أخيراً جداً رست سفينة الدكتور الحاج آدم يوسف على شاطئ المؤتمر الوطني، بعد أن تجاوزت وتخطت كل الجزر والمناطق المتأزمة، ليرحل الرجل من ساحة المؤتمر الشعبي المعارض للاستراحة على أرائك المؤتمر الوطني..!! فهل تمر هذه الخطوة مرور الكرام، ام ننتظر من المؤتمر الشعبي ردة فعل تجاه وضد الرجل، ام تحدث هجمة مرتدة بتدفق وتوافد آخرين من الشعبي للوطني. وهل انضمام الحاج آدم جاء نظير وعود بإغراءات وحوافز تظهر لاحقاً خلال الفترة القادمة، ام ان الانضمام كان لوجه الله والوطن كما قال لي الرجل؟! عموماً المقابلة أدناها تكشف الكثير المثير من التفاصيل. ٭ الوصول إليك أصبح مشكلة في حد ذاته.. يبدو أن هناك ما يشغلكم هذه الأيام؟ - «يضحك» كثير جداً.. اتصال وراء اتصال.. ومقابلة وراء مقابلة. ٭ الحاصل شنو؟ - «يضحك مجدداً» الحاصل هو أنني وصلت إلى قناعة تامة بالعمل سويا مع إخوتنا في المؤتمر الوطني من أجل المصلحة العليا. ٭ لكن ما الذي حدث وجعل موقفكم يتحول بصورة مفاجئة من خانة المعارضة الى مربع الحكومة؟ - أحسب أن الظرف الحالي الذي تمر به البلاد الآن يستوجب ذلك.. فهناك مهددات لوحدة البلاد واحتمال بانفصال الجنوب وما يتبعه من احتمالات في جبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي، وربما دارفور والشرق.. فهذه كلها مهددات لوحدة البلاد، والجلوس في مقاعد المتفرجين يجعلنا نفقد البلاد التي نختلف سياسياً على أرضها.. وهذا بالضرورة يستدعي العمل والمحافظة عليها وميدان اللعبة والممارسة السياسية حتى لا نفقدها. «يسكت قليلاً» الوحدة مقدمة على كل الخلافات السياسية.. فهناك أيضاً مهددات بتدخل أجنبي سببها خلافاتنا الداخلية كذلك.. وجميعنا نقف ضد هذه التدخلات.. لهذا فإنه يبقى لزاماً علينا السمو فوق الخلافات لدرء المخاطر عن البلاد.. وسيأتي الوقت الذي يمكن أن نرجع فيه إلى الشعب ليحكم بيننا في خلافاتنا السياسية. ٭ كنت من أشدَّ خصوم الإنقاذ شراسةً فما الذي استجد؟ - أدرت حواراً مع إخوتنا في المؤتمر الوطني، ووجدت اتفاقاً بيننا في كثير من أطروحاتي السياسية التي أتبناها، ولمست جديةً منهم للعمل سوياً من أجل تنفيذ قضايا كثيرة تصب في مصلحة الوحدة وتحقيق السلام.. لهذا فأنا أجد نفسي ملزماً شرعاً بوضع يدي في أيديهم وأن أنسى كل خلافاتي الماضية معهم وأخلص وبصدق شديد في العمل، وأحسب أنني سأجد ذات المنهج ممن أعمل معهم.. ليس هذا فقط.. لكن دعوتي لكل أهل السودان بمختلف انتماءاتهم السياسية أن نأتي سوياً ونتجاوز المرارات والخلافات لتأمين الوحدة. ٭ هل تخليت عن المؤتمر الشعبي تماماً وأصبحت «مؤتمر وطني»؟ - نعم.. أنا الآن مؤتمر وطني. ٭ القرار الذي اتخذته هل شاورت فيه رفقاءك وإخوانك في المؤتمر الشعبي؟ - هذا قرار يخصني وحدي، ولا يمكن أن أشاور قيادات المؤتمر الشعبي كيما أصبح «مؤتمر وطني».. فحينما أشاور الشعبي بالضرورة سيكون هناك اتفاق بين الشعبي والوطني، ولو حصل ذلك لن نصبح «مؤتمر وطني» لكن يمكن أن نكون شيئاً آخر. ٭ وهل يمكن أن تدعو عضوية المؤتمر الشعبي الآخرين للانخراط في صفوف المؤتمر الوطني؟ - نعم.. فأنا لست «مؤتمر شعبي» الآن، ومن حقي الدعوة لقناعاتي التي توصلت إليها.. وكل من اصله سأدعوه حتى لو كان عضواً بالمؤتمر الشعبي.. وليس في ذلك حرج.. فحينما كنت معهم لم يكن من المروءة والاخلاق ان أدعوهم لفض الشعبي والانضمام للمؤتمر الوطني.. لهذا فضلت مغادرة حزبي وتبصير الناس من بعد ذلك، وان اترك للآخرين ان يقرروا وفق ما يتوصلون إليه من قناعة، اما انا فبالنسبة لي «الموضوع منتهي تماماً». ٭ يتردد همس بأنك تلقيت عروضاً وإغراءات مقابل الانضمام للمؤتمر الوطني.. ما مدى صحة هذا الأمر؟ - بالله!! «قالها بتعجب».. هم الناس بقولوا عني شنو؟! ٭ يقولون إنك قبضت الثمن نظير انسلاخك من المؤتمر لشعبي؟ - والله العظيم لم يحدث على الإطلاق طوال فترة حواري مع الإخوة في المؤتمر الوطني ان تطرقنا للمناصب والوظائف.. واصلا لم يحصل هذا.. وابداً لم يعرضوا علىًّ منصباً او مالاً.. ٭ متى بدأ حواركم مع المؤتمر الوطني؟ - الحوار بدأ منذ عامين تقريباً. ٭ مع مَنْ مِنْ قيادات المؤتمر الوطني أدرت الحوار؟ - على كل المستويات.. وعلى أعلى مستوى. ٭ مَنْ الذي كان يبادر بالاتصال أنت أم هم؟ - دائماً كان الاتصال من جانبهم.. لكن أنا أقول إنه لم تتحقق مصلحة للمؤتمر الوطني من قبلي.. وأحسب أن المصلحة لنا جميعاً وللوطن. ٭ أول رد فعل استنكر هذه الخطوة جاء من المؤتمر الشعبي.. في رأيك ما هو سر وسبب هذه الغضبة؟ - أنا مؤمن تماماً بمبدأ الحريات وحر في اتخاذ قراري.. ولا ينبغي الغضب او الحنق على شخص لأنه اتخذ قراراً يخالف قرار الحزب أو موقفه.. هذا أمر أساسي في كل منهجنا.. من شاء اتخاذ موقف سياسي فله ذلك، لكن المرفوض عندنا الخيانة.. وأن تكون هناك اتفاقات سرية أو مواقف غير معلنة، لهذا فأنا حينما قررت الانضمام للمؤتمر الوطني فعلت ذلك مباشرةً حتى لا يكون هناك أمر من خلف الستار او من تحت الارض وحتى يكون الظاهر والباطن سواء. ٭ لكن ألا تعتبر أن قرارك يعد طعنة من الخلف وخيانة لقيادات حزبك السالف؟ - «يرد بسرعة» ابداً هي غير واردة على الإطلاق، وأؤمن أنها مرفوضة تماما، واحسب ان الاعلان عن الموقف بوضوح يجعلها غير واردة. ٭ قلت في البداية إن الجلوس على مقاعد المتفرجين ما عاد يجدي.. في المؤتمر الشعبي هل كنتم من المتفرجين؟ - هذا صحيح.. لم نفعل شيئاً من أجل مصلحة الوطن.. كنا في مقاعد المتفرجين والبلد يدور ما يدور فيها وحولها. ٭ هل تعتقد أن انضمامك للمؤتمر الوطني سيفيد البلاد أو يحل مشكلاتها؟ - الحاج آدم بمفرده لن يفيد في شيء.. ولا أحسب أنني وحدي يمكن أن أفيد.. لكن مجموعة الجهود لمن يتفقون يمكن أن تفيد. ٭ إلى أي مدى نتوقع أن يقود الحاج آدم جهوداً أو مبادرات لحل قضية دارفور؟ - أأمل ذلك.. وسأبذل جهدي من أجل ذلك إذا اتيحت لي الفرصة. ٭ سؤال أخير.. بعد خروجك من عباءة المؤتمر الشعبي.. هل جرى أي اتصال بينك وأي من القيادات؟ - إن كان هذا الموقف قد اتخذته بمفردي للأسباب التي ذكرتها لك، لكني أقول لك إنني تلقيت اتصالاً من إخوة في المؤتمر الشعبي كانوا يريدون أن ينوروا قبل اتخاذ القرار ليكونوا معي، لكني قلت إنه لا يمكن حدوث ذلك وأنا في الشعبي.. لا يمكن أن أطلب من الآخرين أن ينفضوا عنه.. أما الآن فسأنزل للإخوة والأخوات، واوضح ليس لعضوية المؤتمر الشعبي فقط، انما لكل من يسمع، ودعوتي ستمتد لكل القوى السياسية حتى لا يبدأ تمزق البلاد بالجنوب.. وعندي امل بأن نلحق الجنوب ونحافظ على باقي البلاد، ونؤمن الوحدة، وبعدها ندير خلافاتنا بصورة ديمقراطية.. والمطلوب من الحزب الحاكم ورئيس الجمهورية شخصياً، إيلاء هذا الأمر اهتماماً كبيراً كي نقوى ونمتن الوحدة بين كل الأطراف السياسية داخلياً لنواجه معاً ما ينتظرنا من تحدٍ، ويتطلب هذا السمو فوق الخلافات والرواسب والمصالح الشخصية والمرارات. وتعلمون ما كان بيني والنظام ويعلم النظام موقفي، لكن يمكن تجاوز كل هذا لنأتي معاً، وبالتالي نريد من كل الأطراف اتخاذ مواقف وخطوات تجعلنا سواء. ٭ وهل تتوقع أن تخطو قيادات في المؤتمر الشعبي ذات الخطوة وتنضم للمؤتمر الوطني؟ - بالطبع يمكن ذلك متى ما توصلت إلى قناعاتي.. وسبق أن أفصح لي البعض داخل الشعبي عن رغبته في ذلك بعد إعلان موقفي.. وأنا احترم رأي الأشخاص.. وحينما أنزل لتنوير الناس الذين يجب أن أنورهم لأني كنت معهم لسنوات عديدة في الشعبي، وقتها سيتضح الأمر بصورة واضحة. الصحافة