إعلان الفريق أول سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان عن رغبته بقيام استفتاء أبيى بذات الإرادة والاتفاق اللذين تحقق بهما استفتاء جنوب السودان، وتأكيده على أن قيام الاستفتاء من طرف واحد غير ممكن لدى مخاطبته ابناء دينكا انقوك بولاية واراب، فى سابقة هى الاولى من نوعها فى تعاطى الموضوع بصراحة ووضوح بحسب توصيف نائب رئيس دائرة أبيى فى المؤتمر الوطنى أثار دهشة الكثيرين، رغماً عن ذلك فسبق للرئيس سلفاكير أن قطع بقيام استفتاء أبيي، إلا انه بحسب تقارير إعلامية سابقة رجح أن الاستفتاء لن يقام في الوقت الذي تم تحديده -أى أكتوبر المقبل، وقال بحسب صحيفة المصير( لكننا سنستمر في التحضير لإجرائه، فنحن لا نريد الحرب، ونحن جاهزون للتعاون مع الخرطوم إن كانوا جاهزين لذلك، وسنقوم بذلك وليس هناك من مشكلة)... الخرطوم الرسمية اعتبرت حديث الرئيس سلفا عقلانياً ومتسقاً مع الجو العام الايجابى السائد فى علاقة العاصمتين جوباوالخرطوم عقب زيارة الرئيس سلفا للخرطوم فى أغسطس الماضى، الرئيس سلفاكير ذهب فى خطابه لتأكيد نظرته الجديدة حيال ملف ابيى بالتأكيد على تفهمه لتحفظات الرئيس البشير حول أبيى قبيل انعقاد الاجتماع المشترك بين مجلس السلم والأمن الأفريقى ومجلس الأمن الدولى، الأمر الذى قلل من مخاوف انطلقت فى وقت سابق من إحالة الملف المؤسسات الدولية والإقليمية، بعد أن ظل الألم هو العنوان المميز لقراراتها إزاء السودان بحسب قيادات الحزب الحاكم.. مجلس السلم والأمن الافريقى ثمة اجماع على امكانية أن يقترح أى شيء وكل شيء لكنه لن يلجأ الى فرض أى حلول، ويذهب كثيرون الى ان المجلس يفتقد الآلية الإلزامية التى يتمتع بها مجلس الأمن الدولى، بالتالى فلن يخوض تجربة اتخاذ قرار يمكن تجاوزه، مما يحرجه ويفقده سطوته، بالإضافة الى أن أى حل مفروض من شأنه أن يقوّض عملية السلام الدائرة، ويقطع الطريق على استكمالها، فإبداء الرئيس سلفاكير لمرونة كتلك التى تحدث بها يمكن أن يسهم فى تسهيل مهمة المجلس والوساطة.. الخبير فى الشأن الأفريقى بروفيسور حسن مكى يرى ان مخرجات المشهد تتوقف على ما تبذله الحكومة السودانية من جهود وقدراتها الدبلوماسية فى احتواء كلما هو متوقع فى ملف أبيى، مرجحاً إمكانية الجلوس والتفاوض مع عرّاب الملف د. فرانسيس دينق ممثل الجنوب فى الأممالمتحدة باعتباره الممسك بملف أبيى لدى الجنوب، والوصول معه لاتفاق حلول باعتباره كبير دينكا أنقوك، والتفاهم معه يعنى التفاهم مع المجتمع الدولى من جهة والتفاهم مع دينكا انقوك وجوبا من جهة أخرى.. شخصنة الملف وحصره فى د.