البرنامج التلفزيوني الذي يقدمه الاستاذ حسين خوجلي هذه الايام عبر فضائية ام درمان يعد ظاهره تستحق ان يقف الانسان عندها.فالنقد باريحية شديده لكل الشان السوداني في السياسه والثقافه والاقتصاد والحديث في المسكوت عنه منذ زمان طويل كل هذا يجعلنا نصف البرنامج بالظاهره . والسؤال الذي تبادر الى الذهن من خلال متابعتنا لبعض حلقات البرنامج كان عن الابعاد السياسيه لهذا البرنامج؟هل هي عملية تنفيس للشعب كمايصفها البعض؟ام هي مرحلة سياسية جديده(نيو لوك)للانقاذ عرابها والمبشر بأطروحاتها السياسيه وخطها الفكري هو الاستاذ حسين خوجلي؟ أيا كان الجدل حول هذا الامر .الا ان النقد الكاوي للسلبيات والحديث بلا خشية او حساسية من الحرج والاحراج في الحديث عن المسكوت عنه . هذا في تقديري من لوازم المراجعه لكل السلبيات والاخفاقات التى مر بها السودان منذ بدايات رفع العلم قبل اكثر من خمسين عاما .والاصلاح__اذا كنا ننشد الاصلاح__لايتم الا بالنقد الحارق والشفاقيه الكاشفه والمكاشفه الصريحه.وهذا لن يتم الا بتفعيل مواد الحريات العامه بالدستور وعدم حجب الراي الحر وعدم فرض رقابه على الاعلام والامتناع عن مصادرة الصحف بعد الطبع بقرارات اداريه او توجيهات سياسيه .وكذلك تنقيح القوانين وتنقيتها من الشوائب التى تتعارض مع الدستور وتتعالي عليه وتقزم مكتسباته وخاصة فيما يتعلق بالحريات العامه وعلى رأسها الحريه السياسيه بكل لوازمها الاساسيه..حرية الراي وحرية التجمع وحق التظاهر وحرية المعتقد والتبشير بالمعتقدات الى اخر الحريات السياسيه المعلومه. هذا هو المناخ الطبيعي الذي يثمر فيه النقد الباني ويزدهر فيه الحوار البناء أما النقد في ظل القوانين المقيده للحريات والقوانين التى تتعارض مع الدستور فانه لايعدو ان يكون منحة خاصه وحصريه لن تؤدي للاصلاح المنشود مهما تعالى صوت الناقدأو حسنت نواياه قد بشغل الناس بالامر لبعض الوقت انشغالهم بأي ظاهرة طارئه ولكن..سرعان مايفتر حماسهم وتظل الاحوال كماهي محلك سر. المطلوب أذا ان يكون حق النقد مشاعا ومكفولا للجميع بحكم الدستور والقوانين وان لايكون قاصرا على برنامج تلفزيوني رغم تقديرنا الكامل للجهد المقدر الذي يبذله الاستاذ حسين فى اعداد برنامجه. ولقد حدثني من اثق فى صدق حديثه والحديث ذو شجون كما يقولون ان الاستاذ حسين خوجلي تعرض ضمنا وفي حلقة الاثنين6/يناير2014 وتناول بالحديث احتجاجات سنتمبر الاخيره التى صاحبت رفع الدعم عن المحروقات وتحدث عن ضرورة تقيم الجناة الذين اغتالو الشهداء للمسائله والمحاكمه واعتبر قضية الشهداء من القضايا التى لاتسقط بالتقادم. وهذا لعمري قول سديد ومطلب عادل وشرعي تقره القوانين الوضعيه وتسنده الشرائع السماويه والنفس التى حرم الله قتلها الا بالحق لايجوز شرعا وعدلا ان يراق دمها هدراولايجوز ان تموت سنبله ويقيني ان المساءلات والمحاكمات اذا مابدأت لن تكون قاصرة فقط على الجناةالذين اغتالو شهداء احتجاجات سبتمبر الاخيره ذلك ان الانقاذ من أكثر الحكومات الوطنيه في السودان التى جابهت مظاهرات شعبها السلميه بالرصاص الحي وجميع الشداء في تلك المظاهرات والاحتجاجات السلميه لاتسقط قضاياهم بالتقادم ..