حالما ينتهي العمل في أي كوبري – مثلاً الحلفاية- تنزع الأراضي المميزة حوله من أهلها الفقراء وتخصص للأثرياء عن طريق سياسة الأمر الواقع . وكلما بني شارع زلط مضروب أمام قرية بائسة ، نزعت القطع المطلة علي الشارع لصالح السدنة ، بحجة التخطيط ، ثم نقل الغلابة بأكملهم إلي أحد مجاري السيول في انتظار مصيرهم المحتوم . وكلما رفض مواطن دفع رسوم النفايات احتجاجاً علي الأوساخ المتراكمة أمام منزله ، وقف أمام المحكمة وفق أوامر محلية تفرض عليه الأمر الواقع ، وهو إلزامية دفع الأموال للنظام الحاكم دون أي كلام . ولو اعترض أي إنسان طريق ( حتة) موظف في الضرايب أو الجمارك أو عسكري بي شريط واحد ، سيق إلي الزنزانة بتهمة المعارضة وتعويق مسار موظف عام ، وفق قوانين الأمر الواقع . وعندما ينهد حيل الموازنة لأن التنابلة يستهلكون المال العام في الفشخرة ( الفاضية) ، ترفع أسعار السلع الضرورية بحجة رفع الدعم ، وعندما يحتج المواطنون ويتظاهرون يضربون ويسجنون ويعتقلون بتهم التآمر وقلب نظام الحكم ، وعليهم القبول بالأمر الواقع وكل ما تقوله الحكومة ( نافع) ولماذا يكون الأمر الواقع هو فقط ما تقرره الحكومة ، وليس ما يقرره الناس ؟ ففي حالة الكوبري ونزع الأراضي ، يعصلج الأهالي ، ولو أتي البلدوزر لبيوتهم ، يركبوا أي بلدوزر تاني ويفرتقوا الكوبري بطريقة الحشاش يملا شبكتو وفي حالة شارع الزلط ، يسوق الأهالي ( التركتر) ويحرتو الشارع اللعين وبعد داك خلي الحكومة تزرعو بصل وفي حالة النفايات ، يقول محمد أحمد للقاضي ما بدفع ، ويتظاهر سكان الحي داخل المحكمة ولا يخرجون إلا وإبنهم ( أبو حميد ) في يدهم ، أو فلتنعقد المحكمة داخل كوشة الحي ليري القاضي بنفسه ما يحدث ، وعندها لكل حادث حديث . أما في حالة البنزين ، فعلي الناس الغلابة ، عدم التوجه للعمل لمدة يوم واحد ، يحاصرون فيه وزارة المالية وأي جهة حكومية أخري ضالعة في القرار ، فيفرضون الأمر الواقع . وقبل أن ينتهي اليوم الأول من الأمر الواقع الذي فرضه الناس علي الحكومة ، سيطل الناطق الرسمي في التلفزيون ليعلن القرار الجمهوري بسحب زيادة البنزين بحجة أن الوزير تجاوز صلاحياته ، ولو بات الناس في مكان اعتصامهم سيصدر غداً قرار بإقالة الوزير ، ولو باتوا إلي بعد غد ستقال الحكومة بأكملها ، أما لو استمر الأمر الواقع الشعبي لمدة 24 يوماً فسيخلص البلاد من تركة 24 عاماً ، إسمها المشروع الحضاري ومعناه الفساد والإفساد من العيكورة إلي البراري . الميدان