:: (رجعنالك)، بلاحزن ولايأس، بعد غياب أيام لظروف خارجة عن إرادتنا، أو كما وصفتها إدارة التحرير بعدد البارحة تحت عنوان (توضيح واجب) ..وبالمناسبة، لم تسهب الإدارة بحيث تشرح تلك الظروف الخارجة عن الإرادة، ربما عملاً بنهج (خير التوضيح ما قل و دل)، أو ربما تلك الظروف الخارجة عن الإرادة من (أسرار المهنة)، أو ربما لضيق المساحة..عفوا، لعمري ما ضاقت مساحة صحيفة في هذا الكون بأقلامها وأحبارها ولا بأخبار الناس و قضايا البلد، ولكن دائماً أخلاق الظروف الخارجة عن الإرادة ( تضيق)..!! :: المهم، (وقفنا وين؟)، يوم الأربعاء ..ليس مهماً، فالمهم (ماشين وين؟)..نحكي قصة و أخرى، وهي من القصص التي تصلح بأن تُحكى لأطفالنا قبل النوم، هذا إن كانوا ينامون ( مع البعوض ده)، و ( الحاصل ده)..يُحكى أن رجلاً من بلاد الهامروس ( دي بتقع وين؟)، تزوج بأمرأة بالإكراه، أي بالطريقة السودانية ( غطي قدحك)، وعجز عن معاشرتها والعيش معها، و فكر في أسباب طلاق تجنبه غضب (أهل القدح)..فكر، ثم قرر أن يتصل بطبيب الأسرة بحجة (الولية دي طرشاء، وما بتسمع الكلام)..نعم، يوجد أطباء الأسرة في بلاد الهامروس، إذ هي دولة ناهضة حسب رواة زوارها، وليست كما دولتنا التي أطباء أسرها (سيد اللبن) و(بتاع النفايات)..المهم، وصل طبيب الأسرة وسأل الرجل عن حال زوجته الجالسة بجواره، فأجاب ( طرشاء، وما بتسمع الكلام)..فأمره الطبيب بأن يأمرها بأي أمر من مسافة (40 قدم )، ثم (30 قدماً)، ثم (20 قدماً)، وأخيراً ( 10 أقدام)، كاختبار أولى لمعرفة مدى سمعها..!! :: وقف الرجل على مسافة أربعين قدم من زوجته ، وصاح فيها : (يا ولية نحن فطرنا شنو؟)..ثم تقدم إلى مسافة ثلاثين قدم، وسألها ذات السؤال (يا ولية نحن فطرنا شنو؟)..ثم تقدم إلى مسافة عشرين قدم، وسألها أيضاً ذاك السؤال..وأخيرا، عندما إقترب منها بمسافة عشرة أقدام، وسألها ( يا ولية نحن فطرنا شنو؟)، صاح فيه الطبيب : ( يا راجل إتقي الله، الولية دى تلاتة مرات قالت ليك فطرنا فول)، ثم أردف سائلا : (إنت أطرش ؟)..وهكذا تقريباً حال الصحف في بعض دول العالم الثالث (والأخير طبعاً)، فالنظام يتهم الصحف بالتحريض والتخريب، ويذهب بها إلى الطبيب للتشخيص والعلاج، ولكن دائماً ما يكشف تشخيص حالة الصحف بأن النظام هو المصاب بنهج التحريض والتخريب..!! :: ثم قصة أخرى.. يحكي أن ريفياً من سكان الغابات كان في زيارة صديق له بإحدى المدائن، وبينما كان سائرا بإحد شوارع المدينة الصاخبة التفت إلى صديقه قائلاً : ( أنا سامع أصوات حشرات)، فأجابه صديقه بدهشة : ( كيف الكلام ده ؟، حشرات شنو في المدينة ؟، وسمعت أصواتها كيف في الجوطة دي؟)، فقال الريفي مؤكداً حديثه : ( يازول سمعته، و ح أوريك سمعتها كيف)..ثم أخرج من جيبه قطع نقود معدنية ثم ألقاها على الأرض، فالتفت كل من كان بالشارع الصاخب إلى مصدر الرنين، فواصل الريفي قائلاً : (وسط الضجيج لا ينتبه الناس إلا للصوت الذي ينسجم مع اهتماماتهم، هؤلاء يهتمون بالمال لذا ينتبهون لصوت العملة، أما أنا فأهتم باالحشرات التي تصيب أشجار غابتي بالأمراض، ولذا يثير انتباهي صوتها)..وهكذا تقريباً حال الصحف، إذ لها قرون إستشعار تلتقط أصوات المخاطر التي تهدد حياة البلد، ولكن الذين يهتمون بالسلطة والثروة لا يصدقونها، ثم يكبلونها، ولذلك يحدث المسمى هنا مجازاً (ظروف خارجة عن الإرادة)..عدنا، وقد نحتجب مرة أخرى بأمر تلك الظروف، ومع ذلك لن نيأس، ولن نحزن، و لن نبيع أقلامنا لمن يقتلون الناس في الطرقات..وبلادنا لايمتلكها غير شعبها..!! [email protected]