كنت جهّزت أفكارا عامة وهيأت قلمي لتناول موضوع القطاع الخاص بشكل عام و دوره الضعيف في اقتصاد البلد ألّا أنّ أمرا أخر فرض نفسه بحكم الأهمية و التوقيت و المرحله و القلق و "البهدله "التي يعيش فيها الأسر"طيّب قل بعضها" في هذه الايام وهو لا يحتاج للتوضيح والتفصيل فالأسر مشغولة هذه الايام بنهاية العام الدراسى وامتحانات مرحلة الاساس و الشهادة الثانوية ..نعم هذا هو موسم الحصاد و الانتقال من مرحله الي مرحله و الاسر قبل التلاميذ تعيش حالة عدم استقرار و قلق..يضحي الاباء و الامهات بوقتهم و بقليل المال (المدسوس للعوزه) في ظروف اقل ما يمكن ان نقول نحن "جيل اولاد الحكومه" أ و بالاحري اولاد الشعب السوداني ( يكون الله فى عونكم..كنّا فين و بقيتو فين)..كيف كان الحال لجيلنا الذي يدير البلد اليوم سواء علي مستوي الحكم او الاقتصاد او التعليم ....و المؤسف اننا حين ناخذ القلم للتوقيع علي القرارات لا نتذكر ما وفره الشعب السوداني عبر حكومته لتلاميذ و طلاب ذلك الزمن الذين لم يتعرضوا لما نشاهده و نعايشه فى هذا الزمان ..( و الله يا أستاذ أنا بتحرك من بيتنا فى "الدغش" للوصول قبل المحاضرة وأخوى الصغير عشان يلحق الطابور) بعد حكاية "البكور" ..في ذلك الزمن لم يكن هناك "ابوي غني".. "ابوي مسؤول" فالكل كان اولاد الشعب, والحكومه -الجهاز التنفيذي- مكلّفة لادارة شؤونهم بايسر الطرق و بأقوي الاليات فيما يتعلق بالسكن فى الداخليات أوالذهاب و العودة من المدرسه.. يا حليل ايام عم عوض في عطبره الثانويه( عليه الرحمة), شاى الصباح فى الصفرة نسمع جرس الطابور و نتحرك الي ميدان المدرسه و فى دقائق( صفا و أنتباه معتدل مارش) و امامنا الاساتذة الاجلاء الاساتذه – نذكر بعضهم و نعتذر لغيرهم: عبدالقادر عثمان ..عثمان عباس ..ود الطيب..يوسف الخير..ابشر الطيب..ونجيب و لبيب .. ملاسى وغيرهم و غيرهم ..و الناظر عبدالقادر حسن الضو.. طلسم .. عبدالرحمن عبدالله فى موقع الربّان يراقبون من بعيد (متع الله الاحياء بالصحة و يجازى الذين غادروا الفانية فى جنات النعيم).. حين نقرأ و نسمع عن رسوم الامتحانات و رسوم التصحيح ؟ نندهش!!! ونقول يا مغير الحال من حال الي حال و نقفز "بالزان" من مرحلة الحكومه تتكفّل و تتحمّل و تدير مرحلة الاساس الي مدارس فى "شقق"..لاطابور صباح و لا نحن جندالله جند الوطن...... الي مطالبة التلاميذ برسوم امتحان.. نعم نقدّر الوضع الاقتصادى و المشاكل التى تواجه البلد و ندعو الله ان يوفق القائمين بالامر للوصول لمعادله تعالج مشاكلنا الاقتصادية و الامنية و السياسية و ان يهدينا جميعا " عشان نبطّلو الشكل و نعملو انتاج " , ففى بلد بمصادر و امكانيات السودان لايجوز و لا ينبغى أن نكون فى وضع اقتصادى نطالب فيه تلاميذ الاساس برسوم للجلوس للامتحان.. لكن و الي ذلك الحين لا بد ان تتحمل الدوله مسئوليه تعليم الاساس من الالف الي الياء.. حين نقرا في الصحف مطالبه التلاميذ بمبلغ 18 جنيه(بالجديد) كرسوم امتحان .. نندهش.. فتعليم الاساس في كل الدنيا وحتى في عقر دار ادم سميث و غيرها مسئوليه الدوله..وحين يكون التعليم بخير فالوطن بخير كما قال تشرشيل بعد هزيمة بريطانيا و حلفائها فى الحرب العالمية (التعليم بخير- القضاء بخير أذن بريطانيا بخير.. نسمع ونقرا عن الرسوم.. وعن اب يشكو من ضيق ذات اليد و عجزه لدفع 4 جنيهات رسوم امتحان في احدي قري ولاية الخرطوم ..حين يقول طه حسين ان التعليم كالماء و الهواء فانه يعني ان لاحياه بلا تعليم و حين تقوم حكومات الانظمه الغربيه الراسماليه بتحمل كل تكاليف تعليم الاساس و نحن نطالب في العالم الثالث الفقير برسوم امتحانات فهذا امر يجب ان يعالج باي شكل من الاشكال ..