قراءة وتحليل : القرار المفاجئ للرئيس سلفاكير برفع الحصانة عن وزير مجلس الوزراء دينق ألور اصدم الكثيرين فى البلاد طولاً وعرضاً ومناصرى الحركة الشعبية فى المسكونة كلها بيد ان الرجل احد اعمدة صنع القرار فى الحزب الحاكم فى جنوب السودان وكان اقرب المقربين لزعيمها الراحل المقيم الدكتور جون قرنق ولم يستطع الرئيس كير من الاستقناع عن دينق ألور حتى ليلة صدور القرار، دينق الذى يتمتع بكفاءة سياسية عالية جداً وعلاقات خارجية وطيدة خصوصاً فى الدول الغربية بشهادة الكثير من المراقبين صار اليوم ضحية تصفية حسابات داخلية ، السؤال المطروح فى هذا الاطار منذ ان وصل الرئيس كير الى السلطة الى يومنا هذا ألم يحدث اى تجاوز مالى فى جنوب السودان سوى 7 مليون دولار فقط وهو " المبلغ المحول من قبل وزارة المالية لصالح احدى الشركات " ؟! اين مصير الاربعة مليار دولار المحولة فى المصارف الغربية والذى اتهم الرئيس 75 مسؤلاً سابق وحالى وقال الرئيس كير امام البرلمان قبل عام تقريباً انه حرر خطابات لهم يطالبهم فيها باسترداد الاموال العامة المعتدى عليه من طرفهم ؟ وبسبب الاربعة مليار دولار المختلسة من خزينة الدولة ترفض الدول الغربية منح جنوب سودان اموال لسد حاجتها المالية بعد ان قرر الرئيس كير وقف تصدير النفط عبر الشمال منذ اكثر من 18 شهراً . وفقاً لمتابعاتنا ان القضية بدأت فى شهر مارس على ما يبدو ان لم يخنِ الذاكرة وحسب المعلومات المتوفرة لدينا هى ان معالى الوزير دينق ألور قام بعمل توصية لإحدى الشركات والمملوكة للشاب اثوربى " ينتمى لولاية جونقلى " لشراء بعض مستلزمات مكاتب الحكومة ، ومن ثم قامت وزارة المالية بتحويل قيمة العطاء كلياً الى احدى المصارف الكينية دون اتباع الاجراءات القانونية الروتينية التى تتبع فى مثل هذه العطاءات ، الامر الذى جعل بعض مستشارى الرئيس المعروفين لعدائهم الشديد للوزير دينق ألور يخبرون الرئيس بحدوث شبهة فساد لوزير مجلس الوزراء وطالبوا الرئيس بإقالة ألور من منصبه . ويقول بعض المصادر ان المكيدة التى احيكت ضد ألور وزميله مانيبى تم تدبيره بعناية من قبل بعض مستشارى الرئيس كير احدهم ابن خالته وآخر معروف بعدائه السافر ل " دينق ألور" وهذا الاخير لم ترغبه وتطيقه كوادر الصف الاول للحزب وان موقفه تتعارض مع القيادة التاريخية للحركة ، الجدير بالاشارة ان احد المتهمين بتدبير المؤامرة كان بعيد كل البعد من مراكز اتخاذ القرار ايام الدكتور جون قرنق لم يك فعالاً بل ظل متنقلاً فى العواصم الأوربية ، سبق وتم فصله ابان فترة الشراكة مع الحركة الاسلامية فى الخرطوم ، ولكن لسبب او لآخر ترجح المناطقية تم اعادته وتعيينه مستشاراً للرئيس سلفاكير وتحفظ بعض القيادات على تعيينه . وهناك قضية شهيرة يعتبر اول قصة للفساد فى جنوب السودان المعروفة بقضية الذرة حدثت عندما كان احد مستشاري القصر والياً لإحدى الولايات عن مقعد المؤتمر الوطنى وانضم للحركة الشعبية فى الساعة الثالثة والعشرون عشية الاستقلال ، حيث صرف مليارات الجنيهات لبعض اقارب المسؤليين بغرض توريد الذرة لمجابهة المجابهة وقتها وبدأ المسؤلون يلوحون بمعاقبة المتورطين ولكن القصر الرئاسى لم تحرك ساكناً رغم ان الجريمة كانت كبيرة حيث مات الاف الموطنين بالجوع بشهادة المنظمات الدولية . وهناك رواية اخرى يتم تداولها فى هذه الايام ان فاقان اموم يريد