وهذا حق قانوني معلوم للجميع والشواهد على ذلك كثيره. ومن اشهر المظاهرات السلميه التى جابهتها الانقاذ بألتها العسكريه مظاهرة بور تسودان في التاسع والعشرين من يناير 2005م والتي سوف تهل علينا ذكراها التاسعه بعدأيام قليله. والان . وبعد كل هذه السنوات عندما نقلب المواجع في احداث ذلك اليوم نجد ان أن الانقاذ قد أخطأت خطأ قاتلا وجسيما وتخبطت تخبطا مشينا في تعاملها مع احداث ذلك اليوم واتخذت أسوأ القرارات السياسيه عندما ارسلت فيلقا عسكريا من الخرطوم بكامل عتاده الحربي لفض مظاهرة سلميه في بور تسودان. وعندما هبط الجنود كانو يتساءلون ..وين ديم العرب ده.. وين الأ دروبات ديل ويتلفظون بألفاظ نابيه ذات صبغة عنصريه يعف اللسان عن ذكرها. وعندما وصلت جموعهم لديم العرب بدأ القتل على الهويه لايهم ان كنت من المشاركين في المظاهره أو كنت بعيدا عن ساحتها يكفي ان تكون من الأدروبات. ومن مفارقات القدر الحزينه ان مواطنا من من أبناء جبال النوبه كان من الشهداء في تلك الاحداث وماكان هذا المواطن الشهيد من المنظمين للمظاهره ولاكان من المشاركين فيها ولكنه كان فقط متواجدا في الحي المستهدف ولسوء حظه كان يرتدي في ذلك اليوم الزي البجاوي المميز.. وكان هذا هو الجرم الذي أودى بحياته ...رحمه الله في ضحى ذلك اليوم حصدت الاله العسكريه للانقاذ أكثر من عشرين شهيدا من أبناء البجا وخلفت اعدادا من الجرحى والمعوقين ومن المفارقات الحزينه ايضا ان شهداء البجا في انتفاضة 1948م ضد الجمعيه التشريعيه في عهد الاستعمار كانو سبعة شهداء وفي عام 2005م عهد الانقاذومشروعها الحضاري تضاعف العدد ثلاثة اضعاف .هذه مفارقة حزينه سبق ان اشرنا اليها من قبل ونكررها اليوم لأنها تستحق التأمل. لم تكتف الانقاذ بهذه الاخطاء الجسيمه ولكنها تمادت في المكابره وعدم الشفافيه عندما تكتمت ومازالت تتكتم على النتائج والحقائق التى توصلت اليها لجنة التحقيق التى كونها السيد وزير الداخليه في تلك الايام.وفي التفاف حلزوني لطمس معالم القضيه لجأت الحكومه لمعالجات هشه وفطيره أسمتها (بالمعالجات الاجتماعيه) وتتلخص تلك المعالجات في الضغط على أولياء الدم للقبول بالديه.وهذا حكم شاذ وغريب لأن الشرع والقانون يبيحان لأولياء الدم ثلاثة خيارات . المطالبه بالقصاص.أو القبول بالديه أو العفو التام والانقاذلم تقدم أحدا للقصاص واستعصمت بكبريائها ولم تطلب العفو من أولياء الدم ولكنها فرضت عليهم القبول بالديه ظنا منها بأن دفع الديه يؤدي لطي هذا الملف للابد..رغم ابعاده السياسيه والاجتماعيه والقانونيه وأثره البالغ في خلخلة بنيان الوحده الوطنيه فهل نجحت الانقاذ في مسعاها ؟اشك في ذلك كثيرا كثيرا من اولياء الدم استنكرو هذا التعالي الحكومي الذي يسلبهم حقهم الشرعي والقانوني في التقاضي ورفضو في اباء وشمم استلام الديه ومازالو يرفضونها رغم مرور كل هذه السنوات وهم ماضون في المطالبه بحقهم القانوني رغم العراقيل والمتاريس التى تضعها الحكومه في طريقهم...وبهذا تظل القضيه معلقه في رقبة الانقاذ. والغريب في الامر أن الانقاذ لاتطرح مبادرات ولاتقترح حلولا للخروج من هذا المأزق الذي ادخلت نفسها فيه.هي فقط تتقوقع في خانة المكابره وتحتمي بالانكار رغم ان الانكار في احداث بورتسودان عصي المنال..والسؤال المفصلي الى متى تظل احداث بورتسودان من القضايا المسكوت عنها وقداطل عامها التاسع. نقول هذا والله غالب على امره هاشم اونور مصطفى __حي دبايوا [email protected]