و حين يكون التعليم متاحا لمن يدفع فاننا نضع المتاريس امام نهضة الامه فالامم لا تنهض الا بالعلم, و العلماء ياتون من النجباء و لا يشترط ان يكونوا من اسر تملك المال.. المبعوثون السودانيون من كاليفورنيا في الغرب الامريكي الي اقاصي الشرق اثبتوا جدارتهم العلمية و قدرتهم التي لم تات من فراغ و انما هو انتاج تعليم اساس جيد كما كنّا ننعم به.. والنبوغ في الاصل معادله: الموهبه الالهيه + التعليم الجيد=عالم ممتاز ..و هذا هو الذى ميّز السودانيين أينما حلّوا .... حال التعليم في البلد يحتاج لوقف جادة مجردة من اي عوامل حزبية أووجهوية ..تعليم الاساس مسؤلية الدولة وهوالقاعدة التي يقوم عليها بناء الامة .. و كان كذلك الي وقت قريب.. ابن الوزير والغفير في المدرسة الحكومية بمعلمين مؤهلين (يا حليل أيّام بخت الرضا) ...لادروس خصوصية لامدرسة خاصفة .لاحافلة, لا سيارات ... كل اولاد الحى يتعلمون من الاولية الى الثانوية معا ..مدارس ترعاها الدولة ..وظهرت المدارس الاهلية للضرورة (وهى غير الخاصة) في مرحلة الثانوية بعدد محدود و بمبادرات مؤتمر الخريجين و الحركة الوطنية بصفة عامة .. كانت مهنة التدريس مقدسة ومقدرة..كانت معاهد التربية و بخت الرضا" الان جامعة مع التحايا للاخ البروف الطيب عبدالوهاب مديرها" على طول البلاد وعرضها ..كان القبول لهذه المعاهد بعد تمحيص وتدقيق.. فهم المسؤلوون بدورهم عن اعداد المدرسين لحمل الرسالة .. قم للمعلّم وفّه التبجيل.. كاد المعلم ان يكون رسولا.. ومن علمني حرفا صرت له عبدا.. هناك في الغرب /اوربا امريكا الذي ننوم ونصحي علي ذمّها فأنّ مهنة المعلم مقدسة ومحترمة ( ونحن الذين تعلّمنا عقيدتنا : من علمنى حرفا صرت له عبدا و نصحنا بأن نسعى للعلم و التعلّم فى أقاصى الدنيا).. وحين ينال احد ابناء الاسرة هناك شرف الانتماء لمهنة المعلم فتلك مفخرة يجب ان يعلن عن الملا :يحكى احد الاخوة بانه لاحظ فى شارع شقته( فى لندن) الانوار والزينة فظن حسب ثقافتنا ان بنت الجيران تقدم لها خطيب ولكنه علم بان الاسرة تحتفل بقبول احد ابنائها في مهنة التدريس. وهذه شهادة يفتخر المعلم و اسرته و لابد ان يحاط من حولها بذلك... ان تعليم الاساس هو من أهم وأخطر مسؤوليات الدوله و اطالب بشده و احرض كل من يستطيع ان يفعل شيئا ان نعمل جميعا لعوده تعليم الاساس كما كان وأرى ضرورة أعادة النظر فى التعليم الخاص فى مرحلة الاساس لأنّه حوّل التعليم الى سلعة يقتنيها من يملك المال..مدارس فى شقق..عمارات و سط الاحياء وفى مواقع غير مناسبة و نعيد ونكرر القول لضرورة أعادة النظر فى وضع التعليم الخاص فى مرحلة الاساس الّا لظروف خاصة تتعلّق ببعض الفئات مثلا وأعتقد دون المساس بحرية الناس فى التعامل مع المال الذى حباهم أيّاه الرب الكريم بأنّ مساهمتهم ستكون أفضل وأجرهم عندالله أعظم لو وجهوا الملايين التى يدفعونها فى المدارس الخاصة الى دعم التعليم عموما عبر القنوات المختلفة خاصة تحت ظروف ضعف مساهمة الدولة فى ميزانية التعليم.. و ندعو ان يكفينا الله شر السياسه لانها تسرق النبغاء ( ثم يضيعو في هيصة السياسة ).. و اري بل اطالب بان تعود الدراسات الانسانيه ..الاداب و العلوم السياسيه و الاقتصاد لتاخذ مواقعها في نهضة البلد فانا استطيع ان ات باحسن مهندس و طبيب من اي مكان في العالم و لكن لا استطيع ان ات باستاذ يبني لنا الانسان ..ودى نظرة تقليل شأن هذه العلوم غرسها الاستعمار فى أطار الفلسفة الاستعمارية ..يعنى نلوم ناسنا ما لازم نرمى اللوم على غيرنا ... و الله المستعان و هو الهادى الى السبيل البروفسور عبدالفتاح عبدالله طه [email protected]