الترشح للانتخابات القادمة وان دينق ألور يؤيد فاقان اموم فى الترشح للسباق الرئاسى " 2015" وهذه مجرد ارهاصات ولكن هنالك تحليل نشر فى سودان تربيون النسخة الانجليزية يقول ان دينق ألور قد يكون ضحية صراع داخل الحزب خصوصاً انه سحب تأييده للرئيس سلفاكير ، وهذا قد يكون سبب وجيه الذى جعل الرئيس كير يطيح بساعده الايمن على الاقل فى فترة حكمه غير المنتهية ، او ربما رسالة او هرشة الى الوزير دينق ألور حتى يعدل عن رأيه القاضى بترشيح فاقان اموم خصوصاً انه مسؤل ملف ابيي مسقط رأسه وان قضية شعبه لا يتحمل اى مناورة سياسية داخل الدولة ورسالة الى ابناء قرنق فى الحزب تفيد ان لا احد يعلو عليه " سلفاكير " ، وجاهرت ربيكا مبيور أرملة الدكتور جون قرنق حسب سودان تربيون برأيها صراحة بضرورة اجراء اصلاح داخل الحزب وانها تؤيد مشار فى السباق الرئاسى القادم . ليس هناك ادنى شك ان الاطاحة او رفع الحصانة عن " دينق ألور " فى هذه الفترة هى ابقاء قضية ابيي كما هى عليه الان وافشال استفتاء ابيي المزمع عقده فى اكتوبر المقبل وعدم احراز اى تقدم فى تحقيقات اغتيال زعيم الدينكا نقوك كوال دينق كوال حسب طلب الخرطوم ، وان الخرطوم ضغطت الرئيس كير للإطاحة بأولاد قرنق الذين يدعمون الثورية كما تزعم الخرطوم مقابل مرور النفط ، وتذهب بعض الارهاصات بتعيين لام اكول اجاوين حليف الخرطوم فى منصب قيادى فى حكومة جوبا بعد الاطاحة ببعض صقور الحركة الشعبية بزعم الفساد او اى تهم اخرى يلحق بهم وان الصفقة اشترطت تصفية خصوم اليوم وحلفاء الامس مقابل تعيين لام اكول ويدعم الاخير كير فى دورتين رئاسيتين متتاليتين . مايصير فيه الامور يشير الى ان جنوب السودان فى طريقه الى الفشل فى الديمقراطية الامر الذى سيجعل الدول الغربية يغضون الطرف عن دعم الدولة الوليدة التى تتعرض للتضييق والخناق من قبل دولة السودان عقاباً لها يإختيارها الاستقلال التام عن الدولة الام ، وقد يصحبها بعض العقوبات الغربية اذا حصل تجاوزات فى العملية الانتخابية ووقوع عنف على النمط الكينى ، ويخشى بعض المراقبين ان تتصومل جنوب السودان وبروز صراعات ونزاعات مسلحة فى حالة خسران بعض المرشحين الانتخابات الولائية او القومية " برلمانية ورئاسية " ودونكم احداث جونقلى فى الانتخابات الماضية 2010م ، جنوب السودان يبدو ان التحديات الداخلية تبدو اخطر من الخارجية لان التحديات الخارجية يجمع الجنوبيون على مواجهتها وقادرون عليها كما اثبتت التجارب الماضية ، ولكن التحديات الداخلية تولد الانقسامات فى بلد مزقته الحروبات القبلية التى صنعتها الخرطوم منذ الحرب الاهلية ومازالت تزكيها الى اللحظة . السيناريوهات المتوقعة : السيناريو المتوقع هو احتواء الازمة من قبل بعض العقلاء والمحايدين من القياديين العسكريين والسياسيين وربما تدخل الاصدقاء الغربيين والاجماع على ترشيح الرئيس سلفاكير فى دورة رئاسية قادمة مع ابقاء نائب الرئيس الدكتور رياك مشار وفاقان اموم ودينق ألور فى مناصبهم الحالية مع ابعاد بعض مستشارى الرئيس غير المرغوبين فيهم . السيناريو التالى هو اصرار كل من الدكتور ريك مشار وفاقان اموم بالترشح للسباق الرئاسى وستنقسم قيادة الحركة الشعبية على نفسها وهنا مكمن الخطر على الدولة الوليدة تهدد انهيارها وهو سيناريو شبه مستبعد او هكذا كما يبدو الامور فى خلف الكواليس . [email protected]