فرانسيس دينق، بدا لمحللين نوعاً من التبسيط المخل لقضية تتسم بالتعقيد فى ظل وجود تيارات مختلفة الدوافع فى ملف أبيى ولا تتفق الا على أنها تتبع للجنوب، فثمة تيار يعتد على أبيى باعتبارها قيمة سياسية تثقل موازينه فى جوبا ازاء تيارات اخرى منها مايعرف بتيار أبناء ابيى فى الحركة الشعبية مثل د. لوكا بيونق وإدوارد لينو ودينق ألور، وتيار يرى ان نجاحه فى اقتطاع أبيى من الجسد الشمالى جنوباً سيزيد من رصيد الالتفاف السياسى حوله لحد التحالف بينه وبين تيار أبناء أبيى فى مواجهة تمدد تيارات الحركة الشعبية الأخرى سواء عسكريي الحركة الشعبية أو تيار القبائل الكبرى ويمثله باقان أموم المغضوب عليه من سلفاكير.. خبير المنظمات والعمل الطوعى د. عبد الناصر سلم يرى ان مجلس الأمن والسلم الأفريقى فى موقف صعب بسبب الضغوط السلبية التى يمكن ان تقع عليه، كاشفاً بحكم عضوية منظمته- المركز الافريقى لدراسات حقوق الإنسان بالسويد- فى الاتحاد الاوروبى لتعرض المجلس الافريقى لضغوط أوروبية كبيرة من شأنها إعلان أبيى جنوبية، وبرر ضغط الاتحاد الاوربى بقوله ل(الرأى العام)(الضغوط تأتى بحكم دعم مجموعات أوروبية لتوجه الحركة، ونجاح ابناء المنطقة فى حكومة الجنوب وأدوارهم فى اقناع المجموعات وأجهزة السلطة الأوروبية)واضاف(هناك تحالف لأبناء الجنوب فى الاتحاد الأوروبى لخدمة ملف أبيى والملفات الأخرى، ويرى ضرورة أن يذهب الملف الى الأممالمتحدة أو التحكيم الدولى) وتابع(بالتالى بحث الملف داخل مجلس السلم والامن الافريقى وبين الرئيسين يعد نصراً للدبلوماسية السودانية بكل الحسابات ، حيث استطاعت خلق حاجز معنوى ونفسى لدى الوساطة من اتخاذ قرار إحالته خارج أضابير القارة، ويجب استثمار ذلك) واعتبر سلم أن سيناريو إحالة الملف للمؤسسات الدولية او إعلان أبيى جنوبية يهدد اتفاق السلام الموقع مؤخراً وقال( المسيرية لن يسكتوا).. روح وإرادة إنجاز استفتاء جنوب السودان اقترن بتكوين مؤسسات ساهمت فى نجاح الأمر ، هكذا فكر سلفاكير فى النظر لاستفتاء أبيى ، لكن الفترة الماضية شهدت تلكؤ الطرفين السودانى والجنوبى فى الاتفاق على إنفاذ خطوة تكوين المؤسسات والقى كل طرف باللائمة على الطرف الآخر، وأعلنت الخرطوم على لسان مسئوليها فى اكثر من مناسبة رفضها لمقترح استفتاء أبيى فى أكتوبر، وشجعت تقسيم المنطقة، وظلت حجة الخرطوم فى أن الاستفتاء سيؤدى الى انضمام المنطقة لإحدى الدولتين ما يجعل الطرف الآخر غير موافق، فيما رحبت وأصرت دولة جنوب السودان على تنفيذ خيار الاستفتاء، النور احمد ابراهيم عضو لجنة التعبئة السياسية بأبيى فى حديثه ل(الرأى العام) أمس، اعتبر حديث الرئيس سلفاكير يخص الجنوبيين ويستهدف دينكا انقوك اكثر من المسيرية وقال(سلفاكير يعلم تماماً أن المجتمع الدولى مرتب ومؤسسى وطالما هناك تفويض للسلم والأمن الافريقى فى النظر للملف لأنه لن يتجاوز ذلك للتقرير بشأن أبيى لما لذلك من فوضى وفقدان للثقة فى المؤسسات الاقليمية) واضاف(حديث الرجل سيحدث ردود فعل داخلية تقلل من الاحتقان بين المسيرية ودينكا انقوك، لكنها لن تمنح المسيرية الاطمئنان الا بتجاوز الاستفتاء لموضوع شهر اكتوبر الذى نرفضه قطعاً) القيادى المسيرى أكد فى حديثه أهمية أن يتطرق سلفاكير لنصوص البروتوكول المتحدثة عن (دينكا انقوك وآخرين) مطالباً بالنص بشكل واضح على اهمية عدم تجاوز المسيرية فى النظر للملف لأن ذلك يعنى عدم القبول بأى حال من الأحوال. .