لا أميل إلى إلتزام القوافي ليأتي النص منمقاً مكتمل الأركان كما في الأعمال الادبية المتخصصة ، فالمشهد متحرك لا ثوابت فيه و الحالة الراهنة تستوجب خروجاً عن المألوف في كل ما له علاقة بأحلام و تطلعات الشعوب ، فالمنعطات التي ظل يمر بها وطننا كثيرة و حادة و لا يستقيم أن يكون كل ذلك من قبيل المصادفة و الأقدار ، فثمة اسباب موضوعية تقود إلى هكذا نتائج ، فوطن الجدود الذي تغنى الشعراء و اشبعونا وصايا عليه و ليس هذا إنتقاصاً من حبنا الأبدي و إرتباطنا الوجداني الوثيق بترابه الغالي ، لكن الوصية جانبها الصواب فالفاعلين الحقيقين الذي يجعلون الشعوب تعشق أوطانها غائبون تماماً ما بين بارع في إنتهاب القيم و المثل و آخر مستهزىء يعبث بمقدارت الوطن المادية و يهدر الموارد إرضاءاً لغروره الشخصي . حتى الغربان صارت تردد المقولة الآسرة الشعب مصدر السلطات و تبعاً لذلك يضع من القوانين و الاعراف ما يحرس به حضارته و يبني مجده التليد ، لكنا و للأسف الشديد نملك إعلاماً مخبولاً يخدم أشخاص و يألههم و يسعى لإقتفاء آثارهم و تصويرهم كأباطرة و قادة لا يشق لهم غبار بينما هم مجرد هواة تسنموا السلطة على حين غفلة من أهلها ، تمر ببلادنا مشكلات يذهب ثمنها مهج و دماء لا يمكن أن تعوض مهما فعل الناس و يضيع وقتاً ثميناً في البحث عن النقائص و ترديد مقولات معبأة خصيصاً لإستهلاك الرعاع ، في هذا البلد تتعدد المشاكل كما اشرت و تعلمون فينبري ناشد خير لحشد طائفة يستقوى بها لتبيين الحيف و الضيم و إيجاد السبيل لحل ذلك المشكل بينما البقية تنام ملء جفونها بإعتبار أن لا ناقة لي و لا جمل فيما يصير متناسين اهم قيمة تجمع الناس قبل المكان و هي جنسيتهم ، فالتوصيف الدقيق الذي نعلم في شأن الأمم أنها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى و لكن كآذان مالطا يموت الناس بغارة جوية في بقعة ما من تراب الوطن فتصبح مثالا للتندر و الفكاهة ، تهجر فئة من أرضها قسراً فتعتبر قضيتها لا تمس بقية اصقاع الوطن !! تدور معارك عنيفة تفضي إلى واقع بئيس على حياة الأحياء فينزحون و يلجأون و يصبح شأناً إقليماً صرفاً ، لقد تشرذم الناس كلٌ يحمل معوله ليحرس ما يعتقد انه حرزه الخاص و يشرب صفواً قبل غيره في صلفٍ و غرور لا يُضاهى . لن أوجه سهام النقد لهذه الحكومة القائمة فهي بعيدة عن ما نعيشه و نتجرعه و في أحيان نراها شريكاً و فاعلاً أولاً فيما يجري ، لكن من أين لنا إلتماس العذر لصحافتنا المستقلة و إعلامنا المراهق الذي يطلق عشرات القنوات لهدر الوقت بينما لا تتوفر قناة واحدة للتنوير و بناء التضامن بين ما تبقى من سودان. ستظل مآسي شرقنا الحبيب و دارفور الجريحة و فواجع نيلنا الأزرق و كرفاننا الجنوبية و بقية ضحايا الوطن في كل مساحاته شاخصة و اكبر دليل على جهلنا بقيم التضامن و ترك كل فئة تلعق جراحها و تنام بينما الآخرون يرقصون على انغام اللا مبالاة و الحظوظ الشخصية . حقاً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا و تصبحون على تضامن حقيقي. [email protected]