمد على أنفسنا كدولة .. كنا نريد أن نكون مستقلين وألا نكون تحت أي ضغوط من أي طرف، وبالتالي إذا لم يكن هناك أموال كنا سنعيش وفقا لظروفنا، لأننا إذا حصلنا على المال بهذه الطريقة الأخرى يمكن أن نخسر استقلالنا ". و اذا نظرنا الي مدينة الضعين بما تزخر به من موارد بشرية و اقتصادية أذا تهيأ المناخ المناسب للتخطيط الاستراتيجي لوضع اللبنة الأساسية للتنمية الا وهي التعليم ، التعليم .. ثم التعليم ، و لدي ايمان – ربما يشاركني فيه الكثيرين – أن اسباب التخلف و التوتر الأمني مرده الي غياب التعليم المرشد الهادف ، فنجد كثير من الفاقد التربوي لا يجد له مهنة يتكسب منها و لا كيان مجتمعي يحس بانتمائه اليه لأن حركة التطور تسير بوتيرة متسارعة لا تقبل التلكؤ في المسير ، فهنا من لا تتوفر لديه الإرادة الموجهة من الدولة و المجتمع لا يستطيع اللحاق بقطار النهضة و التطور ، فالمصير مستقبل نرنو اليه بمنظار اسود تشوبه مقل التشاؤم و الإحباط فالنتيجة (توتر امني ، مستقبل مظلم .. الخ ). التعليم العالي و ضعه ليس بأفضل من التعليم العام سوي وميض يرسل شعاع المعرفة لفترة عقد و نصف من الزمان يسترسل سناء ضوئه من رحاب جامعة ام درمان الإسلامية فكان فرعاً – مؤسسة- لها في الضعين ، ظل يهب فيضه للجميع مدارا رغم شح الإمكانات و سياسات القبول التي تكبح جماح التوسع ، فكان منهل كثير الزحام للعاملين بالحقل التعليمي و الخدمة المدنية تأهيلا ، و كان ملاذا لحركة نهضة المرأة تعليماً و محفزاً معرفياً لكسر القيود التي تحول دون دراستها عن بعيداً رقابة الأهل و هذه سمة نجدها في كثير من المجتمعات المحافظة ، و لا اود أن ازايد لولا وجود الجامعة لعانت تلك الولاية الوليدة كثيراً ، فكانت الجامعة الرافد بالكوادر المؤهلة ، والحضن الدافئ لاستضافة منابر و مؤتمرات الولاية و هذا نعتبره واجب رسالي لأي مؤسسة تعليمة فكرية لأن الجامعة ليس محاضرات اكاديمية بل دورها مجتمعي . نري أن كثير من الأصوات نسترق السمع لصدائها ثم سرعان ما تخبؤوه ، ما أعنيه المطالبة بجامعة الضعين من قبل الكثيرين ، فالكل ينظر له و فق رؤيته فنجد من يتعلل بتجميد هذا الصرح متعللين بشح الإمكانات ، ومنهم من يري نعيه وقراءة الفاتحة دون الآتيان بأسباب الوفاة هل موت عمد أم خطا ؟ أم بفعل الأخطاء الطبية – السياسية – المفتعلة ؟ في تقديري ان التعليم ارادة مجتمع فهو الذي يقدر أمره و الحاجة اليه ، فعنصر الزمان وشخصنة المكان لا تجدي في عالم أمسي فيه التعليم لا يعرف الحدود الجغرافية ، فما نرجوه أن نرسم معالم النهضة في طريق معبد بالتعليم لكي نحقق اهداف التنمية المنشودة فبتعليم لا يمثل التوتر الأمني سوي عارض جانبي لمرض الجهل و التخلق عن اللحاق بقطار الأمم . [email protected]