اللذين تحدثوا في ( ورشة الخدمة المدنية ) بالبرلمان الاحد الماضى من خبراء الادارة و القانون أجمعوا على جملة من الاسباب من وجهة نظرهم أدت الى تدهور الخدمة المدنية ، اهم هذه الاسباب تتعلق بالتدخل فيها من جهات اعلى وبسياسات التمكين و القرارات الفوقية من السياسين و( الحزب الحاكم ) ، اضافة الى الترقيات الاستثنائية و التخطى و تجاوز التسلسل الوظيفى و تحكم الادنى فى الاعلى و المرؤوس فى الرئيس و بالنتيجة التساهل فى تطبيق القانون و اللوائح المنظمة للخدمة المدنية و غض الطرف عن المخالفات و عدم محاسبة الفاسدين والمختلسين، من جانبها وزيرة العمل و الموارد البشرية اشراقة سيد محمود أقرت بغموض وتناقض قوانين الخدمة المدنية و اكدت الحاجة لتكوين لجان لمراجعة القوانين المنظمة للخدمة المدنية ، الدكتور الفاتح عز الدين رئيس البرلمان لخص الموضوع فى كلمة واحدة ( الخدمة المدنية = صفر ) ، قدرت احدى الدراسات عدد العاملين فى الخدمة المدنية ما بين ( 500 – 600 ) الف ، و يتضح من التقديرات انه لا توجد احصاءات رسمية فنسبة 20% زيادة او نقصان تدل على خلل كبيرو قصور واضح حتى ان وزارة المالية تتعامل باسماء الوحدات الحكومية و ليس لديها كشوفات تحدد الاسماء و فئات الرواتب ، ذلك ان كشوفات الخدمة تضم عناوين ( الخدمة المستديمة ، الخدمة الؤقتة، المتعاقدين، المنتدبين ، المعارين ، المتدربين ، الخدمة الوطنية )، و هى مسميات بعضها يخالف القانون صراحة و بعضها يتحايل على قانون الخدمة المدنية و القوانين الاخرى ، و البعض انشأ قوانينه الخاصة و منهم من استغل قانون الشركات لتطبيق انتقائى لقانون العمل لسنة 1997م و يجيز اللوائح المنظمة من مجالس الادارات و ليس من مجلس الوزراء كما ينص القانون ( شركات وزارة الكهرباء نموذجآ ) ، و يعضآ زاوج بين قانون الخدمة المدنية و قانون الشركات لسنة 1925 م مع قانون العمل لسنة 1997م و هو يخص العاملين فى القطاع الخاص و خرج بتوليفة اقرب الى الفوضى ، و اعطى بذلك لنفسه الحق فى اعطاء الحوافز و الامتيازات دون التقيد بأى قانون ، فاختلط الحابل بالنابل ، و اصبح التخويف و القهر الوظيفى و التعسف الادارى السمة الغالبة بدلآ من تقاليد الخدمة المدنية السودانية العريقة فتبددت الاموال العامة فى قوائم للمرتبات لمتوفين او مغتربين او مفترضين ( وهميين ) ، وفى نثريات الاسفار و الوقود لعربات الدفع الرباعى لصغار من الموظفين لا يحسنون نطق اسماء العربات التى يركبون ، يشاركون فى مؤتمرات لغتها الرسمية الانجليزية و يستعينون بالمترجم الالى و بالطبع لا يتداخلون او يشاركون و لكنهم يحسنون التسوق فيدخلون بتسهيلات الوفود الرسمية و يخرجون ، و بعضآ لا يتحدث اللغة الصينية رغم انه طلب العلم فى الصين ، اما لقب دكتور او مهندس فيوضع امام الاسم دون مؤهلات فى استهتار بقانون المجلس الطبى و المجلس الهندسى و المجالس المهنية الاخرى حديث يحدد القانون استحقاق اللقب العلمى باشتراطات مهنية و علمية و بسنين الخبرة ، بعد تعيين الرجال فى وظائف مرضعات كشفت الاستاذة بدرية سليمان عن تعيين سواقين تحت بند الخبرات النادرة فالجمت بالدهشة الحاضرين ، وما العجب فى ذلك ففى بلادنا العجيبة يرأس مهندس ديكور فطاحلة المهندسين فى التخصصات الكهربائية و الميكانيكية و الالكترونية فى احدى الشركات الحكومية التى سجلت كشركة خاصة وفقآ لقانون الشركات لسنة 1925 م ، و شركة اخرى حكومية خاصة يفوق عدد المتدربين و منتسبى الخدمة الوطنية اعداد العاملين المستديمين فى الخدمة المدنية ، و فيما يشبه السخرة تعين الوظائف الجديدة فى ذات الشركة بعقد مسمى الاجل (سته اشهر ) و يجدد لفترة مماثلة فى مخالفة صريحة لقانون الخدمة المدنية و لقانون العمل و يخالف قوانين منظمة العمل العربية و يخالف الحقوق المنصوص عليها فى العهد الدولى لحقوق الانسان و هو ما تضمنه صراحة الدستور الانتقالى لسنة 2005 م ،، نواصل ،، [email protected]