إن القرار الذي أصدره الإتحاد الإفريقي فى يوم الثلاثاء الذي وافق الثامن من أكتوبر الجاري والخاص بتعليق إجراءات إستفتاء تقرير مصير مواطني منطقة أبيي قرار غير منصف وهزيل ومرتجف، ولذلك لن يجد آذاناً صاغيةً له من أهل المنطقة. كنا نثق بل نؤمن أن الإتحاد الإفريقي منظمة دولية عُظمى بحكم أنه يتكون من دول أرض الشمس المشرقة، ولذلك ظننا أن هذا الإتحاد قادرٌ لحل النزاعات والصراعات التي تحدث في مختلف البلدان والمناطق في القارة السمراء، إلا أنه أصبح على عكس حُسن ظننا، لأنه لم يَكُنْ على قدر المسؤولية، وإذا لم يستطعْ اليوم حل أبسط وأسهل القضايا كقضية (أبيي) فكيف يستطيعُ غداً حل القضايا والمشاكل الصعبة والمعقدة مثل مشكلة الطوارق والجماعات المتشددة والمتطرفة في مالي ونيجيريا بغرب إفريقيا، ومشكلة ما يُسمَى جيش الرب بيوغندا، والشباب المجاهدون بصومال؟. نقولُ إن هذا القرار غير منصف لأن نَحْنُ مَنْ قبلنا بمقترح الآلية الإفريقية رغبةً لإنهاء الصراع بالمنطقة ،وإحتراماً للإتحاد الإفريقي بإعتباره يمثلُ المظلةَ والوعاءَ الجامعَ لنا كأبناء القارة السمراء، وقد إندَهشَ الحضورُ بحديث فخامة الرئيس الفريق أول سلفا كير ميارديت وقتذاك عندما أعلن موقفه بقبوله جميع البنود التي جَاءَتْ في المقترح، مما أثار إعجاب ودهشة الجميع ، وتأكد لهم أن الرئيس ميارديت هو أكثر مَنْ يرغب للوصول إلى الحلول من أجل السلام والإستقرار لشعبي البلدين، بينما أظهَرَتْ القيادةُ السودانيةُ سؤ نيتها برفضها لتلك الرؤية، وظَلَتْ تعرقلُ كافة الجهودَ التي بُذلتْ طوال الفترة الماضية، حينَهَا لَمْ نَرَ خَطوَةً جادةً من الإتحاد الإفريقي، وبعد هذا النوع من القرار الذي ذَهَبَ إليه أخيراً، أعتقدُ أن الشعبَ الإفريقي فى أزمة حقيقية، وهذه الأزمة هي أزمة القيادة العادلة والقوية، والتي تحملُ في فؤادها روح الحق والإنصاف ، فهؤلاء الأصحاب، أي أصحاب هذا القرار لو كان لديهم حبة الخردل من العدالة لما ذهبوا في هذا الإتجاه، ولكن لأنهم وضعوا المصالح فوق الحقوق فعلوا هذا وهم لا يعلمون. لقد سجّل الإتحاد الإفريفي موقفاً هزيلاً في سجلات التأريخ بتراجعه عن تنفيذ حلوله ومقترحاته فى موعدها (أكتوبرالحالي) وتأجيله لها لأجل غير مُسمَى، وكان من الأفضل أن يثبت في موقفه الأول ويتخذُ خطوةً عادلةً وجريئةً بتكوين المفوضية لإجراء الإستفتاء في أكتوبر من جانب واحد كما حدث من قبل في منطقة (تيمور الشرقية) بجنوب شرق القارة الأسيوية، أو أن يرفع هذا الملف منذ وقت مبكر إلى مجلس الأمن الدولي لينظر فيه ، وليواجه مَنْ يرفض الحلول قراره رقم (2046) الذي توعد بمعاقبة الطرف الذي يعرقل الوصول إلى الإتفاق لحل القضايا العالقة بما فيها قضية أبيي، ولكن عدم قدومه لأية خطوة من هاتين الخطوتين إنْ دل على شئ إنما يدل على أن هذا الإتحاد قد إرتجف أمام الخرطوم، ولم يستطع الضغط عليها، ولذلك لجأ إلى هذا القرار المرتجف الذي يشبه قرار المرتزق والمرتشى، وقد جاء لصالح الخرطوم ولا فائدة لنا فيه غير أنه هاضم لحقوق شعبنا الصبار، ولم يأت بشئ سوى مزيد من الجرجرة والمعاناة، وقد سعت الخرطوم منذ وقت مبكر من أجل إصدار مثل هذا القرار البغيض لتستمر في سلب ترابنا و ثرواتنا ومواردنا الغالية ،والتي تفتقدها. ما يهمنا أن نقوله للإتحاد الإفريقي هو أن قراره هذا لا يعنينا، ولا علاقة له بنا نحن في أبيي، وإذا كان يوجهه لدولتي جنوب السودان والسودان فهما الآن خارج الملعب، ولذلك نحن عازمون وماضون إلى الأمام بقيادة أُستاذنا المناضل "دينق ألور كوال"لتسجيل موقف عملي وتأريخي ،ولنثبتَ للعالم أننا أكثر جدية من الإتحاد الإفريقي الذي تَخَلَى عن رؤيته. وكلنا أبيي. بقلم/ بار منم بار. [email protected]