مبادرة نفير تدعو فعلا للاعجاب .. ليس لتفردها كعمل شبابي مجتمعي .. فطلاب الجامعات السودانية ظلوا على الدوام وقودا للنشاطات الانسانية المختلفة .. الثقافية والاجتماعية والصحية والسياسية .. لكن الجديد هذه المرة ان هذه المبادرة تحديدا تخطت حدود الجامعات والمجتمع الطلابي .. بل تخطت حدود السودان نفسه .. هذه المبادرة الرائعة التي ولدت من رحم الكارثة التي "تغرق" فيها البلاد حاليا ولدت مكتملة .. متسقة ومنظمة بشكل يدعو للدهشة .. دهشه نابعة من أن هذا الشباب الذي يحاصره الإحباط من أواضعه وأوضاع بلاده البائسة استطاع فجأة أن يخلق لغالبيتنا الصامتة المتذمرة - المشتغلة فقط بلعن الظلام - شمسا مضيئة أنارت بصيرتنا على حقيقة أن الانسان السوداني لا يزال بخير .. وأن جمرة حياته لا تظل متقدة تحت أكوام الرماد التي خلفتها مرارات سنين من اليأس العجاف .. وكأن الشعب السوداني جميعه كان في انتظار هؤلاء الشباب ليمدوا لهم طرف الحبل .. فتعلقوا به جميعا .. من شتى أصقاع السودان .. مرورا بالخليج .. عبورا بأوروبا .. وانتهاءا بالنصف الآخر من الكرة الأرضية في أمريكا .. حماس منقطع النظير .. وعمل دؤوب مشتعل .. تحركه طبعا فداحة الكارثة وعظم المصيبة التي ألمت بأهلنا .. ولكن تدفعه أكثر الإيمان اللا محدود بهؤلاء الشباب .. فرغم صغر أسنانهم وقلة خبرتهم إلا أن الثقة عارمة في سلامة نياتهم وحسن تدبيرهم وقدرتهم الفائقة على الانجاز ..* لست أتذكر في التاريخ القريب مبادرة أو أطروحة أو فكرة حظيت بهذا الاجماع بين السودانيين كما حظيت به هذه المبادرة المتميزة .. فقد استطاعت - ربما عن غير قصد - توحيد شتاتهم .. وجمع قلوبهم .. وجعلتهم يشعرون بالفخر والعزة ﻷن السودان أصبح به أخيرا حركة شبابية فاعلة قادرة على تحريك المجتمع بأسره .. بجميع أطيافه المتباعدة .. ودفعها كلها لعمل إيجابي بنائي .. كما يحدث لدى الأمم الانسانية المتحضرة ..* شباب نفير .. شكرا لكم .. أنتم لم تساعدوا فقط أهلنا الغارقين في مياه الأمطار ..ولكنكم انتشلتمونا أيضا من أوحال الإحباط ومياه اليأس الآسنة .. احمد عبدالواحد [email protected]