الحالة السودانية اليوم فى ظل هذا النظام المتخبط المحتار تضحك وتبكى فى آن واحد . والغريب ان هذا البكاء والضحك يتلازمان فى كل حالة على حدة . والاغرب ان ضحكنا على الحالة لا يأتى فرحا بها وانما حزنا عليها وبكاءنا على الحالة لا يأتى حزنا عليها وانما فرحا بها . نبكى ونضحك حتى تسيل الدموع غزيرة فيصعب تميز دموع الفرح من دموع البكاء فتختلط المشاعر والاحاسيس . اثبت بعض الباحثون ان الضحك ليس تعبيرا عن السرور فقط لانه يحدث لاسباب كثيرة ويهمنا منها هنا هو الضحك بسب المفارقة او المفاجأة او ما هو غير متوقع . بكاءنا على كل ماهو حولنا اليوم ليس فقط حزنا على واقعنا وانما ايضا تفريغا لشحنات عاطفية قد يتسبب كبتها فى امراض اخرى . وتجنبا للامراض دعونا نتمثل قول الشاعر محجوب سراج مرة اضحك ومرة ابكى ومرة اتحمل اسايا. مجموعة احداث تداخل فيها المضحك مع المبكى مرت ولم نتوقف عندها لنتبين هل هل مضحكة فقط ام مبكية فقط ام مبكية مضحكة ام مضحكة مبكبية . والتقديم والتأخير مقصودان . مثلا : يطل علينا بعد 25 عاما من ( العواسة ) و ( الدغمسة ) و ( المجمجة ) وهذا منسوبة لحميدتى يطل علينا نائب الرئيس زافا الى مسامعنا بشرى انتهاءعهد اكل المال العام .افرحنا الخبرحد تخمة الفرح لانه من الان ستكون اموالنا فى الحفظ والصون . وابكانا حتى بانت نواجزنا لان الخبر يمثل اعتراف رسمى من اعلى سلطة بان المال العام اكل يوم اكلت الديمقراطية فى 30 يونيو . بعد مرور 25 عاما من التبشير بان نأكل من ما نزرع ونلبس مما نصنع ها نحن الان ( نشرب من التانكرات )والشماعة ما زالت هى المؤامرة . حزنا لانه فى شعار ذلك الزمن لم يتم تضمين الشراب مع الاكل واللبس لانه لو كان قد تم لتحقق مثل ما اننا اليوم ناكل من ما نزرع ونلبس من ما نصنع . تابعت ذات مرة حسين خوجلى ناصحا الناس بالتحوط من شراء السلع المنتهية وغير المضمونة حيث قال بالحرف : الواحد لازم يركب عربيته ويمشى حلة كوكو ويشترى كمية من الحليب ويحفظها بالثلاجة حتى لا يكون مضطرا للشراء من الشارع . فرحنا بالفكرة وانقلب فرحنا حزنا حينما تذكرنا انه ليس هنالك عربية وتذكرنا بعدها اننا لا نملك ثلاجة واخيرا اذا وجد كل ما سبق فاننا لا نملك ما يؤهلنا لشراء رطل واحد ناهيك عن كمية كبيرة . فيا حسين هذه المقومات لا يملكها الا اصحاب المشروع الحضارى . مرة اخرى ابكانى حسين خوجلى حد القهقهة وانا اسمعه ينحدث عن المعسرين القابعين فى السجون واستدل بآية وليته لم يفعل لانها كشفت عن جهل هؤلاء المتأسلمون حتى بالقرآن . قال حسين : جاءالقرآن فى حق هؤلاء ( فنظرة الى ميسرة ) قالها بفتح الظاء وليته اكتفى بذلك لكنه اتبعها باشارة بسبابته الى عينه . ولا يعلم حسين احد حراس الدين فى السودان ان الصواب هو ( نظرة )بكسر الظاء والمعنى يختلف كليا عن ما يعتقده حسين صوابا. فالمحزن ان هؤلاء الرساليون غير ملمين بالدين . أدهشتنا الزغاريد التى اطلقتها وزيرة الرعاية الاجتماعية فرحا بحميدتى . وافرحتنا وزيرة اخرى هى تابيتا وهى ترقص ومن على المسرح ومطلة على ملايين المشاهدين لقناة النيل الازرق . فيبدو ان اختصاصات الوزيرات قد تداخلت لانه بينما كانت وزيرة الاعلام تحمل كلاشنكوف فى هجليج كانت وزيرة الكهرباء تتمايل مع انغام البلابل من على مسرح قاعة الصداقة وطالما انها It takes two to tango كانت برفقة مساعد الرئيس الذى لم يترك حفلة الا وكتلها شانه شأن ( البايرات ) الباحثات عن العريس . فيا فرحتنا بوزيرات مزغردات راقصات ومقاتلات. بالامس طالعتنا الاخبار التى حملت صور شيخ الامين برفقة مدير مكتب رئيس الجمهورية وهم يسلمون رسالة من الرئيس الى سمو الشيخ محمد بن زايد دون مرافقة سفير السودان بابوظبى .فرحنا للرسالة رغم اننا لا نعرف مضمونها لكننا نتوقع انه استجداء لعودة العلاقات مع الامارات وحزنا لغياب السفير لان هذا دوره وضحكنا من وجود شيخ الامين لاننا لا نعرف صفته الى جاء بها . البلدوزر ذلك الرسالى الذى ضبط فى رمضان وهو يعصى جبار السموات فى العام 2012 بالامس فقط اى بعد عامين من الحادثة تم القرار بشانه حيث اسقطت عضويته من تشريعى البحر الاحمر . لم يستغرق القرار بشأن مريم يحى اكثر من جلستين وابراهيم الشيخ تنعقد محكمته اليوم . نبكى بس . خبر آخر طازة يحمل الكثير من المدلولات وهو ( البرلمان يكشف عن وباء البروسيلا فى 30% من القطيع القومى ) افرحتنا الاكتشافات والفتوحات البرلمانية واحزننا وابكانا نوم الجهة المنوط بها هذا الكشف . وفرحنا ايضا لعدم تحديد القطيع لانه لو كان يشملنا لكان اول من يكشف عن ذلك نافع على نافع . هذا فقط غيض من فيض ما تضحنا به الانقاذ وتبكينا به فى كل يوم فالانقاذ كريمة ونحن نستاهل . [email protected]