القائم بالأعمال الأمريكي يجوب أرض السودان آمناً مطمئناً لا يخشى الله الذي نؤمن به وننفي وجود إله غيره، ولا يخشى الإرهاب الذي تدَّعيه أمريكا وتجعل من السودان دولة راعية له!! عندما تقول أمريكا إن دولة في هذا العالم راعية للإرهاب فإن كل مواطن ينتمى إلى هذه الدولة هو إرهابي تجتنبه الإدارة الأمريكية وحتى المواطن الأمريكي الذي تسيطر على تفكيره الآلة الإعلامية الرهيبة التي تعطل تفكيره فالآلة الإعلامية هي التي تفكر له!!! لو أن هناك دولة واحدة قامت على الإرهاب لما كانت هذه الدولة إلا أمريكا، التي قامت على جثث السكان الأصليين من الهنود الحمر، الذين استولى المهاجرون على أراضيهم بعد إبادتهم إبادة تامة وقد بلغ عدد القتلى من سكان أمريكا الأصليين عشرين مليوناً!!! ومنذ ذلك الوقت يشعر الأمريكيون بعقدة الذنب التي لازمت الأجيال الجديدة.. فعقدة الذنب هذه صارت ميراثاً من جيل لآخر!!! كم قطعة سلاح يحملها المواطن الأمريكي في منزله، خوفاً من عدو مجهول؟! والسلاح هو أكثر أنواع التجارة رواجاً في أمريكا!! وعقدة الذنب هذه التي لازمت المواطن الأمريكي استغلتها الإدارة الأمريكية أبشع استغلال حيث تقوم السياسة الأمريكية على تخويف المواطن الأمريكي الذي ورث الخوف أباً عن جد من عقوبة الجرائم التي ارتكبوها في حق المسالمين من أصحاب الأرض الحقيقيين، فتعلن الإدارة الأمريكية لشعبها أن غرينادا خطر على الأمن القومي الأمريكي فيعطي الشعب إدارته التأييد لغزو غرينادا التي لا تستطيع أن تحمل شوكة لتطعن بها أمن المواطن الأمريكي!!! كوريا، ڤيتنام، أفغانستان والعراق رغم بعدها عن أمريكا إلا أنها جميعاً تمثل خطراً على الأمن القومي الأمريكي والمواطن الذي ورث عقدة الذنب يصدق ويؤيد ويصفق للقتل والتنكيل والإبادة!!! وعقدة الذنب هذه تستغلها الإدارة الأمريكية أسوأ استغلال فبعد الحرب العالمية الثانية وبعد أن تم إنهاك الحلفاء، وتقدم الاتحاد السوڤيتي الذي تحمَّل الصدمة الأولى وأخذ يتقدم تجاه أوروبا، دخلت الولاياتالمتحدة لا لمساعدة أوروبا إنما لوراثة الإمبراطورية البريطانية والفرنسية، وقد دفعت أوروبا ثمناً غالياً لمساعدات أمريكا التي تم دفع قيمتها ذهباً وعندما نفد الذهب في أوروبا أخذت الثمن لوحات فنية لعظام الرسامين الأوروبيين والمقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن!! ومع ظهور أمريكا كغني حرب ووراثتها لبريطانيا وفرنسا كان لا بد أن يكون هناك عدو يخيف الشعب الأمريكي فكان ذلك العدو هو الاتحاد السوڤيتي، واستمر تخويف المواطن الأمريكي من العدو السوڤيتي المزعوم إلى أن سقط الاتحاد السوڤيتي!! وكان لا بد من خلق عدو جديد فكان ذلك العدو هو الإسلام ولكن لم يصرح باسمه بل أشير إليه باسم حركي هو الإرهاب!! ومادامت العقلية الأمريكية المبنية على عقدة الذنب تحسب كل صيحة عليها هي العدو فقد تقبلت هذه العقلية العدو غير المحسوس والوهمي المسمى بالإرهاب. فتحت شعار الحرب على الإرهاب أبادت أمريكا الملايين وشردت عشرات الملايين في أفغانستان والعراق وباكستان، كل هذا نال الضوء الأخضر من غالبية الشعب الأمريكي الذي انتخب بوش مرتين متتاليتين وبأغلبية كبيرة. لم تجد سياسة العصا الغليظة أي نجاح فكانت الهزائم في كوريا وڤيتنام وأفغانستان والعراق وكلفت هذه السياسة أمريكا كثيراً بل وأدخلت العالم في أزمة اقتصادية يجد صعوبة في الخروج منها!! فكانت سياسة الدبلوماسية الذكية التي ابتدعتها هيلاري كلينتون، وهي دبلوماسية في رأيي غبية، إذ كيف توقع العقوبات على شعب بالدرجة التي تلحقه مرحلة الإفلاس، ثم تأتي لطوائفه الدينية لتسكب عليها دموع التماسيح «فالتمساح وهو يلتهم فريسته تسيل دموعه»! إن كل مسلم في نظر أمريكا هو إرهابي، والمواطن السوداني يعاني الأمرين إذا أراد تأشيرة لأمريكا، حيث تسلبه السفارة مئات الجنيهات ويأتي الرد بالرفض ولا ترجع له السفارة ما سلبته منه، وإذا أراد إعادة الطلب يدفع ذات المبلغ مرة ثانية وثالثة وعاشرة!! هذا نوع واحد من أنواع الدبلوماسية الذكية!! أمريكا أكثر دول العالم استغلالاً لطيبة الشعوب، وقد بدأت استغلالها السيئ هذا حين وطئت أول أقدام أوروبية الأرض الجديدة، والمواطنون قابلوا الزوار الجدد بالترحاب وقابلهم كولومبس بالذخيرة القاتلة!!! والآن وبعد أن عجزت أمريكا عن فرض هيمنتها بالقوة عمدت إلى الدبلوماسية الذكية التي تطلب ود أهلنا البسطاء من طرق صوفية وزعماء عشائر ليدسوا لهم بالدبلوماسية الذكية السم في الدسم!!! من الصفات الطيبة التي يتصف بها الشعب السوداني بكل فصائله هي الكرم وتتجلى هذه الصفات عند أهل الصوفية وزعماء العشائر وعموم قبائل السودان فهم يكرمون الضيف أيًا كان، ويؤوون الدارس للقرآن الكريم حتى يحفظه، وقد أقاموا لذلك الخلاوي والتكيات يطعمون الدارسين ويؤوون العابرين كل هذا ابتغاء مرضاة الله!!! في أمريكا يدركون هذه الخصال جيداً وكما استغلوا عقدة ذنب الشعب الأمريكي يريدون كذلك استغلال تلك الخصال الحميدة لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية!!! القائم بالأعمال يعلم تمام العلم بأن رفع العقوبات التي فرضها الكنغرس الأمريكي أصبحت ضمن قوانين الدستور الأمريكي، ورفع العقوبات هذه تستلزم تعديل الدستور وهذا الأمر يحتاج لعقود من البحث والمناقشات!!! العقوبات التي يمكن رفعها هي تلك التي يوقعها رئيس الجمهورية دون عرضها على الكنغرس وهذه أيضاً يتم تجديدها سنوياً بواسطة أوباما الذي قال القائم بالأعمال لأهلنا الطيبين أنه يُبلغهم تحياته، وقد رفع كلنتون قبل أكثر من اثني عشر عاماً الحظر عن استيراد الصمغ العربي من السودان بعدأ ن احتجت لديه كبرى الشركات الأمريكية!!! يكذب القائم بالأعمال على نفسه وعلى أهلنا الطيبين إن قال إنه سيعمل على رفع العقوبات عن السودان وشعبه الذي يصفه بلسانه لا بقلبه أنه شعب طيب مضياف، وأقول لأهلنا وسادتنا في الطرق الصوفية وزعماء العشائر إن السياسة الأمريكية ترمي إلى إجلاء أهل السودان عن أرضهم وهي التي دعمت جون قرنق الذي قال في إحدى محاضراته في أمريكيا وصفق لها الأمريكيون، إننا نبني سوداناً جديداً بالإحلال والإبدال، هذه محاضرة موثقة صفق لها الأمريكيون كثيراً!!! وأخيراً أود أن أتوجه للسلطات السودانية ووزارة الخارجية وأسأل: لماذا يُترك القائم بالأعمال الأمريكي يسرح ويمرح في أرض السودان كما يحلو له، وسفير السودان في واشنطن يتحرك داخل دائرة قطرها خمسة وعشرين كيلومتراً؟! هل تسمح الدبلوماسية الذكية للقائم بالأعمال الأمريكي بأن يمرح في السودان كما يشاء وتمنع بذات القدر من الذكاء السفير السوداني في واشنطن تجاوز الخمسة والعشرين كيلومتراً؟! هل تسمح الدبلوماسية الذكية بأن يقابل القائم بالأعمال الأمريكي زعماء القبائل والشيوخ وسادة الصوفية، وتمنع بذات القدر من الذكاء الرئيس السوداني من إلقاء كلمة في الأمممالمتحدة وهي المنبر المشاع لكل زعماء العالم للحديث فيه؟! ومبنى الأممالمتحدة ملكية عالمية وليست أمريكية. لست مؤيداً لنظام الحكم ولكن الرئيس هو رمز الدولة وقد أراد الذهاب إلى نيويورك ليس بصفته الشخصية إنما رمزاً للشعب السوداني الذي تحاول أمريكا استقطابه بما يُعرف بالدبلوماسية الذكية!!! ما عهدنا شعوباً تتحدث مع دول، فللشعوب حكومة تمثلها وما تقوم به أمريكا يعني أن سياستها تجاه السودان لا تعتبره دولة إنما مجموعة قبائل وعشائر وطرق صوفية يمكن الحوار معها بمعزل عما يسمى الدولة!!! وهذه السياسة طبقت على قبائل الهنود الحمر فحاربوا بعضهم البعض. وهذه سياسة خطيرة ترمي في نهاية الأمر إلى خلافات بين الطرق والعشائر والقبائل تفرق بينها والطرق الصوفية توحدها العبادة وتتبادل الاحترام والمودة فيما بينها فهل من وحدته لا إله إلا الله تفرقه أمريكا؟! إنها لعمري سياسة غبية؟! وكلمة أخيرة أوردها للذين يظنون أنهم عبر ما يسمى بالدبلوماسية الذكية يمكنهم رفع العقوبات عن السودان أورد لهم مثال كوبا التي ترزح تحت نير العقوبات منذ أكثر من نصف قرن، والغريب في الأمر أن أمريكا هي من يريد رفع العقوبات ولكنها لا تستطيع لأنها مكبلة بالدستور!! سأقود حملة جمع توقيعات تطالب المجلس الوطني بوضع تشريع يمنع تحركات الدبلوماسيين الأمريكان داخل السودان ومعاملتهم بالمثل!!! [email protected]