أول أمس خطي رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق سلفاكيرميارديت خطوة كبيرة ومفاجئة وأعفي نائبه الدكتور رياك مشار وجميع أعضاء الحكومة وأحال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم للتحقيق وجمد نشاط الامانة العامة وأيضاً أحال حوالي 17 من ظباط الجيش والشركة إلي التقاعد ، في ظل الأوضاع التي كانت سائدة مؤخراً والصراعات المكتومة والعلنية التي كانت تدور بين سلفا وعدد من قيادات الحزب والحكومة الخطوة كانت متوقعة غير أنها كانت مفاجئة لأنها لم تكن متدرجة وجاءت بصورة فجائية بعض الشئ وأجملت اكثر من خطوة في حزمة واحدة من القرارات. وتفتح خطوة سلفا الأخيرة الباب واسعاً أمام العديد من السيناريوهات وتظل الأسئلة الشائكة والمعقدة حول مستقبل الدولة الجديدة قائمة ، هناك المشاكل القديمة وصعوبات بناء دولة في ظل مشاكل قبلية وسياسية كثيرة وتضاف لكل تلك الأسباب إفرا زات قرارات سلفا كير الأخيرة- الخطوة و مابعدها- وإما ان تعمق الأزمة الموجودة وتزيد الحريق وإما أن تكوب بداية لوضع الدولة الجديدة علي جادة الطريق ، وفي رأي الكثير من المراقبين أن الأمور لن تمضي بالسلاسة التي يتصورها البعض ، وخطوة سلفا الأخيرة وقبل قراءة حيثياتها والوقوف علي خلفياتها ممكن الخطورة فيها أنها وسعت دائرة أعداء الرئيس فالقائمة تضم مشار وباقان وألور وتعبان وغيرهم والكثير من رفقاء ( زمن النضال). وتتضافر الكثير من العوامل لتشكل المشهد السياسي في دولة جنوب السودان ،الصراعات التي تلتحف توث القبيلة والمصالح الشخصية ، الرئيس سلفاكير بدأ معركة (قطف الرؤوس الكبيرة) مبكراً وذلك تمهيداً للمرحلة القادمة التي تشهد انتخابات الحزب والانتخابات العامة و ظهرت معالم الخلاف بين سلفا كير ومشار منذ فترة ليست قصيرة وخاصة أن الأخير أعلن وبصريح العبارة رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية ووجه انتقادات علنية لسلفاكير – ولكن سلفا الذي قال من قبل لقرنق " أنك لاتنسي ولاتعفو" سار علي ذات الدرب فهو لاينسي ولايعفو وكل من قال عنه حرفاً نزع من الكرسي وجرجر إلي لجان التحقيق. وتعكس الخطوة الأخيرة لرئيس جمهورية جنوب السودان جانباً مهماً من شخصية الفريق سلفاكير وكان سلفا يوصف دائماً بأنه ضعيف الشخصية وحاولت وسائل الإعلام الموالية للحزب الحاكم في الخرطوم رسم صورة مهزوزة لسلفاكير وأنه رئيس بلاصلاحيات وأن (أولاد قرنق) يسيطرون علي كل مقاليد الامور و...الخ و أظهرت الخطوة الأخيرة صورة مغايرة تماماً لماكان سائداً ومنشوراً حيث أطاح سلفا بمشار وباقان وألور وتعبان بكل خلفياتهم مواقعهم المؤثرة في الحزب والحكومة. و في رأى المراقبون أن هذه القرارات كانت متوقعة منذ فترة ليست بالقصيرة إن القرارات الأخيرة كانت تعبيراً عن الصراعات التي كانت تدور خلف الكواليس و القرارات الاخيرة لسلفا ستكون لهاما بعدها داخل الحزب وجهاز الدولة، ولكن دون أن تتطور إلي مرحلة المواجهة المباشرة علي الأقل في المرحلة الحالية وربما تتجه جوبا في المرحلة المقبلة إلي تطبيع العلاقة مع الخرطوم. والقرارات الأخيرة كانت ماقبلها أيضاً وأن هناك ظروف ومعطيات وصراعات ومواقف رسمت ملامح المشهد الماثل الآن ويعتقد ان هناك مجموعات تعمل علي تصفية حسابات قديمة وأشعلت المواجهات العنيفة بين قيادات الحزب حول مرشح الحزب للرئاسة الموقف وخرجت الصراعات إلي الواجهة وكان الدكتور رياك مشار قد اعلن بوضوح رغبته في الترشح ووجد مساندة من باقان وربيكا وآخرين – ولمواجهة متطلبات الوضع الجديد – مرحلة مابعد الإقالة والإحالة – ربما يخطو سلفا خطوات نحو الخرطوم وتحسين العلاقة معها والدخول في حوار مع بعض قيادات المعارضة الجنوبية مثل لام أكول وكانت وسائل إعلام شبه رسمية في الخرطوم قد أشارت أن هناك حوار بين سلفا ولام أكول وعليه وإن مضي سلفا في هذا الاتجاه فإن الوضع الجديد في جوبا سيبدو مختلفاً ومواجهاً بتحديات مختلفة وذلك بإختلاف الأعداء والأصدقاء – في خانة الأصدقاء يمكن لسلفا أن يكسب توقيع – المؤتمر الوطني ولام أكول – ولو إلي حين – وبالمقابل أصبحت قائمة الأعداء تضم قيادات كبيرة ومؤثرة ، وبهذه القراءة وإن صحت تكون الخلاصة أن الرئيس سلفاكير أجري تعديلات كبيرة في قائمتي الأعداء والأصدقاء ويظل السؤال الجوهري هل تقوي الدولة الجديدة وبكل مشاكلها وأزماتها علي تحمل مثل هذه التعديلات الكبيرة. ورغم المخاطر الكثيرة التي تحيط بخطوة سلفا الأخيرة والتعقيدات الإضافية التي تخلفها مثل هذه الخطوات في دولة هشة وتعاني من صراعات وأزمات كبيرة جداً تبقي هناك " الجوانب الغير منظورة" في الأزمة الاخيرة والمعلومات الأمنية والاستخباراتية التي يتكئ عليها الفريق سلفاكير ، صحيح الجوانب السياسية والقراءات الاستراتيجية مهمة وضرورية في مثل هذه الخطوات ولكن من الناحية الأمنية وكما نقلت وسائل الإعلام العالمية ذلك تعيش جوبا في هدوء حذر ويبدو الجيش مسيطراً علي الأوضاع بصورة كاملة وقالت وسائل الإعلام أن الفريق جيمس هوث رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي يشرف بنفسه علي مواقع الجيش في جوبا وفي هذه الجزئية إشارة لخلفية الصراع بين سلفا ومشار والإشارة مفادها أن العنصر القبلي ليس دائماً بمثابة ( كرت رابح) وهاهو جيمس هوث من النوير يتحالف مع سلفا من الدينكا ضد مشار من النوير أو هكذا ظهرت بعض ملامح الصراع. ومن قبل قال هوث في حوار صحفي منشور " انا نويري من النوير ، ولكني بعيد كل البعد عن القبيلة، ولا اعترف بها واعمل لمصلحة البلد وليس للقبيلة ". حسن بركية - الخرطوم [email protected]