تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل فترة مقطع الراعي السوداني في السعودية الذي حاول أشخاص إغراءه ليبيعهم رأساً من الضأن من قطيع يقوم برعايته، لكنه رفض كل محاولاتهم متمسكاً بقيمه الدينية والسودانية الأصيلة. وجد الراعي بعد انتشار المقطع نفسه بين احتفاء وتكريم من هنا وهناك. وأصبح مشهوراً ونجماً لامعاً تتسابق وسائل الإعلام لاستضافته وإجراء حوارات معه. وقبل أيام مضت شدّ الراعي الأمين رحاله إلى السودان، ووجد حشوداً في استقباله بالمطار تقديراً لأمانته واحتفاء بمواطن عكس صورة مشرّفة للسودانيين خارج الوطن. في مشهد آخر ليس ببعيد، كانت وسائل الإعلام تتناول قضايا فساد بالجملة أبطالها رعاة الدولة السودانية من وزراء وولاة ووكلاء ومديرين وأصحاب نفوذ في دولة المشروع الحضاري، تشمل استغلال النفوذ في تملك الأراضي وجلب التقاوى الفاسدة وتبديد المال العام، إضافة إلى قصص أخرى أشبه بالخيال أبطالها أصحاب الأيدي المتوضئة وجماعة الصف الأول في صلاة الفجر. ليس غريباً أن تضعف النفس البشرية وترتكب جرماً لأننا بشر لسنا معصومين، لذا نصّت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية على العقوبات التي تحفظ المجتمعات وتحمي الحقوق وتردع المعتدين. الراعي الأمين رفض بيع رأس من الضأن خوفاً من الله واتساقاً مع تعاليم الدين الحنيف التي تحرّم السرقة، ولأن نفسه الكريمة تأبى خيانة الأمانة. لكن المحتفى به سيجد إسلاماً غير الذي يعرف، سيجد إسلاميين وضعوا عقوبات غير التي أنزلها الله في كتابه الكريم الذي يُتلى آناء الليل وأطراف النهار، وغير التي وردت في أحاديث صحيحة عن نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. سيجد إسلاماً مُحْدثاً خاصاً بالجماعة، عقوبته للسارقين من أتباعه ليست السجن ولا قطع اليد التي خانت الأمانة. سيجد عقوبات من شاكلة "التقويم وليس التجريم" و"حفظ سور من القرآن" و"التحلل"، وسيجد راعي الدولة يأمر بمنع النشر عن مواضيع الفساد حتى لا يدخل الكلام الحوش. حينها سيكتشف الراعي أن بين الإسلام الذي منعه السرقة وإسلام راعي السودان 14 قرناً. [email protected]